سلطان الخير.. لم ينس مدينة «جدة» في مرضه.. ولن تنساه بعد موته

تألم لما أصابها من كارثة السيول في خطاب عودته من رحلة العلاج الأولى

TT

كما لم تنسنا في مرضك لن ننساك بعد موتك، بل ستظل خالدا في قلوبنا بأفعالك الطيبة، هكذا هو حال سكان جدة وهم يتذكرون أمير الإنسانية وسلطان الخير، فقيد الوطن سلطان بن عبد العزيز الذي وافته المنية السبت الماضي، كيف لا وهو الذي كان يبعث من وقت لآخر رسائل الاطمئنان على أهل جدة ويتساءل عن سير المشاريع كما كان يؤكد دائما الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة في خطاباته.

كيف لا.. وسلطان الخير في أول خطاب له بعد عودته من رحلته العلاجية في الثاني عشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي أبدى أسفه لما حدث في المدينة من فاجعة السيول وقال حينها «أيها الإخوة والأخوات لقد آلمتنا أشد الألم الأحداث المأساوية التي تعرضت لها محافظة جدة من جراء هطول الأمطار وما واكبها من سيول».

وأضاف حينها «إننا إذ نبتهل إلى المولى عز وجل أن يلهم ذوي الشهداء الصبر والسلوان، وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل، لنسأله سبحانه وتعالى أن يسدد خطى خادم الحرمين الشريفين الذي باشر - كما عهدناه أيده الله - بالتصدي الفوري لهذه الأحداث وإصدار الأمر الملكي بالتعويض الكريم لذوي الشهداء لتخفيف وقع هذه الفاجعة وبتشكيل لجنة للتحقيق وتقصي الحقائق في أسبابها وتحديد المسؤولية فيها والمسؤولين عنها، وإنني على يقين بأنه لن يهنأ له بال - يحفظه الله - حتى يتم وضع الحلول الجذرية التي تضمن - بحول الله - عدم تكرار مثل هذه الأحداث».

ونعى الجداويون فقيدهم على كافة الأطياف فأعرب الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز محافظ جدة عن حزنه العميق لوفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، واصفا ذلك بالمصاب الجلل، وقال: فقدت الأمة والعالم واحدا من أبرز القادة حيث جند نفسه رحمه الله لخدمة دينه ووطنه وأمته والإنسانية جمعاء.

وأضاف الأمير مشعل «إن لفقيد الوطن الأمير سلطان جهودا خيرة وأعمالا جليلة عرف بها وسطرت صفحات عظيمة ومضيئة لا يمكن حصرها». مؤكدا أن الشعب السعودي لن ينسى الأيادي البيضاء للفقيد في دعم مجالات الخير وأن سجله حافل في جميع المجالات في الداخل والخارج.

من جهته قال صالح بن محمد الشهري نائب الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة «إن نبأ وفاة الأمير سلطان فاجعة عظيمة، فالوطن فقد رجلا خدم دينه ووطنه بكل إخلاص، كما فقد العالم العربي والإسلامي والساحة الدولية رجلا عمل من أجل الإنسانية، وقدم الكثير للبشرية، وستبقى أعماله خالدة بعد وفاته تجسد المساعي الخيرة لسموه الكريم، وعطاءاته غير المحدودة، واهتمامه بكل ما من شأنه خدمة الدين والوطن».

وأضاف: لقد كان - يرحمه الله - رمزا من رموز العمل الخيري، ويحمل سجلا حافلا بأعمال الخير في الداخل والخارج من خلال مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية، ولجنة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخاصة للإغاثة، بالإضافة إلى دعمه ورعايته لعدد من الكراسي والبرامج والجوائز العلمية، وذلك امتدادا لإيمانه رحمه الله بأهمية البحث العلمي ودوره في خدمة الإنسانية ودعمه للعديد من المشروعات العلمية والبحثية في الداخل والخارج.

ووصف من جهته الدكتور فهد بن محمد العبود عميد عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر نبأ وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز بالفاجعة الكبرى التي نزلت في قلوب الجميع وليس أهل جدة فقط وذلك لما يملكه من مكانة وقدر وإنجازات في خدمة دينه ووطنه وأمته يشهد له بها القاصي قبل الداني.

وقال: أسأل الله العلي العظيم رب العرش الكريم أن تسطر له في ميزان حسناته ورفعة درجاته، وأن يلهم أهله وأبناءه وذويه الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.

في حين قالت ألفت قباني العضو السابق بمؤسسة الأمير سلطان الخيرية ونائب رئيس اللجنة الصناعية بغرفة جدة «إن فقدان الأمير سلطان بن عبد العزيز خسارة كبيرة».

وأضافت «سيبقى سلطان الخير خالدا في أذهاننا مهما حيينا، لقد زرع الابتسامة على شفاه المكلومين والمحتاجين، وجسد عمق الإنسانية وأوصل العمل الخيري إلى كل مكان في السعودية وخارجها، وعرف رحمه الله بأنه نصير الفقراء والمحتاجين في كل مكان».

وتابعت: «كانت مؤسسة الأمير سلطان الخيرية من أولى المؤسسات التي عملت على نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية في القطاعين الخاص والعام، ونجح في تفعيل مبادرات وبرامج المسؤولية الاجتماعية التي تهم الفرد والمواطن وتسهم في تحويل الفرد من مستهلك إلى منتج، ونجح بفكره الإنساني والاستراتيجي في رفع متوسط دخل الفرد السعودي وحول العمل الخيري إلى عمل مؤسساتي كبير، حيث أبعده عن الاجتهادات الشخصية».

وأشارت قباني إلى «أن المتتبع لمآثر الفقيد يدرك مسيرته الحافلة بالعطاء والخير ورؤية قائد محنك خدم وطنه وعالمه العربي والإسلامي بإخلاص وتفان.. وكان يرحمه الله أحد أهم الشخصيات المؤثرة في العالم بحنكته وحكمته وقدرته على تحقيق التوازن والتوافق في مختلف الأمور».

وتقول الدكتورة نوف الغامدي مستشارة التخطيط الاستراتيجي لقد رحل سلطان الخير والقلوب تاركا خلفه تركة ثقيلة وكبيرة وواسعة من العمل الخيري والإنساني والاجتماعي والبيئي داخل المملكة وخارجها ستبقى خالدة.. فهو شخصية فذة كريمة ومعطاءة شاركت في دعم مسيرة البناء.

وأضافت «لا يوجد شك في أن الأمير سلطان إداري محنك وهو سياسي محنك وهو رجل اجتماعي.. غفر الله له وجزاه خير الجزاء على ما قدم من أعمال إنسانية وخيرية وأسكنه فسيح جناته.. كانت من أهم كلماته عند عودته من رحلته العلاجية (إن بلادنا تسير والحمد لله وفق ما رسمه وخطط له خادم الحرمين الشريفين في أن يكون الإنسان السعودي محورا أساسيا في مشروع التنمية والتطوير وهو طاقة هذه البلاد وثروتها التي لا تنضب).. ورغم مشاغله الكثيرة لمهام عمله الرسمية كولي للعهد ووزير للدفاع كان محبا للخير وساعيا إليه وشغوفا ببناء الكثير والعديد من المؤسسات والبرامج التنموية والمساهمة في كل أنواع الخير والمساعدة سواء بالجهد أو بالدعم المعنوي والمادي».

كما أشارت إلى تأسيسه رحمه الله العديد من المؤسسات الخيرية التي تم تحويلها إلى عمل مؤسسي تشرف عليه جهات خيرية متخصصة تنظيما لأعمالها وضمانا لاستمرارها ومن أبرز تلك الجهات مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية ولجنة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخاصة للإغاثة.. ودعمت أيادي الفقيد الكبير الكثير من البرامج العلمية والجوائز والمشروعات العلمية في مختلف الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والبحثية داخل وخارج المملكة إيمانا منه بأهمية العلم والعلماء والباحثين في نهضة وتقدم الأمم.. وكان من أبرز تلك البرامج كرسي الأمير سلطان للتوعية الصحية وتدريب المعلمين في منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (يونسكو) في هندسة البيئة بقسم الهندسة المدنية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وهو أول الكراسي والبرامج والجوائز العلمية في الجامعة.. وكذلك كرسي الأمير سلطان بن عبد العزيز لتقنية الاتصالات والمعلومات في جامعة الملك سعود وكرسي الأمير سلطان بن عبد العزيز للبيئة والحياة الفطرية في جامعة الملك سعود وكرسي الأمير سلطان بن عبد العزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة في جامعة الملك سعود.. كما حظيت البرامج العلمية بدعم الأمير سلطان بن عبد العزيز ومنها برنامج الدراسات العربية والإسلامية في جامعة بركلي في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة.. ويهدف البرنامج إلى تعليم اللغة العربية والشريعة الإسلامية ودعم الباحثين الزائرين والخريجين وطلاب الدراسات العليا.. كما يهدف البرنامج إلى التعريف بمبادئ الإسلام السمحة لتقريب وجهات النظر بين الشرق والغرب.. وامتدادا لإيمانه بأهمية البحث العلمي ودوره في خدمة الإنسانية بشكل لا حدود له.

وتشير عبير الهديان سيدة الأعمال إلى دعم ولي العهد السعودي الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز للعديد من المشروعات العلمية والبحثية في الداخل والخارج منها دعم جامعة الأمير سلطان الأهلية في الرياض ودعم كلية دار الحكمة للبنات في مدينة جدة السعودية.. وكذلك دعم مشروعات أبحاث الإعاقة ومراكز المعاقين ودعم مراكز أبحاث وعلاج أمراض القلب ودعم أبحاث الشيخوخة والخرف بجامعة الملك سعود بالرياض إضافة إلى تأسيس مركز الأمير سلطان الحضاري في مدينة حائل السعودية.. كما قام بتمويل ودعم الجمعية السعودية للاقتصاد والجمعية السعودية للإعلام والاتصال في جامعة الملك سعود ودعم الكراسي العلمية في جامعة الملك سعود بمبلغ 50 مليون ريال سعودي ودعم عددا من الجمعيات والفعاليات العلمية في جامعات السعودية.. ولا يسعني سوى أن أقول إن الوطن فقد رجلا من أعز رجالاته وأحد أهم أذرعه.. سلطان الخير جابر عثرات الكرام.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

واختتمت بقولها إن أفراد الشعب السعودي لن ينسوا سلطان الخير ومحبوب القلوب فالأمير سلطان - رحمة الله عليه - أحب الناس فأحبه الشعب وحقق العديد من الإنجازات الشاهدة على جبين الوطن وحقق لبلاده نجاحات وإنجازات كبيرة على مختلف الأصعدة.