وزارة الثقافة والإعلام تؤجل الملتقى الثاني للمثقفين السعوديين

مثقفون سعوديون يعبرون عن حزنهم العميق لرحيل ولي العهد

TT

أعلنت وزارة الثقافة والإعلام السعودية، تأجيل الملتقى الثاني للمثقفين السعوديين الذي كان مقررا انطلاقه مساء الثلاثاء القادم، نظرا لوفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام.

وأوضحت الوزارة أنه سيتم الإعلان عن الموعد الجديد لعقد الملتقى في وقت لاحق، حيث كان لخبر وفاة ولي العهد كبير الأثر في نفوس كل شرائح المجتمع السعودي وقطاعاته وكياناته وقياداتها الثقافية والسياسية والاجتماعية.

وكان الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجه، وزير الثقافة والإعلام والمشرف العام على الملتقى، قد اعتمد في وقت سابق جدول فعاليات ملتقى المثقفين السعوديين الثاني، والذي كان من المؤمل أن يحتضنه مركز الملك فهد الثقافي بالرياض خلال الفترة من يوم الثلاثاء السابع والعشرين من ذي القعدة، إلى الجمعة الأول من شهر ذي الحجة، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وإثر هذا الرحيل المفجع للرجل الثاني في الدولة، عبّر عدد من المثقفين السعوديين عن مدى حزنهم لهذا المصاب الجلل. وفي هذا السياق، قال المستشار والباحث الإعلامي والروائي خالد خضري «كان الأمير سلطان رحمه الله إحدى ركائز ورعاة الإبداع في السعودية، من خلال أكثر من بوابة، فكان قد أسس برنامج الأمير سلطان بن عبد العزيز للدراسات العربية والإسلامية بجامعة بيركلي، كاليفورنيا، في الولايات المتحدة الأميركية، وهو البرنامج الذي كان له الأثر الكبير في بسط ونشر ثقافة الحوار من خلال نشاطاته وفعالياته.

وعدّ خضري رحيل ولي العهد الأمير سلطان بمثابة الفاجعة لدى الشعب السعودي عامة والوسط الثقافي خاصة، مشيرا إلى أنه كان قد هدف من خلال رعايته وتأسيسه عددا من اللجان والبرامج إلى خدمة البلاد في شتى الميادين، لا سيما ميدان الثقافة والأدب. وزاد أن برنامج الأمير سلطان بن عبد العزيز للدراسات العربية والإسلامية بأميركا، هدف منه إلى إشاعة تعليم اللغة العربية والشريعة الإسلامية في أميركا، وفي ذلك خدمة للثقافة والأدب.

وأشار إلى دعم الأمير الراحل للباحثين الزائرين والخريجين وطلاب الدراسات العليا والمهتمين بدراسة الموضوعات التي تهم العالمين العربي والإسلامي، بما في ذلك اللغة والتاريخ وعلم الاجتماع وعلم الجنس البشري وغير ذلك من العلوم. كما يهدف البرنامج إلى التعريف بمبادئ الإسلام السمحة لتقريب وجهات النظر بين الشرق والغرب.

من ناحيته، توجه الدكتور عبد الله الوشمي، رئيس نادي الرياض الأدبي، بالعزاء الكبير لمقام خادم الحرمين الشريفين وللوطن وللشعب السعودي الكريم، في وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، والدعوات الخالصة بأن يرحمه الله ويغفر له ويسكنه فسيح جنانه.

وقال الوشمي «لا بد ونحن في هذه اللحظة الحزينة أن نتذكر المسيرة التاريخية البيضاء لسموه رفقة الملوك الكرام، بدءا من المؤسس الكبير رحمه الله، وانتهاء بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وجهود سمو الأمير سلطان متصلة بلحمة هذا الوطن ودعم قيادته».

وأضاف «لسموه فقيد البلاد أياد بيضاء على مسارات عدة؛ الدينية والدعوية والرسمية والعلمية والبيئية والخيرية والثقافية». وقال «لعلي هنا أشير إلى مزية أعماله رحمه الله في المسار الخيري والثقافي، وتتمثل في التحول إلى العمل المؤسساتي، فسموه كان يضعها ضمن رابط ينتظمها فلا تصبح مرتهنة للوقت الطارئ، وإنما تحتضنها الجامعات والمؤسسات والمراكز والجوائز، وتلك سمة التفكير المنهجي الدائم الذي يتطلع إلى الاستمرارية في الأداء والنجاح».

وأشار الوشمي إلى مؤسسة الأمير سلطان الخيرية، وإلى جوائزه المتعددة، وإلى الموسوعات العلمية المتخصصة في الشؤون العالمية والثقافة التقليدية والأدب السعودي، وإلى المراكز الإسلامية والعربية في أنحاء العالم، وإلى الكراسي العلمية في مختلف التخصصات، وغيرها كثير في أنحاء العالم، مضيفا «رحمك الله يا سلطان الخير وغفر لك، وألهم محبيك الصبر والاحتساب».

الشاعر السعودي حسن الزهراني، رئيس نادي الباحة الأدبي، حكى تجربة معبرة عن فقيد البلاد، والذي سماه بسلطان الخير وسلطان الإنسانية وسلطان الوطن، مشيرا إلى أنه أفنى قرابة ستين سنة في خدمة الوطن منتقلا فيه من خدمة إلى أخرى، ومن عطاء إلى عطاء لهذا البلد الذي لم يتوان في خدمته لحظة واحدة. وقال «هذا الرجل الإنسان تفرد بابتسامة في تعامله مع كل الفئات، حيث جعل الابتسامة علامة بارزة فيه لا تفارق محياه في كل الأحوال وفي أحلك ظروف المرض في وجه كل من يقابله بغض النظر عن وزنه».

وحكى الزهراني قائلا «لي تجربة خاصة معه، حيث كنت ألقيت قصيدة تحت عنوان: من لؤلؤة الجنوب (الباحة) إلى حبيب القلوب (سلطان)، بين يديه على حذر، ذلك لأن المسؤولين في الباحة طلبوا منا ألا نطالب بخدمات للمنطقة من خلال قصائدنا، وطلبوا منا أن نجعلها معبرة عن أحاسيسنا كشعراء فقط باعتبار هذه المطالبات ستقوم بها الجهات الرسمية بالمنطقة».

وأضاف الزهراني «لكنني ألقيت القصيدة وتحدثت فيها عن معاناة أهل الباحة في شح المياه ومن ثم موت الأشجار والحيوان عطشا على الرغم من أنهم بقرب البحر الأحمر، وبمجرد الانتهاء من إلقاء القصيدة دعاني وسلم علي بحرارة، وقال لي: (شكرا لك من الأعماق على هذه الكلمة، فهي ملحمة وطنية رائعة سأنقلها لخادم الحرمين الشريفين، وستجنون ثمارها قريبا)، فإذا هي أيام والأمير يفي بما وعد حيث حلت مشكلة المياه وأدخلت مياه التحلية حتى إلى أعالي الجبال».