الحكومة اليمنية ترحب بقرار مجلس الأمن والمعارضة تعتبره «في الاتجاه الصحيح»

قيادي في الحزب الحاكم لـ «الشرق الأوسط»: القرار متوازن وملزم للمعارضة.. وتصاعد المواجهات

يمنيون ينتظرون عند بئر في صنعاء للحصول على المياه وسط أزمة في إمدادات الماء تعاني منها العاصمة (أ.ف.ب)
TT

رحب الحزب الحاكم في اليمن بقرار مجلس الأمن الدولي، الصادر مساء الجمعة، بشأن الأوضاع في اليمن، في وقت رحبت فيه المعارضة كذلك بالقرار، وسط تصاعد لأعمال العنف بين الطرفين. وقال عبد الحفيظ النهاري، نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المؤتمر الشعبي العام، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن: «قرار مجلس الأمن جاء في ذات الاتجاه الذي يشتغل عليه الجانب الرسمي والمؤتمر الشعبي العام، أي باتجاه تفعيل المبادرات والاتجاهات الدولية. وتطبيق المبادرة في صورة واقعية تشارك فيها جميع الأطراف، وكنا نشعر بأن على المجتمع الدولي الضغط على أطراف المعارضة بحيث يتم التفاعل مع الدعوة للحوار لاستكمال جهود جمال بن عمر»، وأضاف النهاري: «نحن نرى أن القرار جاء متوازنا لجهة إلزام الأطراف الفاعلة في المعارضة بإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي تقوم بها أطراف فاعلة في المعارضة، وهو متوازن بمطالبته جميع الأطراف بالامتناع عن استخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية، كما أن القرار نص على ضرورة إيجاد تسوية سياسية على أساس المبادرة»، وأضاف النهاري: «والقرار متوازن أيضا لجهة دعوته لإزالة الأسلحة والمجاميع المسلحة من مناطق الاحتجاجات السلمية والامتناع عن الاستفزاز، وهذه دعوة تخص المعارضة مباشرة»، وقال النهاري: «إن القرار صريح في تعبيره عن قلق المجتمع الدولي من تنامي تنظيم القاعدة في اليمن، وهذا يحتم على أطراف في المعارضة أن تحدد موقفها من (القاعدة)، والكف عن التغطية الإعلامية واللوجيستية لهذا التنظيم». وصرح النهاري بأن هناك نقاطا «نأخذها على القرار، ولكن نحن نريد أن نعمم النظرة الإيجابية للتعاطي مع هذا القرار الذي يصب في مجرى ما ندعو أصلا إليه».

وكانت الحكومة اليمنية قد رحبت بالقرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، الذي حمل رقم 2014، وهو القرار الذي دعا الرئيس عبد الله صالح إلى التنحي عن السلطة والبدء الفوري في نقل السلطة وتنفيذ المبادرة الخليجية، وأبدى مصدر حكومي مسؤول استعداد صنعاء لـ«التعامل الإيجابي مع قرار مجلس الأمن الدولي»، وقال المصدر إن «القرار جاء متسقا مع جهود الحكومة اليمنية لوضع حل للأزمة السياسية وفقا لمبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، وأكد «التزام الحكومة اليمنية بكل مواثيق حقوق الإنسان». ودعت صنعاء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي ومنظومة الأمم المتحدة إلى «المشاركة الفاعلة في التوفيق بين الأطراف اليمنية للعودة لاستكمال الحوار لوضع آلية التنفيذ المزمنة للمبادرة الخليجية وضمان التزام الأطراف بتنفيذها»، وقالت، في بيان صادر عنها، أمس، بعد أقل من 24 ساعة على صدور القرار الأممي، إن المؤتمر الشعبي العام (الحاكم) وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي المتحالفة معه على «استعداد لمواصلة الحوار فورا مع أحزاب اللقاء المشترك لإخراج اليمن من الأزمة السياسية وبما يحفظ لليمن وحدته وأمنه واستقراره ويحقق انتقالا دستوريا وديمقراطيا وسلميا للسلطة، وفقا للمادة الرابعة من القرار، في إطار زمني متتابع يلتزم بقرار مجلس الأمن والمبادرة الخليجية». ولقي القرار الأممي الترحيب من قبل المعارضة اليمنية في تكتل «اللقاء المشترك» التي اعتبرته «خطوة في الاتجاه الصحيح»، وأن هذا القرار لن يمكن الرئيس صالح من «التلاعب» بعامل الوقت، كما حدث بالنسبة لمجلس التعاون الخليجي.

وعلى الصعيد الأمني، لقي عدد من اليمنيين، أمس، مصرعهم في مواجهات دامية شهدتها العاصمة صنعاء بين القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح، من جهة، وأنصار زعيم قبيلة حاشد والقوات العسكرية المنشقة، من جهة أخرى، في وقت رحبت فيه المعارضة اليمنية بالقرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي، الذي يدعو الرئيس صالح إلى التنحي وتسليم السلطة.

وتحولت مناطق شمال العاصمة صنعاء إلى مناطق أشباح جراء المواجهات والقصف الشديد الذي نفذته قوات صالح على أحياء الحصبة وصوفان والجراف وغيرها من المناطق، وقد شوهدت سحب الدخان وهي تتصاعد من أكثر من منطقة في المدينة، كما دارت مواجهات مسلحة بين القوات الموالية لصالح وأنصار الشيخ صادق الأحمر، زعيم قبيلة حاشد، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجانبين. وأكدت مصادر موثوقة لـ«الشرق الأوسط» مقتل 5 من جنود «الفرقة الأولى مدرع»، المنشقة، التي يقودها اللواء علي محسن الأحمر، وذلك في الاشتباكات التي دارت مع القوات الموالية، كما قتل 4 مدنيين في القصف الذي استهدف حي الجراف بالقرب من وزارة الاتصالات التي احترق أحد مبانيها بشمال العاصمة جراء القصف.

وفي الوقت الذي قالت فيه مصادر المعارضة في تكتل اللقاء المشترك إن الطيران الحربي شارك في قصف بعض مواقع معارضي النظام، أعلنت قوات الجيش المنشق والمؤيد لـ«الثورة الشبابية» أنه جرى التقاط مكالمة للرئيس صالح وهو يتحدث إلى نجله، العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، قائد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، وأخرى مع شقيقه قائد العمليات في الحرس الجمهوري، وأن الرئيس صالح طلب من نجله وشقيقه عبر الهاتف القيام بقصف بعض الأحياء، بغض النظر عن وجود سكان مدنيين وطلب منهما تصفية خصومه، غير أن المصادر الرسمية لم تؤكد أو تنفِ هذه الرواية.

وقال بيان صادر عن قوات الجيش المنشقة، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن صالح لم يتعظ من المصير الذي لقيه نظيره الليبي معمر القذافي، واتهم الجيش الرئيس بالسعي إلى إدخال البلاد في أتون حرب أهلية، وقال البيان إنه «أمام هذا التطور الخطير الذي يتحدى به صالح أبناء شعبنا والمجتمع الدولي والعالم أجمع، نجد أنفسنا في قيادة أنصار الثورة الشبابية الشعبية السلمية ومن منطلق مسؤوليتنا التاريخية أن نشعر جماهير شعبنا والعالم أجمع أن هذا (...) لم ولن يرتدع إلا بموقف دولي حازم وعاجل، فإن نوايا هذا (...) الانتقامية من أبناء شعبنا لن تتوقف وسيستمر في غيه وصلفه ليقود اليمن في نهاية المطاف إلى حرب أهلية طاحنة، بحسب تصريحاته المتعددة التي هدد فيها بهذه الحرب وبتفتيت اليمن إلى أربعة أشطار».

وفي مقابل الاتهامات التي تسوقها القوى المعارضة لنظام صالح بقصف منازل معارضيه، فإن السلطات اليمنية ساقت هي أيضا اتهامات مماثلة، وقال مصدر أمني إن «ميليشيات أحزاب اللقاء المشترك، وفي مقدمتهم التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين) وحلفائهم وأذيالهم والفرقة الأولى مدرع، قاموا بتفجير عدد من القنابل الصوتية في مختلف أحياء العاصمة سعيا منها لإرهاب وتخويف وترويع المواطنين الآمنين في مساكنهم من الأطفال والنساء والمرضى»، وأن تلك القنابل «أحدثت فزعا شديدا بين أوساط طلاب وطالبات المدارس جعلهم يهرعون إلى خارجها خوفا وهلعا من أصوات القنابل التي دوت مفزعة المارة من المواطنين».

واتهم المصدر خصوم النظام بإطلاق قذائف الهاون والرصاص عشوائيا على الأحياء السكنية بهدف تسريع عجلة العنف وتقريب شبح الحرب الأهلية، والدفع بالسلطات المعنية بحفظ الأمن والاستقرار إلى الانجرار نحو العنف، الأمر الذي يرفضه وبشدة كل العقلاء وتنبذه كل الأعراف في المجتمع اليمني»، وقال المصدر إن أحزاب المعارضة وقوات «الفرقة الأولى مدرع»، قامت بقصف مبنى وزارة الداخلية والأحياء المجاورة لها في منطقة الحصبة بالهاون والـ«آر بي جي»، الأمر الذي أسفر عن حدوث أضرار جسيمة في مباني ومنازل المواطنين وإصابة عدد من الأطفال والنساء بجروح، وقالت الداخلية اليمنية إن عناصر الجيش المنشق قام بقتل عدد من المواطنين بينهم أستاذ جامعي.

واعتبرت السلطات اليمنية ما يجري تصعيد خطير من قبل «مرتزقة أولاد الأحمر والمنشقين يدل على التخبط والإحباط الذي وصلت إليه تلك الميليشيات الضالة والخارجة على النظام والقانون الساعية إلى إقحام الأجهزة الأمنية في مواجهات هي في غنى عنها، التي هي أشد حرصا على السكينة العامة وحفاظا على أرواح وممتلكات المواطنين»، وحذرت «تلك الميليشيات الإجرامية من التمادي في الاعتداء على المواطنين ومساكنهم بين الحين والآخر، ما يسبب قلقا ورعبا متواصلين بين أوساط المواطنين»، وقال مسؤول في وزارة الداخلية: إن «الأجهزة الأمنية على وشك أن ينفد صبرها بسبب ما تقوم به تلك الميليشيات من أعمال إجرامية، وهو ما يحتم عليها القيام بواجبها لإيقاف تلك الجرائم وحماية المواطنين من اعتداءاتها المتواصلة».