الأمير سلطان: نحتاج إلى أمم فاعلة وقادرة على تحقيق الأمن والسلم الدوليين والتنمية المستدامة

رؤية حكيمة للأوضاع المحلية والعالمية * الإنسان موقع الاهتمام الأول ورفاهية المواطن في مقدمة الأهداف * ثروات مساندة وأنظمة لتوفير الصورة الأفضل للوطن

TT

طرح الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز رؤيته تجاه كثير من القضايا المحلية والإقليمية والدولية؛ فعلى المستوى المحلي أكد الراحل أهمية العناية بالإنسان السعودي لتمكينه من قيادة إمكانيات بلاده معتبرا أن العناية بالإنسان هي في موقع الاهتمام الأول، مما يشدد دائما على أن بلاده تحرص على تطوير اقتصادها الوطني والوصول إلى مشروعات مساندة للبترول أو تطوير صناعة هذه الثروة الرئيسية للبلاد، كما حملت كلمات وأحاديث الأمير سلطان رؤى وقراءات لمجمل الأحداث والظواهر وخصوصا موضوع العنف والإرهاب مؤكدا على أن مظاهر العنف عالمية ولا وجاهة للعنف إسلاميا واجتماعيا وأن من مارس العنف والإرهاب خارج نسيجنا، وعلى المستوى العالمي شدد الأمير سلطان على أهمية وجود أمم فاعلة قادرة على النهوض بمهامها في تحقيق الأمن والسلم الدوليين والتنمية المستدامة؛ ففي كلمة له بعد توليه ولاية العهد وجه الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام مساء يوم الأربعاء 26/6/1426 الموافق 3/8/2005 كلمة للمواطنين رثى فيها الملك فهد بن عبد العزيز وأكد فيها أنه كان زعيمًا متفردًا بثاقب بصيرته ورجاحة عقله، كما أن العالم فقد قائدًا عمل لإرساء السلام، مشددًا على أن الملك عبد الله بن عبد العزيز كان عضدًا أمينًا للفقيد، وسخر كل وقته لخدمة وطنه وأمته، وستستمر البلاد تحت قيادته في مسيرتها الخيرة.

وجاء نص كلمة الأمير سلطان كما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد..

ففي الوقت الذي فقدت فيه المملكة العربية السعودية رمزها وقائدها ورائد نهضتها الملك فهد بن عبد العزيز وافتقدت فيه الأمة العربية والإسلامية قائدا نذر حياته لخدمة دينه وأمته وفقد فيه العالم قائدا عمل من أجل إحقاق العدالة وإرساء السلام.

أتوجه إلى الشعب السعودي الذي بادل مليكه الراحل الحب والوفاء وإلى أمتنا العربية والإسلامية بخالص العزاء والمواساة في فقيدنا الغالي تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.

لقد كان فهد بن عبد العزيز أبا للصغير وأخا للكبير، وحد القلوب فتوحدت القلوب في حبه وفاضت مشاعر شعبه تعبيرا عما يعتصره من أسى ومرارة لفقدانه. ولقد كان زعيما متفردا بثاقب بصيرته ورجاحة عقله وبواسع حلمه وشجاعته في زمن أحوج ما تكون فيه الأمة إلى من يجمع كلمتها ويذود عن مصالحها ويحيي الأمل في مستقبلها فعمل لبناء وطنه والارتقاء بشعبه وبذل جهوده بلا حدود لخدمة قضايا أمته العربية والإسلامية. وإذا كان هذا ليس مقام تعداد مآثره الجليلة، رحمه الله، والتي سيسجلها له التاريخ بمداد من ذهب فإن الأمانة تقتضي تبيان الحقائق في أنه لم يهنأ له بال وهو الذي اختار لقب خادم الحرمين الشريفين حتى منّ الله عليه بإتمام أكبر توسعة عرفها التاريخ للحرمين الشريفين وما واكبها من تطوير للمشاعر المقدسة وتشييد لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.

لقد كان رحمه الله مدركا لعظم المسؤولية وضخامة التحديات فآلى على نفسه أن لا تنثني له عزيمة ولا تلين له همة حتى يحقق لشعبه ما هو لائق به ووعد فأوفى فتحققت في زمن قياسي الإنجازات الحضارية المشهودة.

ولقد حمل رحمه الله هموم أمته العربية والإسلامية فعمل على تماسك الأمة ووحدة كلمتها وسعى من أجل إحقاق العدالة وإرساء السلم في المنطقة وضحى بالغالي والنفيس في سبيل الوقوف مع الأشقاء والذود عن الشرعية والدفاع عن القيم والمبادئ التي قامت عليها هذه الدولة منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز رحمه الله.

وندعو الله أن يتقبل من فقيدنا الغالي ما قام به من أعمال جليلة في خدمة الإسلام والمسلمين وأن يجعل ذلك في موازين حسناته وأن يسكنه فسيح جناته.

وعزاؤنا جميعا في أن المولى عز وجل قد عوضنا خيرا بمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله الذي كان عضدا أمينا لفقيدنا الراحل وسخر كل وقته لخدمة دينه ووطنه وأمته بكل ما آتاه الله من قوة وثبات على الحق وستستمر المملكة العربية السعودية إن شاء الله بقيادة مولاي أيده الله في مسيرتها الخيرة مسيرة النماء والعطاء متمسكة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

والله نسأل أن يجعلنا ممن قال فيهم سبحانه (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون).

وخلال استقباله بقصره بالرياض يوم الأربعاء 28/6/1426 ضباط القوات المسلحة يتقدمهم رئيس هيئة الأركان العامة الفريق أول ركن صالح بن علي المحيا الذين قدموا للسلام عليه والمبايعة على الولاء والطاعة للقيادة الرشيدة ارتجل الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام الكلمة التالية:

بسم الله الرحمن الرحيم..

سار جلالته بالخير والرفعة والسؤدد وأعطى قواتنا المسلحة كل ما يمكن أن تعطى ووصلت إلى مستوى كل يحسدنا عليه ونحن مطمئنون على سلامة بلدنا وعلى سلامة أراضينا وشعبنا وأراد الله ما أراد وإرادة الله سبحانه وتعالى ما لها راد.. وكلنا عارفون أن كل إنسان غير معمر حتى الرسول عليه الصلاة والسلام.. لكن الله سبحانه وتعالى حينما أخذ منا أعطانا وولي أمر المسلمين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله عاش سنوات طويلة فوق أربعين سنة مع الملك فيصل وعبد العزيز قبل سعود وفيصل وخالد وفهد وارتوى من كل علم طيب وأصله طيب فإننا بعد هذا ما عدنا خلاف بكل مستقبل المملكة.

أقول للإخوان فإن الله سبحانه وتعالى حين أخذ منا من أبلى بلاء حسنا في خدمة دينه ووطنه والقوات المسلحة في شتى المواضيع وشتى القيادات وبشتى الأسلحة أعطانا الله سبحانه وتعالى رجلا مخضرما نقيا صالحا إن شاء الله سبحانه وتعالى مدركا وكان اليد اليمنى لفهد بن عبد العزيز وكان الاثنان على يد وقلب واحد في أيام سهر فيه إلى أن توفاه الله ولذلك فجعت عليه هو شخصيا أكثر من فجع علينا كلنا ولكن الحمد لله الذي أراد ولا راد لإرادته شيء.

وكلنا ثقة بولي أمرنا وواجب علينا وجوب مقدس العمل الصالح والإدراك والتفاني في قواتنا في صيانتها في ملاحظتها في تنميتها ولكم علينا بحول الله بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله والذي عمل خيرا لتطوير هذه القوات المسلحة.

نحتاج إلى أمم متحدة فاعلة

* وفي يوم الخميس 15 سبتمبر (أيلول) من عام 2005م ألقى الأمير سلطان بن عبد العزيز كلمة أمام قمة الاجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك استعرض فيها ما تتطلبه المجتمعات من الأمم المتحدة مشددًا على أن بلاده تولي أهمية لقضايا التنمية المستدامة، كما تناول فيها إسهامات بلاده في دعم جهود التنمية للدول النامية وأشار فيها إلى ما يمثله الإرهاب من خطر على العالم مطالبا بوجوب تضافر الجهود لمكافحته، ورأى الأمير سلطان أهمية الالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وتجنب ازدواجية المعايير في القرارات، مظاهر العنف عالمية

* ويطرح الأمير سلطان رؤيته لأوضاع العالم اليوم وما يكتنف دوله من مظاهر العنف لافتا إلى أن ما عاشته المملكة من حالات عنف لم تؤد إلى ما توقعه الآخرون من أنها ستكون مزعجة ومستمرة أو أن تؤدي إلى بعض الانفصام الاجتماعي مشددا على أن ذلك لم يحدث لأسباب أرجعها إلى أن عناصر العنف لم تلتفت إلى أنها تمارس إرهابها في الدولة الوحيدة في العالم التي تطبق نهج السلوك الإسلامي المعتدل وليس فيها أي إشهار لسلوكيات تتنافى مع الإسلام.

ولخص الأمير سلطان هذه الرؤية بقوله: مظاهر العنف ليست بجديدة على خارطة العالم. جميعنا نذكر ما اجتاح أوروبا في بؤر معينة من عنف ما لبثت أن تراجعت بحزم المتابعة ولم تكن لها أسباب إسلامية. وجميعنا نذكر أيضا ما تعرضت له بعض الدول العربية من حالات عنف حادة أربكت الأوضاع الأمنية في أمد محدود لكن ما لبث الحزم الأمني أن تمكن من القضاء عليها لأنها لم تكن تملك وجهات نظر مقبولة في الاعتراض وفي الوقت نفسه لم تكن لها أهلية في الحوار، وما عاشته المملكة من حالات عنف توقع الآخرون أنها ستكون مزعجة ومستمرة أو أن تؤدي إلى بعض الانفصام الاجتماعي.. ذلك لم يحدث لأسباب وجيهة أهمها أن عناصر العنف لم تلتفت إلى أنها تمارس إرهابها في الدولة الوحيدة في العالم التي تطبق نهج السلوك الإسلامي المعتدل وليس فيها أي إشهار لسلوكيات تتنافى مع الإسلام.. ما هي وجاهة العنف.. إسلاميا أو اجتماعيا.. من ذا يقبل أن تهدد حياته أو تدمر علاقات بلاده أو تتراجع مستويات اقتصاد وطنه.. الكل رفض ذلك لأن الكل ليس في حاجة لمن يعلمه كيف يكون مسلما في بلد يرعى المؤسسات الإسلامية ويساند مجتمعات العالم الإسلامي في نموها. والعالم قد لاحظ كيف أمكن محاصرة عناصر العنف والقضاء على معظم مخابئها.. ماذا تعني بالانفصام الاجتماعي.. نحن لا نحارب أفكارا إسلامية أو سلوكيات إسلامية وإلا كنا نحارب أنفسنا لقد حددنا توجيه الاتهام وتنشيط المتابعة ضد من مارسوا الإرهاب وهو أمر كسب إعجاب العالم ليس فقط في نجاح المطاردة، ولكن أيضا في قيادة وحدة اجتماعية هي في الواقع من نسيج واحد ومن مارس الإرهاب هو غريب عليها..

ولعل قراءة الأمير سلطان بن عبد العزيز للصورة التي كان عليها المواطنون عندما كانوا يصفقون ويلوحون تقديرا لرجال الأمن في مداهمة الملز عام 2004 تعطي تأكيدا على أننا نملك أوضاعا اجتماعية واقتصادية وصناعية وحضورا إداريا وثقافيا مرموقا ومكتسبات يجب الحفاظ عليها بعد أن سطر الأجداد والآباء صورا رائعة من التلاحم والتكاتف أثمرت صنع أول وحدة عربية مستقلة، وتحقيق نتيجة كانت جذورها وأساساتها ما تحقق من تنمية مادية وبشرية ومكاسب لافتة استحقت احترام العالم لها. إذن فليس من المستغرب أن يلتف المواطنون بشكل جماعي خلف أجهزة الأمن في تعقب المجرمين والإرهابيين الذين هدفهم زعزعة هذه الوحدة وتدمير مكتسبات الوطن.

ويؤكد الأمير سلطان في هذا الصدد أن مواطننا السعودي هو أكثر المواطنين في عالمنا العربي - بل وفي العالم الثالث بصفة عامة - مراقبة لتحولات الأوضاع التاريخية فيما حوله وما هو بعيد عنه من دول العالم النامي على مدى نصف قرن مضى.. شاهد كيف أدت الانكسارات الاجتماعية بفعل قلق الأوضاع السياسية والاقتصادية إلى تراجع مستويات دول كانت مرموقة مهابة.. مواطننا كيفما تعددت مطالبه – ومن حقه ذلك – يعي جيدا كيف هو تعدد مكتسباته وثوابت أساسيات تنمية أرضه، هو يعرف أنه يملك أوضاعا اجتماعية واقتصادية وصناعية وحضورا إداريا وثقافيا مرموقا أفضل من الآخرين لكنه يريد الصعود إلى ما هو أفضل.. من حقه ذلك ومن أجل استحقاق ما له من مكاسب وما يريد من استزادة هو يعي أن كل ذلك مرهون بمتانة وحدته الوطنية.. هذه الوحدة التي جعلته يلتف بشكل جماعي خلف أجهزة الأمن يساندها ويقدر أدوارها.. هؤلاء الناس أجدادهم هم من صنعوا أول وحدة عربية مستقلة مع الملك عبد العزيز، وآباؤهم هم الذين جذروا أساسيات التنمية المادية والبشرية.. إذ هم يلتفون حول مكاسبهم الوطنية الخاصة وتميزهم الإسلامي والشرق أوسطي الخاص.

الحوار تكريس للوحدة الوطنية

* ويعتبر الأمير سلطان بن عبد العزيز أن الحوار الوطني هو تكريس للوحدة الوطنية، مشيرا إلى أن الدولة تسعى إلى تطوير شامل للمجتمع كله مع ضرورة مراعاة مدى تقبل المجتمع وتأهيله لذلك، مشددا على أنه لن يتم القفز على واقع المجتمع لكن سيتم بالحوار خدمة مصالح ومتطلبات أمتنا.

ورأى ولي العهد في تعليقه على مدى النجاح الذي قطعته فكرة الحوار بقوله:

خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، مثلما هو رائد بارع في صيانة وحدة مجتمعه وصيانة مكاسبه هو رائد أسس تجذيرا رائعا لفكرة تخاطب المجتمع مع ذاته من خلال الحوار بين مختلف الأفكار والتوجهات والمطالب، كل ذلك يأتي عبر الحوار الوطني وهو تكريس للوحدة الوطنية..

ماذا يريد الناس؟ وما هو ما تجمع الأكثرية عليه؟ إن الدولة تتعهد ببناء الأساسيات للنمو وعندما تكون هناك وجهات نظر في التفاصيل وما هو الأجدر أن تكون له الأولوية فإن ذلك يتم عبر الحوار الذي تعتبر فكرته رائدة وميز بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز السلوك الاجتماعي رأيا وأفكارا بما يخدم المصلحة العامة عبر تبادل الحوار.. أي الدول النامية تفعل ذلك؟ نحن نريد أن نبني مؤسساتنا الجديدة وفق ما يفرزه التفاهم من إيجابيات.. من يقدمون مطالب إصلاح يراد بها القفز على حقيقة أوضاع المجتمع إنما يريدون أن يضعوا في يد الدولة عصا موسى وهذا أمر غير ممكن لأننا لا نتحدث عن إدارة مهنية أو قضائية أو اقتصادية أو اجتماعية معينة، ولكننا نسعى إلى تطوير شامل للمجتمع كله وهنا لا بد من مراعاة مدى تقبل المجتمع وتأهيله لذلك.. لا نريد أن نخسر أي طرف في مشوار بنائنا الاجتماعي الذي نباشر تنفيذه ويجب أن يشعر كل مواطن بأنه داخل جندية هذا المشوار وهي رؤية بعيدة النظر جمع بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الناس حول رعاية مصالحهم بما يستطيع المجتمع أن يتقبله.. عندما نريد أن نقيس مدى تقدم المجتمع اختلافاته الإيجابية تنمويا عن غيره يجب أن تكون واضحة أمامنا ضخامة المنجزات التي حققها الاقتصاد بتنويع مصادره.. التصنيع الذي انتقل من مرحلة التذبذب والانكماش إلى مرحلة الانتشار والربحية.. السيولة المتداولة يوميا بما يفوق مجموع السيولة في كل الدول العربية الأخرى.. تحفيز الإقبال على التعليم التقني.. وعندما أقول التعليم فنحن لن نخرج إطلاقا عن مسار ثوابتنا الإسلامية وسلوكنا الاجتماعي، لكن المناهج العلمية التي كانت كافية في الماضي أصبحت في حاجة إلى تطوير لأن العلوم تقدمت واحتياجات المجتمع لها في ممارساته البناءة إداريا وصناعيا واقتصاديا أصبحت ملحة وضرورية حتى نستطيع أن ندير كل مستجداتنا الحضارية والعلمية والصناعية والطبية الجديدة بكفاءة أبناء وطننا.

تأهيل البلاد للتعايش مع واقع متميز

* ويشدد ولي العهد على أن الدولة لا تستطيع أن تمارس التدخل المباشر في ما يتعلق بتنظيم الطفرة في تداول السيولة في المساهمات والأسهم والسندات والاستثمار فيها والذي أصبح أمرا لافتا وكبيرا في المملكة وجعل بعض الشركات تلجأ إلى طرح نسبة متدنية للمواطنين في هذا النشاط الاستثماري بما لا يوفر فرصا لمحدودي الدخل، كما أن الاندفاع في ذلك مثلما حدث قبل أشهر في مزايدات على فرص استثمارية غير مأمونة أدى إلى خسارة البعض.

ويوضح الأمير سلطان بخصوص الإجراءات التي من شأنها أن تنظم هذه الطفرة الملحوظة في تداول السيولة بقوله:

نحن في الواقع لا نستطيع أن نمارس التدخل المباشر لأن اهتمامات الدولة كثيرة لكن سيدي خادم الحرمين الشريفين والمختصين في مجال الاقتصاد قد وصلوا إلى تنظيمات وإدارات مستجدة من شأنها أن تحقق سلاسة التعامل الاقتصادي وفق مشروعيات مأمونة ومنظمة، فمثلا وافق مجلس الوزراء على تشكيل مجلس إدارة هيئة رأس المال لتطوير التعامل في سوق رأس المال السعودي بالأسهم والسندات.. قيام هذه الهيئة بتنظيم رأس المال من حيث تداوله ومنح الرخص للمؤسسات الجديدة غير المصرفية العاملة في صناعة الأوراق المالية مثل شركات الاستثمارات المالية وإدارة المحافظ الاستثمارية والبنوك الاستثمارية ومؤسسات الوساطة المالية.. هذا التنظيم سوف يؤدي إلى زيادة عدد حالات الاكتتاب الأولي في سوق الأسهم ويؤدي في النهاية إلى تطوير سوق سندات الشركات مع ضرورة أن يؤخذ في الاعتبار إعطاء الفرص الاستثمارية لأكبر عدد من الناس حتى يشعر المستثمر الصغير أنه قادر على المشاركة.. من ناحية أخرى في الأشهر الماضية جددت المملكة جهودا قوية للانضمام إلى منظمة التجارة الدولية من خلال توقيع اتفاقات مع معظم الشركاء بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، كما تركزت الجهود على اختتام التفاهم مع أميركا آخر الشركاء التجاريين الرئيسيين بما يمهد الحصول على العضوية قريبا.. من ناحية أخرى تعرف أنه في العام الماضي تمت الموافقة على العديد من الأنظمة التي من شأنها تعزيز البيئة الاستثمارية ومن أهمها نظام السوق المالية ونظام ضريبة الاستثمار في الغاز الطبيعي.. نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني ونظام تبادل المنافع بين نظامي التقاعد والتأمينات، نظام نزع الملكية العقارية للمنفعة العامة، نظام الضريبة على المستثمرين الأجانب. ومن قرارات المجلس الاقتصادي الأعلى الموافقة على استراتيجية التخصيص والموافقة على القواعد والمعايير التي تتيح الفرص للقطاع الخاص في المشاركة بمشاريع تحلية المياه.

لقد أقرت المملكة عقد الاستراتيجية الصناعية للمملكة حتى عام 2020 وهي تضع المملكة في مسار واضح لتحقيق تنمية صناعية مستدامة تهدف إلى مضاعفة مساهمة القطاع الصناعي في إجمالي الناتج المحلي.. كما ترى فيما سبق أننا لا نستعرض أوضاعا تنظيمية قديمة ولكننا نباشر تأسيسا جديدا للنهوض الحضاري صناعيا واقتصاديا عبر تجديد تنوع الأجهزة ودعمها بالكفاءات وتوسيع مجال اختصاصها وفق ما أصبحت المرحلة تتطلبه من توسع في الاستيعاب الصناعي والاقتصادي وهي خطوات ليست بالسهلة وغير مألوفة في كثير من الدول النامية التي تفتقد الأساس الاقتصادي. نحن هنا دولة يطمئن مجتمعها أنه ذو رصيد اقتصادي يستحث دائما على بذل مستجدات التطوير وهو ما يحدث.. وهذه الخطوات الكبيرة هي أهم كثيرا في نتائجها من المطالب الصغيرة أو المحدودة والتي يراها كبيرة، فمع إدراجها في مسار التنفيذ فإن هذه الإجراءات الإدارية والتنفيذية من شأنها تأهيل المملكة سريعا لكي تعايش واقعا اقتصاديا وصناعيا متميزا عما هي عليه الأحوال خارج نطاق الشرق الأوسط.

ثروات مساندة وأنظمة لتوفير الصورة الأفضل للوطن ولم تكن هموم الاقتصاد وتنظيم الجهاز الحكومي وتطوير المناهج والتنظيم الإداري للقضاء وأيضا القطاع العسكري ببعيدة عن اهتمامات ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز، رحمه الله؛ فقد كشف في حديثه لرئيس تحرير جريدة «الرياض» خلال حوار أجري معه قبل خمس سنوات عن توجه الدولة الجاد للعناية بالإنسان الذي يستطيع قيادة إمكانيات البلاد باستغلال الموارد المالية والبشرية بكفاءة وتحسين أساليب العمل وتطوير أجهزة الرقابة والمساءلة الحكومية، مشددا على أن الدولة لا تريد أن تنام على وجود حقيقة تقول بأننا نملك ثروة من شأنها أن توفر أرقام ميزانيتنا المالية كل عام، بل سنبذل الجهد لإيجاد ثروات مساندة وإشاعة فرص الاستثمار للآخرين وتوفر أنظمة وأجهزة إدارية قادرة على تحقيق الصورة الأفضل التي نريدها لوطننا ولأرضنا. وفي هذا السياق يشير ولي العهد بالقول: نحن نضع العناية بالإنسان في موقع الاهتمام الأول، أي إمكانيات مهما كبرت وتعاظمت ما لم تتول قيادتها كفاءة بشرية مؤهلة وأنظمة إدارية مرنة ومواكبة طبيعة المتطلبات، ونفس هذا الكلام يقال عن التعليم، فإنها لن تعطي المكتسبات المطلوبة بل قد يصبح تردي الكفاءة البشرية ومستوى الإدارة القيادي في شتى التخصصات عائقا.. لا نريد لهذا أن يحدث ولا نريد أن ننام على وجود حقيقة تقول بأننا نملك ثروة من شأنها أن توفر أرقام ميزانيتنا المالية كل عام، بل سنكون في حالة يقظة باذلين الجهد لإيجاد ثروات مساندة وإشاعة فرص الاستثمار للآخرين وتوفر أنظمة وأجهزة إدارية قادرة على توفير الصورة الأفضل التي نريدها لوطننا ولأرضنا.. نحن مجتمع غير مصاب بإعاقات اقتصادية تكبله عن التحرك مثلما هو وضع معظم الآخرين، لكننا نملك فرصا واسعة لكي نضاعف قوانا الاقتصادية بأنظمة وقيادات إدارية جيدة الكفاءة وجيدة التحرك نحو الأفضل الذي نتجه إليه. نستطيع أن نستعرض بإيجاز بعض الخطوات التي اتخذت في هذا الصدد فمثلا لقد انتهت اللجنة الوزارية للتنظيم الإداري من إعداد الدراسات الخاصة بمشروع تنظيم الجهاز الحكومي والموظفين وهدفها استغلال الموارد المالية والبشرية بكفاءة وتحسين أساليب العمل وتطوير أجهزة الرقابة والمساءلة الحكومية.. من ناحية أخرى لقد وضعت استراتيجية وطنية للتعليم العام هدفها المواءمة بين مخرجات مؤسسات التعليم والتدريب ومتطلبات سوق العمل وتبعا لذلك تم توفير اهتمام خاص بالتعليم التقني وصدر قرار مجلس الوزراء بتحويل صلاحيات اللجنة العليا لسياسة التعليم إلى مجلس التعليم بمختلف سياساته واهتماماته وذلك يعني توحيد الرؤية والممارسة لأداء التعليم بمختلف أنواعه بما يتطلبه الاحتياج التنموي العام للبنين والبنات وقرار إلزامية التعليم الذي تم اتخاذه إنما يعني محاربة الأمية في الوقت نفسه تحفيز الصغار على التأهيل المبكر لأن من هم ما بين السادسة والخامسة عشرة في العمر ملزمون بالاتجاه إلى مدارس التعليم.. ولأن التأهيل عن طريق قنوات التعليم فقد تم إنشاء المركز الوطني لتقويم وتطوير التعليم العام والتعليم الفني الثانوي وكل ذلك يندرج تحت اسم المجلس الأعلى للتعليم..

هنا أريد أن أشير إلى نقطتين هامتين أولاهما أن تشكيل لجنة التربية لتصويب محتوى المناهج إنما يأتي لتوفير التأهيل العلمي الذي تطور عند غيرنا دونما أي مساس بالمواد الدينية التي ستحظى بالرعاية بكامل تخصصاتها لأننا أمة مؤهلة لأن تكون لها مكانة علمية وصناعية مرموقة سوف توسع كثيرا من فرص الاستثمار للمواطن فلا بد من مستوى تعليمي علمي مواكب لهذه الطموحات.. النقطة الثانية التأكيد على أن الدولة لن تكون مستودعا هائلا تفتعل فيه الوظيفة دون حاجة لها فقط للتقليل من عدد البطالة فهذا أمر يؤدي إلى الترهل الإداري وبيروقراطية الأداء الوظيفي.. الدولة ستوفر فرص العمل لكنها ستجعل من تعدد الفرص الاستثمارية محليا ودوليا (وهذه الأخيرة مشروطة بالتدريب والتوظيف السعودي) مجالات رحبة تمتص الكثير من قدرات العمل بحيث تقضي على البطالة بأساليب عملية وعلمية وبحيث تجد المشاركة الفعلية لكل فئات المجتمع داخل مختلف ورش العمل المتعددة الاهتمامات ومتعددة الإنتاج.

لا وجاهة للعنف إسلاميا واجتماعيا

* وفي حديث لمجلة «الصياد» اللبنانية نقلته وكالة الأنباء السعودية يوم الاثنين 20 سبتمبر (أيلول) من عام 2004 يطرح الأمير سلطان رؤيته تجاه الأعمال الإرهابية وظواهر العنف التي شهدتها وتشهدها حاليا معظم دول العالم معتبرا أن ما حصل في بلاده من أحداث نفذتها فئة ضالة غريبة عن تقاليد المجتمع السعودي وثوابته لا يسمى حربا مشددا على أن لا وجاهة للعنف إسلاميا واجتماعيا خصوصا في المملكة فالمواطنون لا يقبلون بأن تُضرَب مكتسباتهم وتهدد حياتهم وتدمر علاقات بلادهم وتتراجع مستويات اقتصاد وطنهم بسبب العنف الأعمى الذي تمارسه الفئات الضالة لافتا إلى أن الجميع في بلاده رفض ذلك لأن الكل ليس في حاجة إلى من يعلمه كيف يكون مسلما في بلد يرعى المؤسسات الإسلامية ويساند مجتمعات العالم الإسلامي في نموها ويعد مصدر رزق للمسلمين وموطن أمن وأمان للجميع.

ويصف الأمير سلطان الأحداث الإرهابية التي شهدتها المملكة مؤخرا والتي نفذتها فئة ضالة غريبة عن تقاليد المجتمع السعودي وثوابته بقوله: المواطن السعودي يعرف من هي الفئة الضالة واستهدافاتها وهي لا تزعزعه لأن سلاحه الرئيس الإيمان إنهم «فقاعة في فنجان» سريعة الزوال والمواطن يدرك ذلك.. فنحن لا نسمي ما يحصل حربا في المملكة لأن الحرب كلمة أكبر من أن تطلق على هذه الفئة الضالة.. وسلاحنا في مواجهة هؤلاء المارقين الإيمان.. ومن كانت عقيدته صالحة كان إيمانه قويا.. فالتاريخ يعرف أن المارقين ليسوا بالحديثين علينا.. بل كانوا يظهرون على مدى مئات السنين وكانت الأحداث تطالعنا بين حين وآخر بزمرة من الضالين.. والتاريخ الإسلامي كما تاريخ العالم مليء بمثل هذه الفئات الضالة التي تظهر فجأة وتمارس العنف ولكن سرعان ما تختفي ويتم القضاء عليها لأنها حالات شاذة لا تدوم. نحن قوم علمنا ديننا أن نعطي الأمن والأمان لمن استأمننا.. وأن نراعي العهد مع من عاهدنا وبتوفيق الله ثم بتوجيهات واهتمام خادم الحرمين الشريفين قادرون على إنهاء هذه الحالة الشاذة وإزالتها استمرارا لضمان الأمن والأمان في المملكة.

مضيفا في تعليقه على مدى الاستفادة من قرار العفو الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين للفئة الضالة بتسليم أنفسهم خلال شهر واحد وانتهت منذ حين بقوله: نحن بتوفيق الله نتعامل مع هذه الحالة الشاذة بالحكمة والموعظة الحسنة.. وهي الفرصة التي أتاحها خادم الحرمين الشريفين لهذه الفئة الضالة لتعود إلى رشدها وتفيء إلى الحق.. وكنا على ثقة بأنه ستكون هناك استجابة لدى البعض وهذا ما حصل حيث سلم البعض نفسه إلى السلطات تائبا ومن بقي يتم التعامل معه بما قدره لنفسه.. فالقرار كان حكيما ومن استفاد منه كان عقله رشيدا.

ويقرأ الأمير سلطان الأوضاع اليوم في العالم في ما يتعلق بأعمال العنف والإرهاب المختلفة وتأثير ذلك على المملكة التي واجهت هذه الأعمال بقوة قائلا:

جميعنا يذكر ما اجتاح أوروبا من عنف في بؤر معينة وكذلك الولايات المتحدة لكنها ما لبثت أن تراجعت نتيجة المتابعة وهي للتذكير لم تكن لها أسباب إسلامية وعلى هذا الأساس فإن مظاهر العنف ليست بجديدة على خارطة العالم. كذلك فإن الدول العربية أو بعضها على الأقل تعرض لحالات عنف حادة أربكت الأوضاع الأمنية في أمد محدود لكن تمت السيطرة عليها ومعالجتها والقضاء عليها عبر الحزم الأمني.

وأقول أن لا وجاهة للعنف إسلاميا واجتماعيا خصوصا في المملكة فالمواطنون لا يقبلون بأن تضرب مكتسباتهم وتهدد حياتهم أو تدمر علاقات بلادهم وتتراجع مستويات اقتصاد وطنهم بسبب العنف الأعمى الذي تمارسه الفئات الضالة. ولذلك رفض الجميع ذلك لأن الكل ليس في حاجة إلى من يعلمه كيف يكون مسلما في بلد يرعى المؤسسات الإسلامية ويساند مجتمعات العالم الإسلامي في نموها ويعد مصدر رزق للمسلمين وموطن أمن وأمان للجميع.. ولا شك بأن العالم لمس كيف أمكن محاصرة عناصر العنف وفئاته والقضاء على معظم مخابئهم والتفاف الناس حول القيادة والقوى الأمنية في مواجهة هذه الحالة الشاذة.

وأضاف قائلا: المملكة لا تحارب أو تواجه أفكارا إسلامية أو سلوكيات إسلامية بل هي تواجه فئة ضالة منحرفة ستزول آجلا أم عاجلا.. نحن لا نحارب أفكارا إسلامية وإلا كنا نحارب أنفسنا.. لقد قررنا حسم المعركة ضد من يمارسون الإرهاب وحددنا توجيه الاتهام لهم كفئة ضالة ومنحرفة ولأننا استطعنا تحقيق إنجازات على هذا الصعيد فهو أمر كسب إعجاب العالم ليس فقط من الناحية الأمنية وكشف مخابئ الإرهابيين والقضاء على مجموعات أساسية منهم إنما أيضا في قيادة وحدة اجتماعية ترى أن العنف والإرهاب غريب عليها وينبغي استئصاله.

التفاف لمواجهة الإرهاب

* واعتبر الأمير سلطان أن التفاف الناس حول القيادة وتقديرهم للإنجازات التي تحققت على المستويين الأمني والسياسي في ما يخص مواجهة الفئة الضالة هو التفاف حول المكاسب الوطنية للبلاد وتميزها الإسلامي والشرق أوسطي الخاص مشددا على قدرة بلاده على قيادة وحدة اجتماعية في مواجهة الفئة الضالة الغريبة على المجتمع السعودي وتقاليده.

وبخصوص ما لوحظ أن الناس تتعاون بكثافة مع رجال الأمن في مواجهة الفئة الضالة وكيف يقرأ التفاف الناس حول القيادة وتقديرهم للإنجازات التي تحققت على المستويين الأمني والسياسي، قال الأمير سلطان: لا يفوتني بداية إلا أن أشيد بجهود رجال الأمن البواسل ورجال الحرس الوطني ورجال القوات المسلحة وكل من ساندهم في سبيل دحر هذه الفئة الضالة.

لقد أشرت إلى قدرتنا على قيادة وحدة اجتماعية في مواجهة الفئة الضالة الغريبة على المجتمع السعودي وتقاليده هذه الوحدة جعلت المواطنين يلتفون بشكل جماعي حول أجهزة الأمن يساندونها ويقدرون أدوارها وهم بذلك يلتفون حول مكاسبهم الوطنية الخاصة وتميزهم الإسلامي والشرق أوسطي الخاص.. لقد راقب المواطن السعودي تحولات الأوضاع التاريخية فيما حوله وما هو بعيد عنه من دول العالم النامي على مدى نصف قرن مضى وشاهد كيف أدت الانكسارات الاجتماعية نتيجة قلق الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية إلى تراجع مستويات دول كانت قوية جدا ولذلك فالمواطن السعودي كيفما تعددت مطالبه يعي جيدا في المقابل أهمية مكتسباته وثوابت أساسيات تنمية أرضه وهو يعي جيدا أن ذلك لا يتحقق إلا بوحدته الوطنية والاجتماعية وهي الوحدة التي تلتف خلف أجهزة الأمن والقيادة لأن الوحدة وحدها هي التي تحقق النمو وتحافظ على المكاسب بالوقت نفسه.

وإذا كانت الأعمال الإرهابية وظواهر العنف التي تشهدها حاليا معظم دول العالم هي هاجس هذه الدول ومنها السعودية فإن ذلك لم يصرف القيادة فيها عن الانشغال بهذه القضية وحدها وترك القضايا الأخرى، فالهموم المحلية لم تعد قاصرة على مواجهة العنف الذي اكتوت بناره البلاد شأنها في ذلك شأن دول كثيرة في كوكب الأرض، بل إن الساحة المحلية مليئة بالمطالب والهموم وبإجراءات تفعيل الأنظمة وقرارات التطوير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ومختلف الجوانب ومنها فكرة الحوار التي تهدف إلى تكريس الوحدة الوطنية.

ويقدم الأمير سلطان قراءة لفكرة الحوار التي طرحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وما تحقق في هذا المجال بقوله: إن الدولة تعمل على بناء مؤسسات جديدة والكل يشهد ما تحققه المملكة على هذا الصعيد انطلاقا مما يفرزه التفاهم الداخلي من إيجابيات.. وأعتقد أن فكرة الحوار التي طرحها الملك عبد الله حفظه الله كان لها وقعها الكبير في المملكة.

وأشير إلى أن فكرة الحوار هي تكريس للوحدة الوطنية وهو أمر يسير على خطى واضحة وفاعلة. وفي هذا السياق لنحدد الأمور كما هي.. الدولة تتعهد ببناء الأساسيات للنمو.. أما عندما تكون هناك وجهات نظر في التفاصيل وما المفترض أن تكون له الأولوية فإن ذلك يتم عبر الحوار. الحوار يفرز نوعا من التفاهم حول الإيجابيات ولا يقفز فوق الواقع في عملية بناء المؤسسات الجديدة.. نحن نسعى إلى تطوير شامل للمجتمع كله وهنا لا بد من مراعاة تقبل المجتمع وتأهيله لذلك.. فمطالب الإصلاح التي يقدمها البعض والتي يراد بها القفز على حقيقة أوضاع المجتمع كأنهم يريدون من الدولة أن يكون لديها عصا سحرية وهذا أمر غير ممكن لأن الأمر ليس عبارة عن إدارة تقنية ومهنية. نحن نريد مشاركة الجميع في عملية البناء الاجتماعي الذي باشرنا بتنفيذه وعدم خسارة أحد في هذه المسيرة التي يجسدها الحوار الذي أطلقه الملك عبد الله لجمع الناس حول رعاية مصالحهم بما يستطيع المجتمع أن يتقبلها.

مشروعات مساندة للنفط

* ويشدد الأمير سلطان على أن المملكة تحرص على تطوير الاقتصاد الوطني والوصول إلى مشروعات مساندة للبترول الثروة الرئيسية في المملكة لافتا إلى أن تطوير صناعة البترول التي تحتل أولوية في البلاد تندرج ضمن مسيرة النهضة الاقتصادية الوطنية معتبرا أن البترول سيبقى إلى مرحلة طويلة يشكل العنصر الأساسي للاقتصاد لكن التحدي الموضوع أمامنا هو في كيفية تنظيم هذا القطاع وتطوير وتوسيع مجال الاستثمار ومشاركة القطاع الخاص في ذلك.

وبخصوص كيف تدير المملكة الثروة البترولية في إطار تطوير الاقتصاد يجيب الأمير سلطان على ذلك بقوله: لقد شهدت صناعة البترول السعودية تطورات مهمة خلال السنوات السابقة حيث تحرص المملكة على تطوير هذا القطاع وتنظيمه نظرا للدور الذي يلعبه على المستوى العالمي وهو صمام الأمان للأسواق العالمية لكن هذه الصناعة التي تحتل أولوية في المملكة يندرج تطويرها ضمن مسيرة النهضة الاقتصادية الوطنية حيث تم التركيز حاليا على الغاز الطبيعي والذي يحتل موقعا مهما وحيويا في صناعة البترول في البلاد.

الصناعة البترولية السعودية تسير بنجاح متميز وفق الخطط التي وضعتها المملكة لأنها مبنية على أسس اقتصادية سليمة ونحن ننتج الثروات الكبيرة بتكلفة تعد الأقل في العالم. لقد أثمرت عمليات التنقيب زيادة احتياطي المملكة من الغاز وهي الآن تحتل المركز الرابع في العالم لأكبر احتياطي للغاز. وأقول إن البترول سيبقى إلى مرحلة طويلة يشكل العنصر الأساسي للاقتصاد لكن التحدي الموضوع أمامنا هو كيفية تنظيم هذا القطاع والاستمرار في تطوير وتوسيع مجال الاستثمار ومشاركة القطاع الخاص أما الأهم من ذلك فيكمن في تطوير الاقتصاد الوطني والوصول إلى مشروعات مساندة للثروة الرئيسية وهو ما نضعه من هدف رئيس أمامنا.

ويعلق الأمير سلطان على أسعار النفط التي ارتفعت خلال الفترة الأخيرة بشكل جنوني والدور الذي تلعبه المملكة في تهدئة الأسواق بقوله:

نحن لا نتعامل مع الملف النفطي بطريقة مبسطة فمسؤوليتنا تقتضي العمل على تأمين الاستقرار النفطي في السوق وهذا دور اضطلعنا به تاريخيا لأن انعكاسات فوضى الأسعار في هذه المادة لا تقتصر على بلد بعينه إنما لها تداعيات عالمية والمملكة جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي وبذلك فإن ارتفاع الأسعار له انعكاسات اقتصادية سلبية علينا أيضا وإن كان المردود المالي يمثل مستويات قياسية للمملكة والدول النفطية حاليا إنما التأثيرات السلبية على بقاء عملائنا وزبائننا اقتصاديا تلقي بظلالها على المملكة لأن الاقتصاد العالمي مرتبط عضويا بعضه ببعض. إن ارتفاع أسعار النفط ليست أسبابه الوحيدة الأوضاع غير المستقرة في المنطقة والعراق تحديدا بل إن الشركات العالمية تتحمل مسؤولية أيضا بالإضافة إلى أن الطلب العالمي يزداد بشكل كبير وبالتالي لا يمكننا أن نترك الفوضى تعم السوق العالمية فنحن نلبي الطلب العالمي على النفط وهذا ما يفسر زيادة الإنتاج اليومي للنفط في المملكة واستعدادنا لزيادة الإمدادات وفي وسعنا أن ندير على الفور طاقات إنتاجية غير مستغلة تزيد على 1.3 مليون برميل يوميا إذا اقتضت الضرورة وهدفنا أن نعيد أسعار النفط إلى طبيعتها. وأؤكد على حكمة الملك عبد الله وكلامه بالتزام المملكة أن تفي بمسؤولياتها والتزاماتها كممون نفطي رئيس لكي تضمن حصول عملائها وأصدقائها الأميركيين وغير الأميركيين على ما يحتاجونه من إمدادات نفطية بغية المحافظة على استقرار الاقتصاد العالمي وعودة الأسعار إلى طبيعتها.