الإعلام المصري المرئي على صفيح ساخن.. ومبادرات لإطلاق إعلام بديل

«الشعب يريد».. مشروع قناة لنشطاء لخدمة أهداف الثورة وكشف الفساد ومراقبة الأداء الحكومي

TT

يشهد الإعلام المرئي المصري حالة من التحول الكبير بعد 9 أشهر من قيام الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك الذي كان نظامه يفرض قيودا واسعة على القنوات المصرية ومكاتب القنوات العربية والأجنبية العاملة في مصر.

وبينما ظهرت، بعد تنحي مبارك عن الحكم، الكثير من القنوات المصرية الجديدة بتوجهات متباينة، إلا أن الفترة الحالية التي تشهد بداية صراعات انتخابية طاحنة تنذر بظهور المزيد من القنوات، خاصة مع تبلور فكرة القنوات الشعبية غير المملوكة لرجال الأعمال أو المسؤولين مثلما كان الأمر في السابق. ويتابع نشطاء مصريون حاليا مباحثات للاتفاق على الخطوط العريضة وإيجاد الوسائل اللازمة لإطلاق مجموعة من القنوات المملوكة للشعب، التي يتم تمويلها عن طريق عمليات اكتتاب عام وتديرها جمعية عمومية تمثل المكتتبين ولا يكون الهدف منها الربح في المقام الأول وإنما خدمة أهداف الثورة وتثقيف الشعب والكشف عن الفساد ومراقبة الأداء الحكومي.

وحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية، فإن أبرز المبادرات هي تلك التي أطلقها المنتج والمخرج أسعد طه على شبكات التواصل الاجتماعي وتحمس لها عدد كبير من النشطاء والإعلاميين المصريين الذين أبدوا استعدادهم للعمل مجانا في القناة التي يتم حاليا تجهيز مشروع إطلاقها والتي اختير لها مبدئيا اسم «الشعب يريد» اقتباسا من الهتاف الثوري الشهير المنقول عن الشاعر التونسي الراحل أبو القاسم الشابي.

بينما تركز مبادرات أخرى على قنوات غير تقليدية يتم بثها على شبكة الإنترنت من خلال مواقع خاصة، أو اعتمادا على الشبكات الاجتماعية وموقع «يوتيوب» باعتبار تلك الوسائل أقل تكلفة وأكثر تحررا من القيود ولا تخضع لتعقيدات التراخيص والموافقات الأمنية والحكومية. في المقابل ما زالت الاتهامات تطارد التلفزيون الرسمي فيما يخص مهنية المواد التي يبثها، خاصة المواد الخبرية التي يراها كثيرون بينهم عاملون في الجهاز نفسه منحازة لطرف دون آخر وتثير مشكلات في البلاد على غرار ما حدث أثناء الأيام الأولى للثورة التي كال التلفزيون الرسمي للمشاركين فيها الاتهامات دون سند من الحقيقة.

وفجرت مصادمات جرت أمام مبنى التلفزيون الحكومي بوسط القاهرة يوم 9 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي الأزمة الإعلامية مجددا؛ حيث اتهمت القنوات المصرية الخاصة التلفزيون الحكومي بشكل مباشر بالكذب والتحريض ضد المتظاهرين، بينما طالت آثار ما جرى قنوات أخرى وفقا لتصريحات لوزير الإعلام المصري الذي شكل لجنة تقييم للأداء الإعلامي أكدت وقوع أخطاء.

وأثار الإعلان، قبل أيام، عن تعيين ثروت مكي، رئيس قطاع الأخبار الأسبق، رئيسا لاتحاد الإذاعة والتلفزيون، حالة من التعجب في أوساط الإعلاميين كون الرجل محسوبا على النظام السابق وعرف بقرارات أثارت موجة من السخط أثناء توليه مناصب سابقة بينها إيقاف برنامج الإعلامي الكبير حمدي قنديل «رئيس التحرير».

وشهد مبنى التلفزيون الرسمي (ماسبيرو) أول من أمس مظاهرة داخلية ضد رئيس الاتحاد الجديد الذي اعتبر المتظاهرون تعيينه ردة إلى العصر السابق ومحاولة لإعادة سيطرة من يعرفون بـ«الفلول» مطالبين بإقالته ومحاسبته أيضا. لكن الإشكالية الأكبر حاليا في الإعلام المصري تتعلق بعودة القيود المفروضة على التغطيات الإعلامية والحديث بشكل واسع عن تعليمات تصل القنوات للتخفيف من حدة انتقاداتها للمجلس العسكري الحاكم وقياداته ومواقفه على الرغم من تأكيدات من بعض أعضائه أنهم يقبلون النقد دائما، لكنهم في المقابل لا يقبلون التشكيك في نواياهم.

وما زالت أزمة إعلان الإعلامي المصري يسري فودة إيقاف برنامجه مستمرة ومتفاعلة على الرغم من أن فودة لم يوضح الأسباب وإن لمح إلى كونها ضغوطا مورست عليه دون أن يذكر الجهة لترد قناة «أون تي في» نافية وجود ضغوط من جهتها ثم يظهر عضو في المجلس العسكري بعدها ليزيد الغموض بالدعوة إلى عودة البرنامج، ملمحا إلى استعداده للتدخل لإنهاء المشكلة بين مقدمه والقناة.

ودعت القيود المفروضة على القنوات القائمة كثيرا من الإعلاميين للتوقف أيضا؛ حيث ما زالت الإعلامية دينا عبد الرحمن بعيدة عن الشاشة بعد أكثر من 3 أشهر على توقف برنامجها «صباح دريم» بسبب انتقادات للمجلس العسكري. وبينما أعلن منذ فترة عن انضمام دينا إلى فريق قناة «أون لايف» الإخبارية إلا أن قناة «التحرير» استطاعت ضم الإعلامية المعروفة؛ حيث قالت الصحافية ومقدمة البرامج في القناة ذاتها دعاء سلطان: إن دينا عبد الرحمن انضمت إلى قناة «التحرير» رسميا ووقعت عقدا مع القناة مساء الأحد لتقديم برنامج «توك شو» مسائي يومي.

في القناة نفسها، التي ظهرت بعد الثورة، وكان من أبرز المشاركين فيها الكاتب المعارض إبراهيم عيسى، شهد الشهر الماضي الكثير من الأحداث؛ حيث بيعت حصص لرجال أعمال لا علاقة لهم بالإعلام، وأعلن إعلاميون كبار التخلي عن برامجهم فيها، بينهم محمود سعد وعمرو الليثي.