المالكي يلمح إلى تعديل اتفاقية الإطار الاستراتيجي مع أميركا.. ويبقي الباب مفتوحا أمام المدربين

رئاسة كردستان لـ «الشرق الأوسط» : الانسحاب ستكون له تداعيات خطيرة

TT

دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الشعب العراقي أمس إلى الرد على من وصفهم بـ«المتخوفين» من الانسحاب الأميركي، معتبرا أن هذه الأطراف التي لم يسمها لا تريد أن يستعيد العراق سيادته. وقال المالكي في مؤتمر صحافي عقده في مبنى رئاسة الوزراء غداة إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما انسحاب جميع القوات الأميركية من العراق بنهاية العام الحالي، إن «جميع حجج ومبررات الجماعات الإرهابية من تنظيم القاعدة لاستخدام السلاح وسفك الدماء قد انتفت بعد قرار أوباما». وأشار إلى أن «القوات الأميركية لا تزال تتمركز في 20 قاعدة بالأراضي العراقية».

وحول ما إذا كان العراق يمكن أن يتعرض لعدوان خارجي بعد الانسحاب الأميركي، قال المالكي «نحن لسنا قلقين من هذه التوقعات، لأن العراق مستمر في رفع قدراته العسكرية وتسليح جيشه، وهذا ليس معناه أن العراق ليس قويا حاليا، فهو قادر على رد أي عدوان خارجي على أراضيه وبجميع الوسائل». لكنه أشار إلى أن «العراق الجديد ليس هو في زمن النظام السابق، الذي دخل في حروب ومغامرات، إنما هو الآن عراق منفتح على العالم، ويحرص على علاقات مبنية على السلام والتكافؤ والاحترام المتبادل»، مضيفا «طوينا صفحة كان يحكمها العسكر، لننتقل إلى مرحلة جديدة مبنية على التعاون الدبلوماسي.. وستبدأ علاقة جديدة بين البلدين بنهاية هذا العام، إذ إن العراق يريد أن ينهض في جميع المجالات، وهذا الأمر تدعمه العلاقات الواسعة، ومنها مع الولايات المتحدة».

وبينما اعتبر المالكي أن اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تحدد العلاقة المستقبلية بين الطرفين هي الأساس في تنظيم العلاقات بين البلدين، فإنه لمح إلى إمكانية تعديلها من خلال كونها «مفتوحة وغير محددة ويمكن تعديلها»، وهي إشارة يمكن أن تزعج الأطراف الرافضة لتعديل أي صيغة من صيغ العلاقة المستقبلية بين العراق والولايات المتحدة الأميركية. وفي السياق نفسه، اعتبر المالكي أنه «لن يكون هناك أي متضرر من الانسحاب الأميركي من العراق، فالعراق سيستعيد سيادته الكاملة». وعبر المالكي عن استغرابه من بعض الأطراف التي لم يسمها، بإعلان تخوفها من هذا الانسحاب، وقال «إن هؤلاء لا يريدون للعراق استعادة سيادته، لكن على الشعب العراقي الرد عليهم بشكل مناسب». وحول مهمة المدربين الأميركيين الذين سيبقون في العراق بعد الانسحاب، فقد أشار إلى أنها «ستكون صيانة الأسلحة الأميركية أو تدريب الجيش، ولن تكون لديهم أي حصانة في العراق».

من جهته، اعتبر عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية حامد المطلك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الانسحاب الأميركي من العراق لحظة مهمة في تاريخ البلاد، لا سيما أن جميع العراقيين يعملون على تحقيق مبدأ السيادة الوطنية الكاملة شريطة ألا تدخل أطراف أخرى لكي تسد الفراغ بعد الأميركيين». وأوضح أن «الجانب الأميركي لا يزال يناور على صعيد المدربين الذين يراد منهم تدريب القوات المسلحة العراقية، بينما لم تعمل الولايات المتحدة الأميركية طوال ثماني سنوات في تدريب الجيش العراقي، إلى الحد الذي لا نملك فيه أي غطاء جوي أو بحري قادر على ردع أي عدوان خارجي».

بدوره، اعتبر زعيم المؤتمر الوطني العراقي وأحد أكبر أصدقاء أميركا القدامى الذين سهلوا لها مهمة التدخل العسكري في العراق عام 2003، أحمد الجلبي، أن القرار الذي اتخذه التحالف الوطني برفض الحصانة المدربين الأميركيين هو الذي سهل مهمة الرئيس أوباما بإعلان الانسحاب الأميركي من البلاد. وقال الجلبي في بيان له حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إن «انسحاب كل القوات الأميركية في نهاية 2011 هو ما نادى به المؤتمر الوطني العراقي منذ سنوات، وظل موقفه ثابتا حول هذا الأمر الحيوي». وتابع «لقد دخل الأميركان العراق محررين، لكن غرورهم حولهم بإرادتهم إلى محتلين، وتبنوا القرار 1483 سيئ الصيت، وهو قرار احتلال العراق». وأضاف أن «المؤتمر الوطني العراقي عارض هذا التوجه، وحذر من عواقب إعلان الاحتلال، ولكن لم يستمع الأميركان إلى هذه التحذيرات، وتحولوا إلى سجانين للشعب العراقي حيث دخل سجونهم الآلاف من العراقيين، وكذلك تحملوا مسؤولية قتل آلاف العراقيين لأنهم استحوذوا على كامل المسؤولية الأمنية في العراق، حتى بعد الإعلان قانونيا عن نهاية الاحتلال بصدور القرار 1546 في عام 2010».

إلى ذلك، أكد الدكتور فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان أن الانسحاب الأميركي «ستكون له تداعيات خطيرة على الوضعين السياسي والأمني في العراق.. وإقليم كردستان جزء منه». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المفاوضات «ما زالت جارية بين الحكومتين العراقية والأميركية حول هذا الموضوع، ولها شقان، الأول ما يتعلق بانسحاب القوات الأميركية وهو مسألة تأكدت بقرار الرئيس الأميركي، وتبقى المسألة الأخرى المتعلقة بترتيبات تدريب القوات الأمنية التي ما زالت تصطدم بمسألة الحصانة الكاملة، ونحن بانتظار ما ستسفر عنه المفاوضات التي تجريها الحكومتان بهذا الشأن لنقرر موقفنا تجاه مجمل العملية». وكانت القيادة الكردستانية قد أكدت في تصريحات سابقة مخاوفها من الانسحاب الأميركي الكامل من العراق، خصوصا تداعياته المحتملة على الوضع الأمني في المناطق المتنازع عليها، وكذلك تأثيراته على العملية السياسية خصوصا العلاقة بين الإقليم والمركز فيما يتعلق بالمشاكل العالقة التي حذرت القيادة الكردية على ضرورة حسمها قبل حلول موعد الانسحاب الأميركي من العراق.