الأمير سلطان بن عبد العزيز أول من دعم توطين البدو في السعودية

بلغت تكاليف الوحدات السكنية المنجزة نحو 440 مليون ريال سعودي في عدد من الهجر والقرى

TT

امتازت أعمال الأمير سلطان الخيرية بتوجيهها في برامج ذات طابع غير تقليدي لتتواصل على مدى السنين حتى بعد وفاته رحمة الله عليه، والتي شملت آلاف المواطنين ذوي الطبقات المحدودة ولم شمل الأسر الفقيرة تحت سقف واحد من خلال بناء وتمليك الأسر المحتاجة في مساكن عصرية نموذجية على مدى الحياة.

وقد أنجزت مؤسسة الأمير سلطان الخيرية ما يقارب 1550 وحدة سكنية موزعة على عدد من مناطق السعودية، مؤثثة تأثيثا كاملا ومزودة بالخدمات اللازمة، ويضم كل مشروع سكني كافة خدمات البنية التحتية والمساندة، إضافة إلى المساجد، والمدارس، والمراكز الصحية، والاجتماعية.

وبلغت تكاليف الوحدات السكنية المنجزة إلى الوقت الحاضر نحو 440 مليون ريال سعودي في عدد من الهجر والقرى.

أحد تلك الأعمال الخيرية وضمن سلسلة طويلة حطت بظلالها على الأسر الفقيرة في السعودية، أسهم الأمير سلطان رحمه الله بشكل فاعل ومباشر في توطين البدو والقبائل وتحويلهم من بدو رحل يبحثون عن الكلأ والماء لرعي أغنامهم وإبلهم ويسكنون الخيام إلى مزارعين يسكنون الهجر التي أسستها الدولة وبنتها لهم حينها بتوجيهات من الملك عبد العزيز وابنه الأمير سلطان رحمهما الله، حيث بنيت الهجر التي أعدت لتكون مقر سكن ثابتا لهؤلاء البدو وتم توفير المدارس والمراكز الصحية والمساجد فيها ومن ثم مكاتب البريد والطرق المعبدة حتى تطورت لتصلها وسائل الاتصال الحديثة، إضافة إلى حفر الآبار التي ساعدت كثيرا في استقرار البدو الذين كان الماء سبب ترحالهم. وكما عمل الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله على مساعدتهم في اقتطاع الأراضي الزراعية لهم بالمجان وإقامة المزارع الحديثة وإعطائهم قروضا ميسرة الدفع وبلا فوائد إلى جانب مساعدتهم بتوجيههم للزراعة الصالحة التي تحتاجها الدولة وتستطيع أرضهم أن تزرعها بتوجيهات من وزارة الزراعة من خلال الخبراء الزراعيين، الذين تم استقدامهم لأجل تعليم المزارعين البدو الجدد على هذه المهنة.

فقد كان المشروع الذي رعاه الأمير سلطان، رحمه الله، أول مشروع من نوعه في العالم العربي، فقد كانت بناء هذه الهجر ذات أبعاد اقتصادية تمت من خلالها تحويل وظيفة البدوي من رعي وتنقل مستمر إلى وظيفة اقتصادية ثابتة تمثلت في الزراعة، مما أدى إلى وضع حد للفوضوية والبداوة التي كانت تتصف بها القبائل في تناحرها مع بعضها البعض من أجل الماء والكلأ، كما كان المشروع الكبير ذا أبعاد سياسية وعسكرية تم من خلاله تعليم البدو عملية الاستقرار وتحويل الولاء من القبيلة إلى ولي الأمر، إلى جانب أن بناء المدارس بهذه الهجر أسهم بشكل كبير في إخراج فئة متعلمة من أبناء البدو استطاعوا إكمال مسيرة التحديث الاجتماعي والثقافي.

أما الأبعاد العسكرية فقد تكفل المشروع الذي رعاه الفقيد رحمه الله بتنظيم قوة عسكرية من القبائل المختلفة ذات تدريب عال وحماسة شديدة، من الممكن أن تحشد خلفه 76 ألف مقاتل في حالة النفير العام، لتصبح أكبر قوة عسكرية في الجزيرة العربية بذلك الوقت.

وقد أنجزت مؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية مشروعها للإسكان الخيري في محافظة الليث بمنطقة مكة المكرمة الذي يتكون من 200 وحدة سكنية مجهزة للمستحقين، وتم أيضا إنجاز 80 في المائة من توسعة مشروع الإسكان الخيري في حائل بإضافة 50 وحدة سكنية جديدة وجامع يتسع لألف مصل، تلبية لاحتياجات مدينة الحائط واستيعاب الأعداد المتطلعة للاستفادة من المشروع، إلى جانب إنجاز أكثر من 40 في المائة من أعمال الإنشاء لمشروع إسكان منطقة تبوك الذي يضم 250 وحدة سكنية موزعة على تسعة مواقع مختلفة في المحافظات والقرى التابعة للمنطقة.

وقد أولى الأمير سلطان رحمه الله مشاريع الإسكان الخيرية اهتماما خاصا، فقد كان يوجه دائما بتوفير كل الدعم لسرعة الإنجاز، نظرا لما يمثله ذلك من إسهام في خطة التنمية المجتمعية التي تتواكب مع جهود الدولة في توفير مظلة من الخدمات الراقية وتوطين التنمية في مناطق المملكة.

ولم تتوقف تلك المشاريع السكنية العمرانية الحضارية والتي وفر فيها كل مقومات الحياة الكريمة، وتتيح للمقيمين فيها من أصحاب الظروف الخاصة الفرصة لتطوير حياتهم، وإحداث نقلة اجتماعية وصحية وتعليمية وتأهيلية، مؤثثة مع المرافق العامة ومزودة بكل الخدمات من طرق، ومواقف، وشبكات كهرباء، ومياه، وصرف صحي، وهواتف، في كل من مكة المكرمة، وعسير، وتبوك، ونجران، وحائل، والرياض، وجازان. ووزعت هذه الوحدات على المستحقين في المناطق المذكورة، بل تضاعفت أعماله الخيرية لتشمل إقامة 500 وحدة سكنية بتكلفة تصل إلى 197 مليون ريال ولا تزال أعماله الخيرية رحمه الله تضخ لتصل عدد الوحدات إلى 1246 وحدة سكنية مقسمة على مناطق المملكة بتكلفة تصل إلى 385 مليون ريال.

إضافة إلى ذلك فقد كان رحمه الله داعما ومساندا للجميع فقد تبرع بمبلغ 22 مليون ريال لبناء وترميم 649 وحدة سكنية لمنسوبي القوات المسلحة في المنطقة الشمالية الغربية في إطار حرصه واهتمامه بمنسوبي القوات المسلحة في مختلف مناطق المملكة.

إلى ذلك، قال عدد من رجال الأعمال والعقاريين إن قطاع الأعمال والمال في المملكة لن ينسى دعم سلطان بن عبد العزيز، ووقوفه دائما مع القطاع الخاص، وحرص الأمير سلطان رحمه الله على إزالة كافة العقبات التي تواجه هذا القطاع ليواصل مساهماته في تنمية الاقتصاد الوطني ودفع عجلة النمو للإمام.

المهندس سليم الحربي عضو مجلس إدارة غرفة جدة يقول «لقد فقدنا أميرنا المحبوب الأمير سلطان بن عبد العزيز الشخصية القيادية الفذة وخسارة كبيرة للأمة العربية والإسلامية وإسهامات سموه واضحة للعيان، وكان بحق يلقب (أمير العطاء والسخاء) وأعماله ومشروعاته الخيرية تغطي كافة مناطق المملكة وأرجائها. وسطّر الأمير سلطان العديد من المعاني الإنسانية ومهما عددنا مآثر الفقيد لن ندركها جميعا فسموه يحرص على الأعمال الخيرية دون أي أضواء احتسابا لوجه الكريم ورسم البسمة على وجوه ذوي الاحتياجات الخاصة وكان يرحمه الله صاحب أياد بيضاء في فعل الخير لكل صغير وكبير»، مختتما بقوله «إن الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام - رحمه الله تعالى رحمة واسعة – كان يولي الشأن الاقتصادي اهتماما كبيرا نظرا لأنه يرى أن هذا القطاع يتوجب عليه المساهمة في التنمية الاقتصادية الوطنية الشاملة وفتح فرص عمل للشباب السعودي».

ويقول محمد حسن يوسف، رجل الأعمال، «لا يسعنا إلا أن ندعو للأمير سلطان فقيد الوطن والأمة العربية والإسلامية في مصابنا الجلل وسلطان الخير رسم ابتسامة لن تفارق محيا كل مواطن، سلطان الخير ابتسامته مشرقة ونقية كنقاء شخصيته»، مؤكدا أنه «كان رحمه الله داعما للقطاع الخاص وكرّس وقته وجهده لخدمة وطنه وشعبه، فالمجتمع الاقتصادي لن ينسى مساندته ووقوفه، فالمشاعر يا سلطان تتحدث عن شخصيتك الفذة ولكن إنا لله وإنا إليه راجعون، داعين الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته».

وكان الأمير سلطان رحمه الله حريصا على تنويع القاعدة الاقتصادية وتحقيق معدلات نمو للاقتصاد وإشراك القطاع الخاص ناهيك عن أعماله الجليلة من خلال مؤسسات وجهات عديدة وقطاعات إنسانية غطت أرجاء الوطن بأكمله لترسم منظومة متكاملة من فكر (سلطان الخير.. والعطاء)، حيث كان دائما يردد أن القطاعين العام والخاص يشكلان منظومة متكاملة في الاقتصاد الوطني.

من جهتهم فقد أفاد عدد من المواطنين أن هذا المشروع بالنسبة لهم كان بمثابة طوق نجاة من الحياة المأساوية التي كانوا يعيشونها في وقت سابق، حيث حول حلمهم إلى حقيقة وأشعرهم بالأمان.