اتجاه للإفراج عن الجاسوس «غرابيل» مقابل 19 سجينا مصريا بينهم 3 أطفال

مصادر مطلعة تحدثت عن «لمسات نهائية لصفقة تبادل سجناء مع إسرائيل»

TT

قالت مصادر مصرية إنه يتم حاليا وضع اللمسات النهائية في إطار صفقة تبادل جديدة مع تل أبيب، بما يعني أن هناك اتجاها يتضمن الإفراج عن الإسرائيلي المتهم بالتجسس في مصر، إيلان تشايم غرابيل، مقابل نحو 16 سجينا مصريا و3 أطفال معتقلين.

وبينما رفضت مصادر دبلوماسية وصف المصريين المسجونين في إسرائيل بـ«الأسرى» مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنه «وصف غير دقيق بالمرة»، أوضح الخبير الأمني، سامح سيف اليزل، أن مصر تتفاوض من أجل معتقليها المتهمين بقضايا أمنية وعسكرية فقط وليس جنائية، وأنهم يقدرون بنحو 25 سجينا. وأعلنت وزارة الخارجية المصرية قبل يومين أنها تعد لمبادلة الجاسوس الإسرائيلي المحتجز في مصر بناء على تكليف من مجلس الوزراء المصري.

واعتقل غرابيل (27 عاما)، وهو يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والأميركية، في القاهرة في الثاني عشر من يونيو (حزيران) الماضي، ووجهت له اتهامات تتعلق بالتجسس وتجنيد عملاء، والعمل على الوقيعة بين الشعب والجيش، وإثارة الفتنة والاضطرابات في مصر، كما أضيفت له لاحقا تهمة التحريض على حرق أقسام الشرطة أثناء الثورة، هو ما نفاه غرابيل وإسرائيل.

وهاجر غرابيل إلى إسرائيل عام 2005 قادما من نيويورك، وخدم بجيش الدفاع الإسرائيلي أثناء الحرب على لبنان عام 2006.

وقبل أيام، أشارت تقارير إعلامية إلى أن صفقة التبادل مع مصر ستتضمن الإفراج عن 81 سجينا، هم كل السجناء المصريين في السجون الإسرائيلية. لكن الخبير الأمني المصري اللواء سامح سيف اليزل، قال إن الصفقة لن تتضمن الإفراج عن أكثر من 25 سجينا مصريا، إضافة لثلاثة أطفال قبض عليهم في الرابع عشر من يوليو (تموز) الماضي، بتهمة التسلل غير الشرعي لبيع سجائر داخل الحدود الإسرائيلية، وحكمت محكمة بئر سبع ببراءتهم لكن النيابة الإسرائيلية قامت بنقض الحكم.

وقال اليزل: «المفاوضات جارية حول سجناء اعتقلوا لأسباب أمنية أو عسكرية»، نافيا أن تكون مصر قد تخلت عن بقية أبنائها في إسرائيل، وتابع: «بقية السجناء متهمون بقضايا تهريب مخدرات أو جرائم قتل أو جرائم شخصية تتعلق بزواج المصريين من إسرائيليات، والإفراج عنهم سيشجع غيرهم على السير على خطاهم».

وتأمل إسرائيل في أن تتضمن صفقة التبادل الإفراج عن جاسوسها الآخر، عوديه ترابين، المحكوم عليه بالسجن لـ15 عاما في مصر، منذ عشرة أعوام، لكن مصادر أمنية مصرية نفت أن يكون ترابين ضمن صفقة التبادل الوشيكة.

وتقول جريدة «هآرتس» الإسرائيلية إن إسرائيل ترفض الإفراج عن كل السجناء المصريين لديها للمساومة بهم من أجل الإفراج عن الجاسوس ترابين.

ويرى مراقبون أن مصر ستفرج عن غرابيل بـ«ثمن بخس»، في إشارة لعملية تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، التي شملت الإفراج عن الأسير الإسرائيلي «جلعاد شاليط» مقابل 1027 أسيرا فلسطينيا. لكن اليزل توقع تضمن الصفقة المصرية بعض البنود السرية الخاصة ببعض المطالب المصرية العسكرية والأمنية، رافضا الإفصاح عن فحواها.

وعلى الرغم من نفي وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا قيامه بأي مفاوضات مباشرة مع المسؤولين المصريين بشأن الإفراج عن غرابيل، خلال زيارته للقاهرة أوائل الشهر الحالي. في حين أفادت تقارير صحافية بأن هناك ضغوطا أميركية على مصر للإفراج عن غرابيل، قال اليزل: «المفاوضات الجارية بشأن غرابيل ثلاثية الأطراف، مصرية إسرائيلية أميركية، لكن لا توجد أي ضغوط من أي نوع على مصر للإفراج عن الجاسوس»، وتوقع أن تتم الصفقة قبل عيد الأضحى المبارك، الذي يحل بعد أسبوعين.

من جهة أخرى، رفض مصدر دبلوماسي مصري في وزارة الخارجية، وصف المصريين المسجونين في إسرائيل بالأسرى، معتبرا أنه وصف غير دقيق بالمرة، وقال: «لا يوجد أسرى حرب مصريون في إسرائيل، والأدق هنا استخدام لفظ سجناء، لأنهم مدانون بجرائم تخالف القانون الإسرائيلي».

وقال المصدر إن حالة الغضب التي أصابت العلاقات المصرية - الإسرائيلية هدأت بفضل التفاوض المصري الذي أدى لنجاح صفقة شاليط، وإنها شكلت نقطة إيجابية بعد شهرين من التوتر الشديد على خلفية مقتل جنود مصريين على الحدود منتصف أغسطس (أب) وما تبعه من اقتحام مصري لحرم السفارة الإسرائيلية في القاهرة.

ويعتقد المصدر الدبلوماسي المصري أن المصلحة العليا في مصر الآن هي تهدئة الجبهة الخارجية، خاصة العلاقات مع إسرائيل، وعدم الدخول في مهاترات لا فائدة منها، مؤكدا أن الجبهة الداخلية أولى الآن بالجهود المصرية. وانتقد سياسيون مصريون التفاوض حول الإفراج عن غرابيل قبل محاكمته أمام القضاء وصدور حكم بحقه، لكن الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي، قال إن «الدول تولي الاعتبارات السياسية المتعلقة بالأمن القومي اهتماما يفوق أي اعتبارات قانونية»، وقال سلامة لـ«الشرق الأوسط»: «إن القانون الدولي يتحدث عن تسليم المجرمين وليس المتهمين، وغرابيل لا يزال متهما لأنه لم يصدر بحقه حكم جنائي نهائي». وأضاف: «القواعد القانونية لا يجب أن تقف حجر عثرة أمام مقتضيات الأمن القومي للدول»، معتبرا أنه ليس هناك فارق قانوني كبير بين تسليمه كمتهم أو مجرم.