الحركة الشعبية في شمال السودان تتهم الخرطوم باستقدام مرتزقة من الخارج

قيادي في حزب البشير يستبعد نجاح المساعي الجارية لتفجير ثورة شعبية في السودان.. والترابي يخشى تمزق البلد كله

(من اليسار) نائب رئيس الوزراء القطري أحمد بن عبدالله آل محمود والممثل الخاص المشترك لليوناميد وكبير الوسطاء إبراهيم غمباري ورئيس السلطة الإقليمية آل دارفور التيجاني بن ساسه، خلال مؤتمر صحافي في مقر البعثة في مدينة الفاشر بالسودان (إ.ب.أ)
TT

استبعد قيادي كبير في حزب المؤتمر الوطني الحاكم بزعامة الرئيس السوداني عمر البشير، نجاح المساعي الجارية لتفجير ثورة شعبية على نسق ثورات الربيع العربي في بلاده، متهما العقيد الليبي الراحل معمر القذافي بتأجيج الحرب في جنوب السودان بتزويد الجيش الشعبي بسلاح يكفي 13 ألف جندي، في وقت اتهمت فيه الحركة الشعبية في شمال السودان حزب البشير باستقدام مرتزقة من خارج البلاد للقتال في منطقة النيل الأزرق التي تشهد حربا منذ أكثر من شهر، منتقدا صمت المجتمع الدولي لما يجري في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان بمنع وصول الطعام للمحتاجين، فيما نفى زعيم المؤتمر الشعبي المعارض أن يكون حزبه وراء الاحتجاجات التي تشهد عدة مدن في السودان.

وأكد الدكتور مندور المهدي نائب رئيس المؤتمر الوطني في ولاية الخرطوم على ضرورة تقوية أجهزة الدولة الحزب وتجديد دمائه لمواجهة التحديات وتحقيق متطلبات المرحلة المقبلة التي تقتضي الخروج بالبلاد من دائرة الأزمات والكوارث إلى النهضة والبناء والاستقرار، مستبعدا نجاح المساعي الجارية لتفجير ثورة شعبية على نسق الثورات العربية، متهما العقيد الليبي الراحل معمر القذافي بتأجيج الحرب في جنوب السودان بتزويد الجيش الشعبي الذي خاض حربا أهلية لأكثر من عقدين انتهت باتفاقية السلام الشامل ومن ثم انفصال الجنوب وتشكيل دولته الجديدة في يوليو (تموز) الماضي، بأسلحة.

وقال الدكتور المهدي لدى مخاطبته المؤتمر التنشيطي للقطاع السياسي للمؤتمر الوطني بولاية الخرطوم، إن حزبه يريد إخراج البلاد من دائرة الأزمات والكوارث التي حدثت في البلاد منذ استقلالها، متهما بعض الجهات التي لم يسمها بأنها معول للهدم والمخططات الأجنبية لإرضاء تطلعات شخصية وإثارة العواطف الجهوية واستنزاف موارد البلد في قضايا انصرافية، وشدد على ضرورة تأهيل المؤتمر الوطني والدولة قبل الدخول في المرحلة المقبلة لإنجاز مهامها.

من جهته، قال ياسر عرمان الأمين العام للحركة الشعبية في شمال السودان إن المؤتمر الوطني بدأ ينقل ما سماه بتجربة دارفور وجرائم الحرب فيها إلى النيل الأزرق، وأدان الصمت العالمي غير المبرر تجاه جرائم الحرب والممارسات التي وصلت إلى حد التطهير العرقي والديني، واستهداف المدنيين، واستخدام الطعام كسلاح وتجويع النازحين. وأضاف أن المؤتمر الوطني رفض بشكل كامل مقترحا لممرات آمنة للإغاثة. وأوضح عرمان أن سلاح الطيران السوداني يستهدف بطريقة ممنهجة المدنيين والمؤسسات المدنية مثل ضربهم لصهاريج مياه الشرب في مدينة الكرمك في النيل الأزرق.

وقال عرمان إن قيادات المؤتمر الوطني ينتقلون الآن نقلة نوعية جديدة باستخدام مرتزقة من خارج الحدود ولا يتورعون من تدمير النسيج الاجتماعي والتاريخي في منطقة النيل الأزرق التي لعبت دورا فاعلا في تاريخ السودان وبناء الدولة والمجتمع السوداني الراهن. وأضاف أن ولاية النيل الأزرق الحالية من مناطق الشمال التي تجسد التعايش الإسلامي - المسيحي، فهي ولاية يدين سكانها بالإسلام والمسيحية. وتابع «والآن يعملون في المؤتمر الوطني على تدمير كل ذلك باسم الإسلام ويرتكبون جرائم حرب يندى لها الجبين الإنساني من مجرمين ومطلوبين للعدالة الدولية طلبهم المجتمع الدولي ثم سمح لهم بتقتيل شعب السودان». وقال «إننا ندعو المجتمع الدولي للالتفات إلى ما يجري في شمال السودان من انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، من دارفور إلى الدمازين، ومن الدمازين إلى كسلا التي تعاملت فيها أجهزة الأمن بهمجية مع احتجاجات مدنية سلمية».

إلى ذلك، نفى الدكتور حسن الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض، وقوف حزبه أو أي من قوى المعارضة خلف الاحتجاجات التي ظهرت في عدة مناطق بالعاصمة الخرطوم بعد ارتفاع الأسعار وتفاقم الضائقة المعيشية، مؤكدا في تصريحات صحفية أن الأحزاب لم تسع لتحريك الشارع. وقال «لكن الناس محاطون بأوضاع صعبة يفاقمها انقطاع المياه والكهرباء والغلاء الفاحش»، داعيا الحكومة إلى الوعي بمظالم الناس وتحاشي الثورة التي قال إنها ستكون مدمرة حال تصدرتها قضايا الجوع والفقر. وأضاف «الأزمة الاقتصادية الحالية المرتبطة بطغيان سياسي تمهد لخطورة بالغة على الأوضاع في السودان». وقال «لو كانت هناك معارضات سياسية ومقاومات وثورة لكان الأمر عاديا، لكن عندما يدخل فيها العامل الاقتصادي تصبح خطرة جدا»، مشيرا إلى أن إحساس الناس بالطبقية والفارق، يجعلهم يحطمون ويدمرون كما يفعلون الآن في أوروبا. وأبدى الترابي خشيته من رفع مناطق أخرى في السودان راية تقرير المصير أسوة بما فعل الجنوب، متهما الخرطوم باقتطاع ذلك الجزء - جنوب السودان. وقال إن ما جرى يعتبر فضيحة وسيكون أخطر ما ينسب لنظام إسلامي، وتابع «بتنا نخشى تمزق البلد كله».