واشنطن: سفيرنا سيعود لدمشق للاستماع للشعب السوري.. ولإقناع الأسد بالرحيل

الخارجية الأميركية: صحيفتا «البعث» و«الثورة» وجهتا تهديدات لفورد وشجعتا العنف ضده من مواطنين وبلطجية

صورة وزعت أمس لمظاهرة حاشدة في الحولة قرب حمص تطالب بإسقاط النظام السوري (رويترز) و السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد (أ.ف.ب) و السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى (أ.ب)
TT

بعد استدعاء السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد، واستدعاء سوريا لسفيرها في واشنطن عماد مصطفى، قالت الخارجية الأميركية إنها لا تريد قطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، لحرصها على «الاستماع مباشرة لآراء الشعب السوري. ولمواصلة محاولة إقناع الرئيس السوري بشار الأسد بالرحيل». وقالت الخارجية إن فورد لم يستدع نهائيا، لكن هناك خوفا على حياته بسبب التهديدات، وخاصة من الإعلام السوري.

وقال مراقبون في واشنطن إن الخارجية الأميركية تريد التأكيد على عدم قطع العلاقات مع سوريا في هذا الوقت بالذات. ورغم أن فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، قالت إن الاستدعاء كان بسبب الخوف على حياة السفير، فإنها أشارت إلى أنه سوف يعود «بعد نهاية المشاورات التي يجريها هنا»، وإنه، عندما يعود، ستحمّل الحكومة الأميركية الحكومة السورية مسؤولية المحافظة على أمنه، حسب قوانين جنيف.

وقال المراقبون إن تركيز الخارجية الأميركية في البداية كان على «أمن» السفير فورد، لكن، حسب تصريحات نولاند، صارت الخارجية الأميركية تركز على «مشاورات» يجريها السفير في واشنطن. ويبدو أن هذا تمهيد لعودة السفير، رغم أن نولاند اعترفت، في مؤتمرها الصحافي اليومي، أنه لا يوجد تهديد معين يستهدف حياة السفير. وركزت على هجوم نشر في صحيفتي «البعث» و«الثورة» السوريتين.

وقال مصدر في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إنه «ربما كان قرار استدعاء السفير خطأ. ربما صدر أمر من هنا له بالعودة شفقة عليه وخوفا على حياته، من دون مراجعة شاملة لأصداء الأمر».

وقال المصدر إنه لا يعرف إذا كان القرار صدر من هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، أم من مسؤول أقل منها. وأضاف «ربما قال له شخص هنا: إذا شعرت أن الهجوم زاد عليك، تعالَ إلى هنا».

وقال المصدر إن المسؤولين عن الشأن السوري في الخارجية قضوا «كل اليوم تقريبا» يحاولون إقناع الصحافيين بأن هناك فرقا بين «استدعاء» و«قطع علاقات» و«مشاورات». وأضاف: «ربما سيتم التحقيق في هذا الموضوع. يبدو أن ناسا هنا لم يخططوا كثيرا لما بعد استدعاء السفير فورد». وانتقد المصدر توقيت سحب السفير في وقت تتفاقم فيه الأوضاع في سوريا، وقال «كيف نقول إنه استدعي للراحة في هذا الجو المتوتر، وبينما يتحدث مسؤولون أميركيون في الكونغرس عن عمليات عسكرية في سوريا؟»، في إشارة لتصريحات أدلى بها مؤخرا السيناتور البارز جون ماكين، التي رجح فيها خيار العمليات العسكرية، خصوصا بعد انتهاء العمليات في ليبيا.

وقالت نولاند إنها لا تملك وثيقة عن خطة معينة لإيذاء السفير الأميركي، ولكن «نحن نشعر بالقلق إزاء حملة التحريض التي تستهدف السفير فورد شخصيا في وسائل الإعلام التي تديرها الحكومة السورية. ونحن قلقون إزاء الوضع الأمني العام الذي تعيش فيه سوريا». وأضافت: «لهذا، أود أن أغتنم هذه الفرصة، وأدعو الحكومة السورية إلى أن تنهي فورا الحملة التشويهية الدعائية الخبيثة والمخادعة ضد السفير فورد».

ورغم استدعاء السفير السوري في واشنطن، فإن نولاند قالت إن السفير فورد سيعود إلى دمشق بعد «استكمال المشاورات التي يجريها هنا». وعندما يعود «سوف يتعين على حكومة سوريا توفير الأمن له، والوفاء بالتزاماتها حسب اتفاقية فيينا، تماما كما فعلنا نحن لحماية السفير مصطفى هنا». وأضافت أن «النقطة الأساسية» هي أن الحكومة الأميركية تحمي السفير مصطفى هنا، وتتوقع نفس الشيء من الحكومة السورية فيما يتعلق بالسفير فورد.

ورغم أن المتحدثة باسم الخارجية الأميركي ركزت على التهديدات الإعلامية، فإنها رفضت الحديث عن معلومات ربما جمعتها وكالات الاستخبارات الأميركية عن تهديدات معينة.

وفي إجابة عن سؤال إذا كانت تهديدات الصحف والإذاعات والتلفزيونات السورية «تهديدات بالاعتداء على السفير» أو مجرد «هجوم قوي على سياساته»، قالت إنها لا تريد أن تهبط إلى مستوى الإعلام السوري، وتنقل أشياء يقولها. لكنها أشارت إلى تهديدات في صحيفة «البعث» يوم 3 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وفي صحيفة «الثورة» يوم 18 من الشهر نفسه.

وكانت صحيفة «البعث» قد ذكرت في مقال نشر بذلك التاريخ أن «الهجمة على سوريا التي يقودها داخليا السفير الأميركي بدمشق روبرت فورد، تستخدم أداة محلية ذات بنية فكرية وتنظيمية طائفية إرهابية، وبدعم أطلسي (تركي - فرنسي) ورجعي عربي».

وأضافت نولاند أن الخطر هو «أن أنواع الأكاذيب التي تنتشر حول السفير فورد يمكن أن تؤدي إلى العنف ضده، سواء من مواطنين أو بلطجية من نوع أو آخر». وأن هذا الهجوم الإعلامي «محاولة لصرف الانتباه داخل سوريا بعيدا عن المطالب المشروعة للمتظاهرين المسالمين».

وردا على أسئلة انتقادية ومتشككة من كثير من الصحافيين خلال المؤتمر الصحافي حول أسباب سحب فورد، قالت نولاند إنه لا يوجد شرط معين لإعادة السفير، وإنه كان قد استدعي «لإجراء مشاورات.. إننا نريد أيضا أن نمنحه فترة راحة. وإننا ننوي أن يعود. ولكن أيضا نغتنم هذه الفرصة ونقول للحكومة السورية إنها يجب أن توقف هذا النوع من التحريض الإعلامي».

وعن استدعاء السفير السوري في واشنطن، قالت إن الخارجية السورية لم تبلغ ذلك للخارجية الأميركية، وإن الأخيرة تزود السفير السوري عماد مصطفى «بالحماية والأمن في إطار اتفاقية فيينا». وفي نفس الوقت «تستدعيه من وقت لآخر لتقول له إن سلوك النظام غير مناسب، كما فعلنا قبل بضعة أسابيع». وكانت واشنطن قد استدعت مصطفى في وقت سابق احتجاجا على الهجمات المتكررة التي تعرض لها السفير الأميركي في دمشق.

وردا على سؤال إذا كانت اجتماعات السفير فورد مع قادة المعارضة في سوريا، ونشره لآرائه في الإنترنت، تعد خرقا لاتفاقية جنيف وأنه «تعدى حدوده»، قالت نولاند: «سفراؤنا في جميع أنحاء العالم صرحاء جدا حول سياسة الولايات المتحدة. ونحن نشجع سفراءنا لاستخدام، ليس فقط الاتصالات الرسمية، وليس فقط الخطب، وليس فقط التصريحات الصحافية، ولكن، أيضا، وسائل الإعلام التكنولوجية الجديدة، وأن يشتركوا عبرها في حوارات مع مواطني الدول التي هم فيها». وأضافت: «من الشائع جدا أن للسفراء الأميركيين في الدول الأخرى مواقع وصفحات في الإنترنت، بهدف تأسيس علاقات تفاعلية مع شعوب تلك الدول».

«لم يتغير موقفنا. وذلك لأن الأغلبية العظمى من المعارضة السورية ما زالت تتحدث لصالح احتجاجات سلمية، وغير عنيفة، وضد التدخل الأجنبي من أي نوع، وخاصة التدخل العسكري الأجنبي». وأضافت: «نحن نحترم ذلك».

وكررت نولاند الانتقادات لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وقالت: «نحن نرى أن الوقت قد حان للأسد ليتنحى جانبا. حان الوقت لوضع حد لأعمال العنف، حان الوقت لإجراء حوار حول مستقبل ديمقراطي في إطار سلمي حقيقي».

وفي إجابة عن سؤال حول الانتظار لسحب السفير منذ أن أرسل إلى سوريا، بعد قطيعة دبلوماسية دامت 6 سنوات، قالت نولاند: «عندما جاءت هذه الإدارة، بذلت جهدا كبيرا وبحسن نية لإجراء إصلاحات داخلية، وللتعبير عن مبادئنا، حتى مصالحنا، وقيمنا، وتوقعاتنا. كان ذلك في سوريا، أو في إيران، أو في كوريا الشمالية. وقد أثمرت هذه الاستراتيجية في أماكن أخرى. لكنها لم تثمر في إيران وفي سوريا. ليس لأن الولايات المتحدة لم تكن ترغب في تحقيق أهدافها، ولكن لأن هذين النظامين اختارا مسارا مختلفا، اختارا مسارا سلبيا، ومسارا عنيفا».

وعن المجلس الوطني السوري المعارض، قالت نولاند إنه «يبدو أنه يقوم بتوحيد الجماعات الأخرى. لكن، حتى هذا الأسبوع، قال المجلس نفسه إنه لا يدعي أنه يمثل جميع الفئات». وقالت إن الولايات المتحدة تجري اتصالات مع المجلس، وأيضا، مع الكثير من الجهات المعارضة الأخرى وجماعات المعارضة في سوريا. وإن واشنطن تود أن ترى هذه المجموعات وقد توحدت، أو تعاونت قدر الإمكان. وإنها تركز على هذه الوحدة أو التعاون بصرف النظر عن الانتماءات. وعلى أهمية توحيد كلمة «السوريين من جميع مشارب الحياة، سواء كانت علوية، أو سنية، أو درزية، أو مسيحية».

وعن وفد الجامعة العربية الذي سيصل إلى دمشق هذا الأسبوع، قالت نولاند: «نحن طبعا نؤيد جهودهم، وإعلانهم أن رسالتهم رقم واحد لنظام الأسد هي وقف العنف بجميع أشكاله، ووقف التخويف، والوحشية، والاعتقالات، والتعذيب». وأضافت: «ثانيا: شعب سوريا ينبغي أن يسمح له بممارسة حقه في الاحتجاج. ثالثا: ينبغي أن يبدأ تحول سلمي، بما في ذلك الحوار». وأضافت: «سنرى إذا كان الأسد سوف يستمع هذه المرة. لكننا، لا نتوقع الكثير».

وعن الاتهامات التي وجهت إلى السفير السوري في واشنطن بأنه يهدد المعارضين السوريين الموجودين في الولايات المتحدة، قالت نولاند: «احتججنا أكثر من مرة وبشدة. ودعوناه إلى هنا لهذا السبب. والموضوع الآن في يد السلطات الأمنية والقضائية. وهناك شخص اتهم، والقضاء سوف يأخذ مجراه».