«الشرق الأوسط» تروي حكاية ولي العهد مع طفلي حائل

بكيا حزنا.. وتمنيا أن يشاركا في الصلاة عليه.. وسؤالهما الأول: «وينك تأخرت؟»

TT

استطاع طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة أن يكسر البروتوكول والمراسم المعدة في حفل رسمي حضره الأمير سلطان بن عبد العزيز، أقيم بمنطقة حائل (شمال السعودية) عام 2004، لوضع حجر الأساس لمركز الأمير سلمان بن عبد العزيز للأطفال المعاقين بالمنطقة؛ حيث قام الطفل مخاطبا الأمير سلطان بعدد من الأسئلة التي كانت مليئة ببراءة الأطفال، حيث قال: «وينك تأخرت؟ وين سيارتك؟ وينه جوالك؟». فما كان من الأمير سلطان إلا أن تجاذب مع ذلك الطفل أطراف الحديث، في مشهد عفوي، مطالبا الطفل بأن يعرض طلباته وطلبات أقرانه الأطفال ممن كانوا إلى جواره في استقبل الأمير سلطان بمدخل المركز، ووجه الأمير سلطان أمره للقائمين على المركز بضرورة متابعة حالتهم الصحية وتلقي طلباتهم وتنفيذها في الحال.

وكان عبد الله الجريد هو ذلك الطفل، الذي وجه كلامه إلى الأمير سلطان، قد عاد ليكرر الموقف مجددا مع الأمير سلطان في مناسبة أخرى جمعته بالأمير بمكتبه في العاصمة السعودية الرياض، ليعاد المشهد من جديد بعفوية الأب، وبراءة الطفل، وليكتمل المشهد الإنساني الذي عرف عن شخص الأمير سلطان بن عبد العزيز بين أبناء شعبه.

وفي بداية ذلك اللقاء، قال الطفل الجريد، مخاطبا الأمير سلطان، بعبارته الشهيرة: «شلونك بابا سلطان»، في حين بادره الأمير سلطان بحمله بين ذراعيه وضمه إلى صدره، ليبادره الطفل الجريد بتقبيله والحديث معه، فيما كان الأمير سلطان يكرر على ذلكم الطفل كلماته الأبوية بأن يطلب ما يريد، وهنا كان الطفل الجريد قد بادر الأمير سلطان ليطلب منه سيارة لوالده يتمكن بها من التنقل مع والده، فلبى الأمير سلطان طلبه، وأعرب عن حبه لذلك الطفل في معرض حديثه له.

في حين حظي ذلك اللقاء بين الأمير سلطان والطفل الجريد بمتابعة كبيرة من أفراد المجتمع السعودي، وذلك بعد عرضه تلفزيونيا، وتناقلته في حينه العديد من مواقع شبكة الإنترنت والمنتديات المحلية، وغيرها من المواقع الإخبارية.

ويؤكد هنا الطفل عبد الله الجريد لـ«الشرق الأوسط» خلال لقاءها به في منزل والده، أن خبر وفاة الأمير سلطان نقله له أستاذه في المدرسة صباح أول من أمس، مؤكدا على عدم استطاعته مواصلة يومه الدراسي، حيث فضل الخروج من المدرسة بعد تلقيه ذلك النبأ، لافتا إلى أنه لا يستطيع في الفترة الحالية العودة للمدرسة.

وأضاف الجريد، الذي كان باديا عليه الحزن، أنه كان ينوي هو ووالده زيارة الأمير سلطان بن عبد العزيز بعد عودته من رحلته العلاجية والسلام عليه، مشيرا إلى أنه كان ينوي إخبار الأمير سلطان بحالته الصحية والتحسن الذي طرأ عليها بعد أن تكفل الأمير سلطان بعلاجه في ألمانيا.

وشدد الجريد على أنه يتمنى الصلاة على الأمير سلطان، وحضور جنازته، نظرا لما يمثله الأمير سلطان له من مكانه في قلبه.

وأوضح الطفل الجريد أن الأمير سلطان كان كثير السؤال عنه، موضحا تلقيه عددا من الاتصالات الشخصية من الأمير سلطان للاطمئنان عليه خلال فترة رحلة الطفل عبد الله الجريد العلاجية بألمانيا.

إلى ذلك، أعرب عادل والد الطفل عبد الله الجريد عن أسفه وحزنه لوفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز، قائلا «الجميع حزن، ولكن حزن ابني عبد الله اليوم حزنا عظيما، وما زال الحزن مخيما عليه»، موضحا أن الأمير الراحل أمر بعلاج ابنه في ألمانيا، حيث تم استئصال إحدى الكليتين واثنتين من فقرات الظهر نتيجة الإعاقة، أصيب بها سابقا.

ولفت عادل إلى أن ابنه قبل العلاج لم يكن قادرا على الحركة، إلا أنه بعد إجرائه العملية الجراحية التي تكفل بها الأمير سلطان على نفقته الخاصة، تمكن من الحركة وممارسة حياته اليومية براحة أكثر.

من جانب آخر، قال الطفل عبد الرحمن الضبعان، والحزن يعصف بوجهه، إن الأمير سلطان قام برفعه من كرسيه وتقبيله، وذلك خلال زيارته الافتتاحية لمركز الأطفال المعاقين بمنطقة حائل، مضيفا أن ذلك الفعل من الأمير سلطان جعله وأقرانه الصغار يرتبطون كثيرا بشخص الأمير سلطان، لما لمسوه لاحقا من اهتمام وسؤال دائم عنهم، لافتا إلى أن سؤال الأمير سلطان كان يتعداه ليسأل عن أخته الشقيقة صفية.

هذا، وكان خبر وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي قد أعاد للأذهان تلك المشاهد، التي كثر تناولها والاطلاع عليها على موقع «يوتيوب» بشبكة الإنترنت، وكان الأمير سلطان بن عبد العزيز قد تبرع بعلاج الأطفال الثلاثة على حسابه الخاص خارج الوطن عام 2005، فيما تبرع أيضا بمبلغ 100 ألف ريال وسيارة من نوع «جيمس» للأطفال المعاقين الثلاثة، وجاءت أول مقابلة للأمير سلطان مع الأطفال المعاقين أثناء احتفال جمعية الأطفال المعوقين في حائل إبان زيارته الأخيرة لمركز الأمير سلمان بن عبد العزيز للأطفال المعاقين بحائل.