اشتباكات دامية بين قوات الأسد ومنشقين تسفر عن مقتل 7 من عناصر الأمن

استمرار حملات الدهم والاعتقالات في حمص.. ومظاهرة حاشدة في سوق الحميدية بدمشق

مظاهرة في الحولة تطالب بإسقاط النظام (رويترز)
TT

وقعت اشتباكات دامية أمس بين قوات موالية للرئيس السوري بشار الأسد ومجموعة من المنشقين عند حاجز مقام على المدخل الجنوبي لبلدة معرة النعمان، مما أسفر عن مقتل 7 من عناصر الأمن بينهم ضابط. وجاء ذلك بينما انطلقت مظاهرة في سوق الحميدية العريقة في مدينة دمشق أمس شارك فيها محامون وطلاب في كلية الحقوق.

وتؤوي بلدة معرة النعمان جنودا انشقوا خلال هجوم عسكري استهدف محافظة حمص في وسط البلاد في إحدى أكبر الهجمات التي تستهدف الانتفاضة الشعبية المستمرة منذ سبعة أشهر وانشقاقا في صفوف الجيش.

وقال أحد السكان قدم اسمه على أنه رائد في مكالمة هاتفية مع وكالة رويترز «لقد اندلعت معركة بالأسلحة النارية عصرا عند الحاجز الكبير الذي يحرسه جنود وأفراد من المخابرات العسكرية. هناك أيضا دبابات منتشرة»، وقال إن الحاجز هوجم ردا على عملية عسكرية الليلة الماضية استهدفت المنشقين الذين يقيمون حول مصنع للدجاج على مشارف معرة النعمان.

وتقع البلدة في منطقة زراعية على الطريق السريع الرئيسي في شمال البلاد على بعد 100 كيلومتر إلى الشمال من مدينة حمص وعلى بعد 70 كيلومترا من مدينة حلب المركز التجاري الرئيسي في سوريا.

وكانت معرة النعمان معقلا لمقاومة الرئيس السابق حافظ الأسد في الثمانينات عندما سحقت قواته معارضين إسلاميين ويساريين لحكمه وقتلت عشرات الآلاف.

من جانبه أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن منشقين شنوا هجوما على قافلة أمنية، مما أسفر عن مقتل سبعة من عناصرها بينهم ضابط.

وأوضح المرصد أن القافلة كانت مؤلفة «من أربعين حافلة أمن وسيارات رباعية الدفع وسيارات مكافحة الإرهاب»، وتعرضت للهجوم نحو الساعة 13,00 (10,00 ت.غ).

وأضاف المرصد أن «سيارات الأمن الموجودة في داخل معرة النعمان بالإضافة إلى ثلاث سيارات إسعاف هرعت إلى المكان حيث تم إغلاق المنطقة بشكل كامل»، مشيرا إلى أن «إطلاق النار ما يزال مستمرا حتى الآن».

وفي حمص (وسط) أكد المرصد العثور على «جثمان رجل مسن متحدر من حي الإنشاءات ومؤذن بأحد مساجدها على طريق تدمر (ريف حمص)»، مشيرا إلى أن «مجموعة من الشبيحة (عناصر مدنية موالية للنظام) كانت قد اختطفته فجر اليوم (أمس)»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف المرصد «سمع قبل قليل أصوات إطلاق رصاص في أحياء البياضة والخالدية والقرابيص في حمص حيث احترق محل تجاري صباح اليوم (أمس) في شارع الزير نتيجة إصابته بقصف رشاشات ثقيلة»، كما أكد «اعتقال تسعة أشخاص على حواجز في مدينة حمص بالإضافة إلى اعتقال سبعة مواطنين من قبل حاجز على مدخل بلدة تلبيسة (ريف حمص)».

وفي ريف حمص، أشار المرصد إلى وصول «تعزيزات أمنية إلى بلدة الحولة بعد اشتباكات يوم أمس التي سقط فيها عدد من الجرحى وإحراق أربعة منازل نتيجة القصف بالرشاشات الثقيلة من قبل الجيش».

وتشهد سوريا منذ منتصف مارس (آذار) حركة احتجاجية لا سابق لها سقط خلالها أكثر من ثلاثة آلاف قتيل بينهم 187 طفلا على الأقل بحسب الأمم المتحدة التي حذرت من مخاطر وقوع «حرب أهلية».

وفي سياق متصل، انطلقت على نحو مفاجئ مظاهرة في سوق الحميدية العريقة في مدينة دمشق، وذلك بعد ظهر يوم أمس ورغم الوجود الأمني الكثيف في السوق منذ انطلقت أول مظاهرة في هذه السوق في شهر مارس الماضي، وقال مشارك في المظاهرة إن أغلبية رفاقه كانوا محامين وطلاب حقوق، وعند الساعة الثالثة من بعد الظهر بدأ الشباب بالهتاف «الشعب يريد إسقاط النظام» ويا «حمص نحن معاكي للموت». وخلال دقائق هجمت عناصر الأمن بملابس مدنية والشبيحة بالعصي وانهالوا بالضرب على من يمسكون به من الشباب، وجرى اعتقال أكثر من خمسة عشر شابا، كما تمت ملاحقة المشاركين الهاربين إلى الحارات، حيث وصلت تعزيزات من قوى الشرطة وتم نشر الشبيحة على مداخل السوق. وقال ناشطون إن الشابة كندة العامود تم اعتقالها في مظاهرة الحميدية، لدى مبادرتها إلى تخليص زميلها من أيدي الشبيحة، وعندما أخبرتهم أنه خطيبها تم اعتقالهما معا. وكندة العامود طالبة علم اجتماع بالسنة الثانية، وهي من أهالي السلمية التابعة لمحافظة حماه، وأنشأ رفاقها صفحة لها على موقع «فيس بوك» للتضامن معها.

وتكتسب مظاهرة الحميدية أهميتها بأنها تأتي في مكان سبق وشهد أولى المظاهرات التي انطلقت في سوريا منذ ما قبل اندلاع الأحداث في درعا، كما أن لسوق الحميدية العريقة أهمية رمزية كبيرة لتاريخها الطويل الذي شهد أهم المظاهرات الشبابية التي شهدتها دمشق أثناء فترة الانتداب الفرنسي من أجل نيل الاستقلال والحرية.

على صعيد آخر قام شباب سوريون بتنفيذ ما أطلقوا عليه وصف «عملية نوعية» وهي وضع مجسمات رمزية لمشانق علقت فيها صور الرئيس بشار وهو يعدم، وتم توزيع المجسم في عدة مناطق وسط العاصمة، وتأتي تلك «العملية» ضمن سلسلة من العمليات السلمية المبتكرة للتعبير عن الاحتجاج إذ سبق وقام مجموعة من الشباب بوضع مسجلات صوت يتم تشغيلها عن بعد على حاويات القمامة في بعض الأحياء الراقية وتتضمن التسجيلات صوت الرئيس الأسد يدلي بأحد الخطابات، وقال الشباب الذين قاموا بالعملية إنه يلقي بخطابه في المكان اللائق.

إلى ذلك، حذر ناشطون في محافظة درعا، من قيام النظام بإدخال قوات من الفرقة الرابعة في الجيش خلال اليومين الماضيين إلى مدينة درعا تمهيدا للقيام بعملية عسكرية موسعة هناك، ترافقت مع حملة تمشيط للأحياء والمزارع. وفي قرية خربة غزالة اقتحمت قوات الأمن والشبيحة مدعومة بالجرافات القرية صباح أمس، ووسط إطلاق نار كثيف مدينة خربة غزالة، بهدف فك الإضراب المستمر منذ عشرة أيام، ويعد هذا الاقتحام الخامس خلال الأيام العشرة الأخيرة، وجرى خلالها مصادرة الدراجات النارية وإحراقها.