واشنطن تسحب سفيرها من دمشق لمدة غير معلومة.. وسوريا ترد بالمثل

فورد عاد السبت إلى الولايات المتحدة بعد تلقيه «تهديدات جدية»

السفير الأميركي روبرت فورد وموالون لنظام الأسد يعلقون صورته على أحد مداخل السفارة الأميركية في دمشق (أ.ب)
TT

أعلنت الإدارة الأميركية عن سحب سفيرها، روبرت فورد، من دمشق، أمس، وأكدت أنه غادر البلاد في عطلة نهاية الأسبوع (السبت)، أي بعد يوم من تعرضه لآخر هجوم من قبل مؤيدي نظام الرئيس السوري بشار الأسد يوم الجمعة الماضي، خلال زيارته لمسجد في حي الميدان بدمشق. وأعلنت الخارجية الأميركية أنها اتخذت قرارها هذا حفاظا على سلامته الشخصية بعد تعرضه «لتهديدات حقيقية».

وقال مصدر مسؤول في السفارة الأميركية في دمشق إن السفير فورد غادر سوريا لمدة «غير محدودة»، لأسباب أمنية تتعلق بسلامته الخاصة.

وتصاعدت حدة الموقف أمس عندما قررت دمشق اتخاذ موقف مماثل وأعلنت سحب سفيرها من واشنطن عماد مصطفى.

ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن المتحدثة باسم السفارة السورية في واشنطن رؤى شوربجي نبأ سحب السفير السوري، وأوضحت أنه لا خطط أخرى لدى السفارة، كما رفضت التعليق على الاتهامات الأميركية بتهديد السفير فورد في دمشق.

والهجوم بالبيض والحجارة على سيارة السفير الأميركي يوم الجمعة يعد الثالث من نوعه؛ إذ سبق وتعرض لهجوم وسط العاصمة دمشق من قبل مؤيدي النظام السوري، مرة أثناء زيارته لمكتب المعارض حسن عبد العظيم، نهاية الشهر الماضي، وقبلها بأسبوع تمت مهاجمته لدى زيارة قام بها لإحدى الكنائس في دمشق.

ويقول ناشطون إن ما يتعرض له السفير الأميركي من هجوم في دمشق يهدف للحد من حركته داخل البلاد، إذ سبق وأغضب النظام السوري لدى قيامه بزيارة لمدينة حماه ولقائه بناشطين هناك، كما اطلع على أكبر مظاهرات سلمية خرجت في البلاد، مما أثار حفيظة النظام السوري الذي اتهمه بتأجيج العنف في البلاد.

إلا أن أوساطا سياسية معارضة في دمشق اعتبرت استدعاء السفير الأميركي إلى واشنطن دليل على أن الولايات المتحدة تشعر أن الوضع في سوريا «بات خطيرا جدا، وعلى وشك الانفجار».

وسبق لوزارة الخارجية الأميركية أن قامت باستدعاء السفير السوري لدى الولايات المتحدة، عماد مصطفى، ووبخته على خلفية مهاجمة السفير الأميركي. وأبلغ مارك فيلتمان، مساعد وزير الخارجية الأميركية السفير السوري، ما وصفته فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية بـ«تأنيب بأن هذا غير مقبول». وأن السفير الأميركي في دمشق «هو الممثل الشخصي للرئيس الأميركي» وأن الهجوم عليه، كما حدث في دمشق، «هجوم على الولايات المتحدة».

وأيضا، طلب فيلتمان التعويض عن سيارات السفارة الأميركية التي أصيبت، واستغرب أن القوات الأمنية السورية تسرع إلى أماكن المظاهرات المعادية للنظام خلال دقائق، بينما استغرقت ساعتين حتى وصلت إلى مكان السفير الأميركي.

وفي إجابة عن سؤال إذا كان السفير فورد «تخطى حدوده الدبلوماسية»، ردت نولاند: «إذا كان صعبا علينا، كدبلوماسيين أميركيين، عقد اجتماعات مع جميع ألوان الطيف السياسي في أي بلد، لا سيما في بلد مثل سوريا، نكون مقصرين في مهمتنا. السفير فورد يقوم بالتحديد بالمطلوب منه مقابل الراتب الذي يدفع له. ثم إنه يمثل الرئيس الأميركي والشعب الأميركي. أضف إلى هذا الأهمية الخاصة لسوريا، حيث هناك تقييد لحرية الصحافة، ولهذا لا نقدر على الحصول على صورة دقيقة لما يحدث، ما لم نذهب ونتحدث إلى الناس، كل على حدة».

ويشار إلى أنه مطلع الشهر الحالي هاجم فورد النظام السوري بشدة في بيان نشره على موقع «فيس بوك»، منددا بالذرائع التي تسوقها السلطات السورية لقمع المتظاهرين.

وباشر فورد عمله في دمشق سفيرا للولايات المتحدة في يناير (كانون الثاني) من العام الحالي بعد إصدار الرئيس باراك أوباما قرارا بتعيينه، مستفيدا من عطلة مجلس الشيوخ في الشهر الأخير من عام 2010، للالتفاف على معارضة الجمهوريين لإرسال سفير أميركي إلى سوريا.

وذكر مصدر مسؤول في السفارة الأميركية في دمشق فضل عدم الكشف عن اسمه في اتصال هاتفي أجرته معه وكالة الصحافة الفرنسية أن فورد «غادر البلاد لمدة غير محدودة»، مشيرا إلى أن «واشنطن اتخذت هذا القرار لأسباب تتعلق بسلامته»، وكشف المسؤول أن «واشنطن قررت إعطاءه إجازة غير محدودة، نظرا لاطلاعها على تقارير تتناول شخصه». وأكدت وزارة الخارجية الأميركية سحب السفير الأميركي لدى سوريا، وقال مارك تونر نائب المتحدث باسم الوزارة أنه «في هذه المرحلة، لا نستطيع القول متى سيعود إلى سوريا.. وذلك سيعتمد على تقييمنا للتحريض الذي يقوده النظام السوري والوضع الأمني على الأرض». وقال تونر إنه يأمل في أن تنهي الحكومة السورية «حملتها التحريضية» ضد السفير فورد.

وقال مسؤول أميركي أمس إن الولايات المتحدة تستبعد في الوقت الحالي طرد السفير السوري لدى واشنطن بعد استدعاء سفيرها لدى دمشق.

وسئل المسؤول الأميركي عما إذا كانت إدارة الرئيس باراك أوباما سترغم السفير السوري، عماد مصطفى، على مغادرة الولايات المتحدة، فقال: «ليس في الوقت الحالي»، حسبما أوردته وكالة «رويترز».

وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن السفير الأميركي لدى سوريا، لم «يسحب» رسميا، بل تم استدعاؤه للتشاور بسبب مخاوف أمنية.

وقال أحد الدبلوماسيين الغربيين الذي طلب عدم نشر اسمه نظرا لحساسية المسألة في تعليقه على استدعاء فورد: «ظهرت في وسائل الإعلام الحكومية (السورية)، في الآونة الأخيرة، مقالات أكثر تحريضا من المعتاد على فورد. سافر يوم السبت». ويقول نشطاء إن فورد إلى جانب مجموعة من السفراء، أغلبهم غربيون، قدموا التعازي لاحقا لأسرة غياث مطر، وهو أحد زعماء المحتجين (25 عاما) كان قد وزع الورود لإعطائها للجنود، لكن ألقي القبض عليه ولقي حتفه من إثر التعذيب فيما يبدو.