حمص والقصير تحت الحصار.. وتحذيرات من كارثة إنسانية

ناشط حمصي لـ «الشرق الأوسط»: النظام يحضر لمظاهرة تأييد بالتزامن مع زيارة الوفد العربي

TT

تكاد تكون مدينتا حمص والقصير السوريتان، الأكثر معاناة بعد «جمعة شهداء المهلة العربية»، بسبب الحصار العسكري والأمني المفروض عليهما، عقابا لهما على المظاهرات الحاشدة التي اعتاد المعارضون على تنظيمها بشكل دائم ومتواصل للمطالبة بإسقاط النظام، وخصوصا أن المتظاهرين استلهموا في جمعتهم الأخيرة ما حصل في ليبيا والنهاية التي بلغها العقيد معمر القذافي وأبناؤه والمقربون منه.

وفي حين أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قتل المدنيين برصاص الأمن مستمر في أحياء حمص، بالتزامن مع المظاهرات الليلية التي تخرج في أحياء عدة من مدينة حمص على الرغم من العمليات الأمنية والعسكرية، أعلن الناشط في منسقية حمص أبو جعفر الحمصي، أن «مدينة حمص تعيش أياما صعبة للغاية، بفعل الحصار المفروض عليها من قبل الجيش والأمن السوريين». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجيش الموجود داخل حمص أكثر من عدد السكان، بحيث إن الحواجز منتشرة بشكل غير مسبوق والهدف من ذلك خنق أي تحرك شعبي أو مظاهرات محتملة إلى حين انتهاء اللجنة العربية من مهمتها في دمشق». وقال إن «الأمن طلب من جميع موظفي الدولة وعائلاتهم ضرورة الانتقال يوم الأربعاء (اليوم) إلى دمشق لتنظيم مظاهرة مؤيدة للنظام، بالتزامن مع الاجتماعات التي ستعقدها اللجنة العربية، كما أن الأمن حجز كل الحافلات الخاصة والأوراق الثبوتية العائدة لها ولأصحابها لإلزامهم بالنزول إلى المظاهرة في دمشق». ووصف أبو جعفر حمص بأنها «مدينة جريحة وتنزف دما، وهي تتعرض للقصف وللعمليات الأمنية والعسكرية، وكأنها إحدى مناطق فلسطين المنكوبة، وأهلها يفتقدون حاليا الخبز والماء والكهرباء ووسيلة الاتصال»، مشيرا إلى أن «المحال التجارية التي يؤيد أصحابها النظام تفتح بشكل طبيعي وتبيع المواد الغذائية بثلاثة أضعاف سعرها الحقيقي، أما المحال والمتاجر التي يملكها المعارضون فتعرضت للنهب والإحراق».

ولفت إلى أن الجيش «يفرض حظرا للتجول داخل المدينة، ولا يسمح لأحد بالخروج إلا ما بين الساعة الثامنة صباحا والثالثة بعد الظهر، وسيرا على الأقدام لأنه يحظر استعمال السيارة أو الدراجات النارية، كما أن المنزل الذي يضيء الكهرباء ليلا بواسطة مولد يتعرض للقصف فورا»، موضحا أنه «لا يسمح لأكثر من عشرة أشخاص بالسير في موكب الجنازة كي لا تتحول إلى مظاهرة». وأضاف أنه «حتى المساجد لم تسلم من اعتداءات النظام، فكل مسجد يرفع فيه الأذان يتعرض للقصف بواسطة الدبابات مباشرة».

أما مدينة القصير القريبة من الحدود اللبنانية، فمأساتها لا تقل عن مأساة حمص، كما يقول عضو منسقية المدينة محمود خليل الذي لفت إلى أنها (القصير) مطوقة من ثلاثة محاور، وهي المشتل - المحطة، والمدخل الرئيسي والطريق الدولي المؤدي إلى العقربية لجهة الحدود اللبنانية. وأكد خليل في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن «ما يزيد على عشرة آلاف عنصر من الجيش النظامي السوري ومن الأمن والشبيحة، مع عشرات الدبابات والمدرعات يضربون طوقا محكما حول القصير، بعد حملة المداهمات والاعتقالات التي بدأت منذ يوم الجمعة الماضي، وما زالت مستمرة رغم سقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، واعتقال عشرات الرجال». ولفت المنسق إلى أن «الجيش والأمن لم يكتفيا بالحصار الخارجي، بل عمدا مع الشبيحة إلى تقطيع أوصال المدينة وعزل حاراتها عن بعضها البعض، عبر إقامة 22 حاجزا في داخلها، وفرض منع للتجوال، بحيث إن أي شخص يتحرك يطلق عليه النار فورا». وقال: «الكهرباء واتصالات الهاتف الثابت والجوال مقطوعة عن المدينة منذ الجمعة، باستثناء من لديه خط هاتف يعمل عبر الثريا، كما أن الشبيحة أطلقوا النار على خزانات المياه، فضلا عن أن المواد الغذائية فقدت من معظم البيوت والناس لا تستطيع الذهاب إلى المتاجر؛ لأنها مغلقة بفعل منع التجوال ليلا نهارا، الأمر الذي ينذر بوقوع كارثة إنسانية في القصير، إن لم يرفع الحصار عنها خلال ساعات، خصوصا مع فقدان المياه والأدوية للمرضى وحليب الأطفال والمواد الغذائية». أضاف أن «الحصيلة الأولية للضحايا الذين سقطوا منذ ثلاثة أيام في القصير ستة شهداء هم رئيف العتر الذي قتلوه أمام ولده، وإبراهيم السمرة وعبد القادر مطر، والثلاث فتيات اللاتي قتلن عندما كن مع والدتهن التي أصيبت إصابة خطيرة، فضلا عن اعتقال ما يزيد على 80 شخصا بينهم ثمانية مشايخ (رجال دين) لأنهم يواظبون على رفع الأذان والصلاة في المساجد»، مشيرا إلى أن «معظم شباب القصير يبيتون في البساتين وفي العراء لأن كل شاب يبقى في منزله مصيره الاعتقال أو القتل». وأعلن أن «الأمر وصل بجماعة الأمن والشبيحة إلى إطلاق النار على الأبقار وقتلها في بلدتي سرقجة والبرهانية من دون أي سبب، وهذا قمة الإجرام».