ولي العهد الراحل: السعودية منطلق رسالة الإسلام الخالدة ملزمة بالقيام بدور علمي يخدم الإنسانية جمعاء

مستذكرا الرحلة التاريخية التي دخلت بها بلاده عالم الفضاء قبل ربع قرن

TT

حمل الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز في ذاكرته انطباعات جميلة ومؤثرة عن أول رحلة فضائية سجلت ريادتها لبلاده، كما استذكر الدور الرائد للملك الراحل فهد بن عبد العزيز لاحتضانه هذه المبادرة غير المسبوقة على المستوى العربي والإسلامي ودعمه لها ومتابعته الدقيقة لكل تفاصيلها، كما استذكر ولي العهد الراحل بكل تقدير ما وجدته هذه المبادرة قبل ربع قرن من اهتمام خاص من الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي كان ولا يزال مهتما ببناء الإنسان السعودي ليكون ركيزة أساسية لمشروع التنمية الوطنية.

وفي كتاب أنجز مؤخرا وصدر بمناسبة مرور 25 عاما على أول ريادة إسلامية وعربية في الفضاء ويعد استكمالا للطبعة الأولى لكتاب «عربي في الفضاء» الصادر عام 1985م، وقدم الكتاب الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز وتم في الكتاب عرض تفاصيل هذه التجربة الرائدة من قبل مؤلفيه الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رائد الفضاء العربي الأول، والدكتور أحمد نبيل أبو خطوة، والدكتور طارق علي فدعق، وحمل عنوان «كوكب واحد.. قصة أول ريادة عربية للفضاء»، وأبرز الكتاب الذي يعد التوثيق العربي الوحيد للرحلة التاريخية التي دخلت بها السعودية عالم الفضاء قبل ربع قرن نص المحادثة الهاتفية التي أجراها العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبد العزيز على الهواء مباشرة مع الأمير سلطان بن سلمان أثناء الرحلة، وشاهدها الملايين وكانت الأولى من نوعها في التاريخ بين قائد دولة خارج الولايات المتحدة ورائد فضاء غير أميركي، وجاء فيها: «الابن العزيز سلطان بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، انتهز هذه الفرصة لأبعث لك ولزملائك من وطنك المملكة العربية السعودية أطيب التمنيات على متن هذه الرحلة التي سوف تكون إن شاء الله في خدمة الإسلام والمسلمين والأمة العربية. إننا فخورون بأدائك لمهمتك الناجحة في الفضاء ونتمنى لك عودة سعيدة».

كما تصدر الكتاب نص برقية الملك عبد الله بن عبد العزيز (عندما كان وليا للعهد) لتهنئة رائد الفضاء العربي بمناسبة العودة من الرحلة، وجاء نصها: «صاحب السمو الملكي ابني العزيز سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، لقد سررت بعودتك من رحلتك الفضائية، وكانت هذه الرحلة البكر بالنسبة للإنسان العربي تجاوزا كبيرا لسلبيات الزمن المديد الذي ما كان ميتا في الرسالة الإنسانية الخالدة.. بارك الله بكم».

وسطر الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز مقدمة الكتاب، وقال فيها: «يسعدني أن أقدم لهذا الكتاب الذي يستذكر مناسبة علمية مهمة في تاريخ أمتنا الإسلامية والعربية وبلادنا الغالية، وهي أول مشاركة عربية إسلامية في رحلة فضاء، وبعد مرور خمسة وعشرين عاما على تلك المشاركة التي انطلقت عام 1405هـ الموافق 1985م، وتبعتها العديد من الإنجازات المهمة في مجال الفضاء والعلوم، أجدها فرصة مواتية لحمد الله تعالى قبل كل شيء على توفيقه بأن تم إنجاز تلك المهمة على أتم وجه وبنجاح كبير. وقد كانت تلك المهمة خطوة في مسار إنجازات عظيمة في مجالات العلوم والتقنية والتعاون العلمي الدولي.

لقد أسهمت المشاركة السعودية في تلك الرحلة الفضائية في استنهاض الهمم وإبراز أحد أوجه التقدم العلمي في بلادنا الذي تحقق خلال سنوات التأسيس والتنمية المتتابعة في الإنسان ليكون مواطنا مخلصا قادرا على خدمة وطنه وأمته، والمشاركة مع أقرانه في أنحاء العالم لما يخدم الإنسانية جمعاء.

فالمملكة العربية السعودية دولة أسست على ثوابت إسلامية راسخة، تشجع على العلم والاهتمام بالعلماء والتعاون مع شركاء المعرفة والعلوم في سبيل خير الإنسانية، والمملكة تواصل اليوم في هذا العهد الزاهر مسيرة النمو العلمي والتطوير الشامل وتبني على ما أسسه الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن، طيب الله ثراه، وأبناؤه ملوك الدولة السعودية الحديثة من بعده. وأؤكد هنا أن بلادنا ترى أنها ومن موقعها الرائد كمنطلق رسالة الإسلام الخالدة ملزمة بالقيام بدورها العلمي التعاوني في كل ما يخدم الوطن العربي والإسلامي ويخدم الإنسانية جمعاء.

وأنا إذ أحيي هنا تلك النخبة التي شاركت بكل تميز وعلى رأسهم الابن الأمير سلطان بن سلمان في تمثيل بلادنا والأمتين العربية والإسلامية في أول رحلة فضائية، لأؤكد أن هذه المجموعة التي تمثل أبناء الوطن وبناته، قد خرجت من بيئة صالحة ونتاج غرس وضع أساسه مع بناء هذه الوحدة المباركة. وأحمل شخصيا في ذاكرتي انطباعات جميلة ومؤثرة عن تلك الرحلة لقربي منها منذ بدايتها، وأستذكر بالتقدير الكبير الدور الراشد للمغفور له إن شاء الله الملك فهد بن عبد العزيز لاحتضانه هذه المبادرة غير المسبوقة ودعمه ومتابعته الدقيقة لكل تفاصيلها، وقد رآها يرحمه الله بنظرة القائد الملهم الذي عاصر أحداث التنمية عن قرب، وأنها رمز لما وصل إليه المواطن من مكانة مهنية علمية بارزة أهلته للمشاركة في إحدى أعقد المهمات العلمية والتقنية وأصعبها.

كما أستذكر بكل تقدير ما وجدته هذه المبادرة آنذاك من اهتمام خاص من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، الذي كان ولا يزال مهتما ببناء الإنسان السعودي ليكون ركيزة أساسية في مشروع التنمية الوطنية. كما عرف أيده الله بحرصه على التعليم عموما والتعليم العالي بشكل خاص، والاهتمام بالمراكز البحثية والجامعات المتخصصة، والتي توجت بإنشاء جامعة الملك عبد الله بن عبد العزيز للعلوم والتقنية.

ختاما، أسأل المولى عز وجل أن يوفقنا جميعا لما فيه الخير والصلاح، وأن يمدنا بعونه لمواصلة البناء والتطوير والتحديث حتى نصل إلى ما يجب أن تكون عليه من مكانة كشريك فاعل مع دول العالم الأخرى، لبناء مستقبل أفضل للإنسانية».

كما تضمن الكتاب كلمة للأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، عن هذه الرحلة التاريخية التي كان بطلها الأمير سلطان بن سلمان، بقوله: «رحلة سلطان لم تكن رحلة عادية ونزهة، وإنما كانت لخدمة أهداف علمية لصالح العلم والتعليم.. ويجب أن نعتز بها كمواطنين سعوديين بأننا وصلنا إلى مرحلة من التعليم والتطور جعلتنا نستوعب هذه المهمة، وجعلت علماءنا يقومون بأبحاث فضائية لخدمة العلم في المملكة العربية السعودية والبلاد العربية والإسلامية».