المستشار الإعلامي لولي العهد: الأمير سلطان كان شخصية مثقفة يؤمن بالأرقام

قال لـ «الشرق الأوسط» إن الرئيس اليمني أخبره بأن ولي العهد السعودي يعرف الفعاليات اليمنية المؤثرة أكثر من بعض المسؤولين

الأمير مقرن بن عبد العزيز والأمير أحمد بن عبد العزيز يتوسطان مجموعة من الأمراء والضيوف الذين قدموا لاستقبال جثمان الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز (تصوير: خالد الخميس)
TT

روى عبد الله الطاير، أحد المستشارين الإعلاميين لولي العهد السعودي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، الكثير من الأحداث التي كان شاهدا عليها خلال مرافقته للأمير لنحو 5 سنوات.

ولعل أهم ما يذكره الطاير، وهو يتحدث إلى الصحيفة، في حديث كان يلفه الحزن والأسى لهذا المصاب الجلل، كان عن علاقة الأمير سلطان بن عبد العزيز برجالات اليمن، حيث يذكر في هذا الصدد ما قاله له الرئيس اليمني علي عبد الله صالح من أن ولي العهد السعودي يعرف الفعاليات اليمنية المؤثرة أكثر مما يعرفها بعض المسؤولين في الحكومة اليمنية.

الدكتور الطاير، عضو الهيئة الاستشارية الإعلامية للأمير سلطان بن عبد العزيز، استذكر خلال حديثه الصفات التي كانت ملازمة لولي العهد السعودي، حيث ذكر أن أبرزها التواضع الجم والبساطة وحب الخير وفعله، والهدوء في اتخاذ القرار. ويقول أيضا: لقد تشرفت أن أكون ضمن دائرة ضيقة معنية بتعاطي الأمير مع الإعلام.

ويصف الطاير لـ«الشرق الأوسط» الأمير سلطان من خلال تعامله معه بأنه كان ذا شخصية مثقفة ومطلعة جدا، يؤمن بالأرقام والتبريرات المنطقية، كما أنه كان يكن احتراما كبيرا للملك عبد الله بن عبد العزيز، وكان لا يتخذ القرار بسرعة، ولكنه عندما يتخذه يكون حازما فيه.

ويضيف الطاير: «روى لنا ولي العهد بحضور عدد من الإعلاميين السعوديين في موسكو كيف تأتيه القضية في ذروة تأزمها فيتركها إلى الصباح، فيكون الوقت كفيلا بحلها».

ويشير الطاير إلى أن الأمير سلطان كان عارفا بالشأن السعودي وتوازناته ويملك رؤية للمستقبل إلى درجة أنني بعد جلسة مطولة معه تحدث فيها عن الشأن السعودي في اجتماع حضره نخبة من المسؤولين والإعلاميين المرافقين قبلت جبينه، وقلت: «الآن اطمأننت على مستقبل أبنائي».

ويقول الطاير إن من أكثر ما لفت انتباهي في شخصية الأمير سلطان الدبلوماسية الشخصية التي كانت كفيلة بقلب موازين القوى في الاجتماعات لصالح الرأي الذي يتبناه ويدفع باتجاهه، إضافة إلى تحليله المنطقي للظروف المحيطة بالقرار قبل اتخاذه، مضيفا أن الأمير الراحل كان مطلعا على الإعلام بشكل كبير، ويسأل عن الكتاب الذين يقرأ لهم، ويسأل وينتقد أو يثني على طروحاتهم بشكل أبوي، ويقف معهم في قضاياهم وحاجاتهم الشخصية.

ويشير الطاير إلى اهتمام الأمير سلطان بالجانب الإنساني الذي تطرحه وسائل الإعلام قائلا: «كانت حاجات الناس وما يطرح في الصحافة من قضايا إنسانية تجمع وتعرض عليه ويتخذ حولها قرارات سريعة وعاجلة».

ويضيف: «أذكر مرة أنني قرأت وأنا في الطائرة في نحو الخامسة فجرا عن موضوع يخص المفكر العربي عبد الوهاب المسيري، وعندما نزلت من الطائرة نحو السابعة صباحا اتصلت بمكتبه الإعلامي لأبلغهم عن الموضوع، فوجدت أن الأمير سلطان قد سبق الجميع وتكفل بمصاريف سفره وعلاجه على نفقته الشخصية».

ويقول الطاير إن الأمير سلطان كان شخصية محورية على الساحتين المحلية والعالمية، ويرى أن الجيش العربي السعودي، وتأهيل المواطن ليكون عنصرا فاعلا في مجتمعه، والقضايا الإنسانية كانت من أكثر اهتماماته.

ومع ذلك فقد كان يدير ملفات ضخمة ومعقدة وله علاقات متينة في دول الجوار على المستوى الشعبي والنخبوي، كما على مستوى القيادات، ويضيف الطاير قائلا: «أذكر في عام 2008م، عندما قابلت الرئيس علي عبد الله صالح، قوله إن الأمير سلطان يعرف الفعاليات اليمنية المؤثرة أكثر مما يعرفها بعض المسؤولين في الحكومة اليمنية».

يتحدث الطاير عن المواقف التي شهدها خلال مرافقته للأمير سلطان، قائلا إن «هناك موقفين لا أنساهما؛ أحدهما في مدينة أبها جنوب المملكة في زواج أحد الزملاء العاملين في سكرتارية الأمير الخاصة، ولم يكن يخطر ببالي حضور الأمير سلطان الشخصي، وذلك لأن المكان غير مهيأ أمنيا ولا صحيا، ومع ذلك خالف ولي العهد كل الأعراف البروتوكولية وحضر الزواج وبقي نحو الساعة مع عامة الحضور وشاركهم الاحتفال والعشاء».

أما الموقف الثاني، فكان في موسكو عندما سمع فتاة روسية تلقي خطابا ترحيبيا به باللغة العربية، فتبرع مباشرة بنصف مليون دولار لتطوير قسم اللغة العربية بجامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية، وتشرفت بأن كنت ممثلا لسكرتارية الأمير الخاصة في مجلس إدارة المركز، الذي سمي لاحقا بمركز الأمير سلطان للغة العربية.