«النهضة» التونسي مع رحيل المبزع وقائد السبسي

احتمال بقائهما في موقعيهما إذا لم تتمكن أحزاب الأغلبية في المجلس التأسيسي من الاتفاق على من يقود البلاد

TT

بعد أن اتضحت الصورة التقريبية لتركيبة المجلس التأسيسي التونسي، وحصول حزب النهضة على نسبة كبيرة من أصوات الناخبين التونسيين، تتجه الأنظار الآن إلى الصلاحيات المخولة للمجلس، وطريقة عمله ومدة ولايته، لإصدار دستور جديد للبلاد. وسيطلب من حزب النهضة التحالف مع حزبين أو أكثر للحصول على 51 في المائة من مقاعد المجلس التأسيسي حتى يتمكن من تمرير مشروع الدستور. ويبدو أن بعض فصول الدستور الجديد ستثير جدلا سياسيا من جديد بين الأطراف السياسية، خاصة ما تعلق بالفصل الأول من الدستور المتضمن هوية تونس العربية الإسلامية. كما أن منصب رئيس الجمهورية، ومنصب رئيس الحكومة، بعد مغادرة الباجي قائد السبسي، سيثيران بدورهما تساؤلات وسط الطبقة السياسية. وفي سياق ذلك، انقسم الشارع التونسي حول هذا الموضوع إلى قسمين، وذلك مباشرة بعد تعبير قائد السبسي خلال زيارته إلى الولايات المتحدة عن رغبته في مواصلة النشاط السياسي بعد انتخابات المجلس التأسيسي؛ ففي حين اعتبر القسم الأول أن بقاءه قد يكون مفيدا خلال المرحلة الوفاقية المقبلة، رأت أطراف أخرى أن على السبسي تسليم مقاليد رئاسة الحكومة إلى حكومة جديدة، وذلك في رغبة واضحة للقطع مع الماضي بصفة حاسمة.

وكان حمادي الجبالي، الأمين العام لحركة النهضة، ساند، في حوار أجرته معه صحيفة «الفجر» الناطقة باسم الحركة، فكرة تعيين رئيس للبلاد ورئيس حكومة من قبل أعضاء المجلس التأسيسي، وهو ما اعتبره بعض المراقبين محاولة من الجبالي للرد على تصريحات السبسي، مما جعل العلاقة بين رئيس الحكومة المؤقتة وحزب النهضة تشهد بعض التجاذبات خلال الفترة الأخيرة.

وحول صلاحيات المجلس التأسيسي وبقاء الحكومة المؤقتة ورئيس الجمهورية أو عدم بقائهما بعد الانتخابات، قال نور الدين العرباوي، القيادي في حزب النهضة، إن منطق الأشياء خلال المرحلة المقبلة هو تجديد الدماء، وإرساء شرعية جديدة في تونس، وبالتالي، فإن «النهضة» ينتظر مغادرة السبسي وفؤاد المبزع منصبيهما خلال الأيام المقبلة، لأن الحزب يرى أن يكون المجلس التأسيسي سيد نفسه وله الصلاحيات الكاملة في كل الشؤون. واعتبر أن أول اجتماع للمجلس سيقرر جملة من الخطوات؛ من بينها انتخاب رئيس للمجلس، وسن نظام داخلي له، ومن ثم انتخاب الرئيس الشرعي المؤقت للبلاد. وقال إن مختلف الأطراف السياسية، خاصة التي وقعت على وثيقة الانتقال الديمقراطي، اتفقت على أن يكون عمر المجلس سنة واحدة، وهو الذي سيحكم البلاد، ويعين رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة ويقوم بدور السلطة التشريعية (البرلمان).

وفي الشأن ذاته، قال كريم الميساوي، رئيس حزب التحالف من أجل تونس (حزب أنشئ بعد الثورة) إن التونسيين من الناحية الرمزية يحبذون طي صفحة عهد زين العابدين بن علي ويريدون القطع مع عقلية التشبث بالكراسي التي سادت منذ استقلال تونس سنة 1956. ويترقب جميع التونسيين إفراز مشروعية جديدة بعد إجراء الانتخابات، لذلك، قد يتشبث البعض بضرورة رحيل المبزع والسبسي بعد أن أوصلوا السفينة إلى بر الأمان. لكن الميساوي أشار، من ناحية أخرى، إلى أن أعضاء المجلس التأسيسي يمكنهم الاختيار من جديد السبسي لمواصلة قيادة الحكومة بمعية رئيس الجمهورية الحالي، وقد يواصل المهمة إذا لم تتمكن الأحزاب السياسية التي ستكون صاحبة الأغلبية في المجلس من الاتفاق حول شخصيتين سياسيتين جديدتين لقيادة البلاد خلال المرحلة المقبلة.