ديفيد كوهين : أدلة الاتهام في مؤامرة اغتيال السفير السعودي بواشنطن ثابتة ولا يشوبها الشك

وكيل وزارة الخزانة الأميركية المكلف بمكافحة تمويل الإرهاب لـ «الشرق الأوسط»: سنتعاون في فرض عقوبات إضافية على سوريا.. وسنستمر في جهودنا لعزل إيران

TT

أعلن مسؤول أميركي كبير أن الولايات المتحدة تسعى لنيل تأييد أوروبا لتشديد العقوبات على إيران ردا على خطة قالت إن طهران رسمتها لقتل عادل الجبير سفير السعودية في واشنطن.

وقال ديفيد كوهين وكيل وزارة الخزانة المكلف بمكافحة تمويل الإرهاب والاستخبارات المالية: «إنه اجتمع مع مسؤولين بريطانيين في لندن أول من أمس لبحث فرض عقوبات جديدة تركز على منع دخول إيران النظام المالي العالمي». وفرض الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة عقوبات على 5 أشخاص قال: إن لهم صلة بالمؤامرة المزعومة. وحذر إيران يوم الأحد من أنها قد تواجه إجراءات أشد ما لم تتحرك لتبديد القلق إزاء برنامجها النووي. وفرضت الأمم المتحدة 4 جولات من العقوبات على إيران منذ عام 2006.

وأضاف في لقاء مع عدد محدود من ممثلي الصحافة العربية والبريطانية: «يجب أن تحاسب إيران على هذا المخطط»، مشيرا إلى الخطة التي ذكرت الولايات المتحدة أن طهران وضعتها لقتل السفير السعودي في هجوم تفجيري. وأكد في السفارة الأميركية بلندن لـ«الشرق الأوسط» أن الاتهامات الموجهة إلى منصور أرباب سيار المتهم الرئيسي في مؤامرة اغتيال السفير السعودي ثابتة بالأدلة من قبل المباحث الأميركية ولا يشوبها الشك. وأضاف أن «جهودنا تجني ثمارها الآن حيث تواجه إيران معدلات غير مسبوقة من العزلة المالية والتجارية»، موضحا أن «عدد ونوعية البنوك الأجنبية الراغبة في التعامل مع مؤسسات مالية إيرانية مدرجة على قائمة العقوبات انخفض بحدة على مدار العام الماضي».

* وجاء الحوار على النحو التالي:

* ماذا عن العقوبات الجديدة المطروحة ضد إيران؟

- إن أي عقوبات جديدة ستكون أيضا جزءا من الجهود الرامية لردع إيران عن مواصلة السعي لتطوير قدراتها النووية، وإنها قد تستهدف البنك المركزي الإيراني. سنستمر في بحث أمر تلك المؤسسات المالية الضالعة في أنشطة الانتشار النووي الإيرانية وسنستمر في محاولة عزلها عن القطاع المالي الدولي.

* هل العقوبات المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مؤثرة بحق الإيرانيين؟

- إن العقوبات مؤثرة للغاية على الحكومة الإيرانية، وهناك الكثير من المؤشرات تؤكد ذلك.

* ماذا بخصوص الانتهاكات التي ترتكب يوميا من قبل أجهزة الأمن السورية بحق المتظاهرين في المدن السورية؟

- إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سيتعاونان في فرض «عقوبات إضافية» على منتهكي حقوق الإنسان في سوريا وعلى مسؤولين بالحكومة السورية، والاتحاد الأوروبي قد منع استيراد النفط الخام من سوريا في سبتمبر (أيلول) وفرض عقوبات على شركات احتجاجا على حملة القمع الحكومية على المحتجين.

* ماذا عن طبيعة المحادثات التي أجريتموها في لندن؟

- جئت إلى العاصمة لندن لاستكمال حوارنا مع الحكومة البريطانية حول إيران، الذي بدأ منذ عدة أعوام. نعمل عن كثب مع المملكة المتحدة منذ أعوام كثيرة فيما يتعلق بمخاوف مشتركة مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، بالإضافة إلى عدد كبير من الأنشطة غير المشروعة لإيران دور فيها. ولذا فإن الأمر لا يقتصر على الانتشار النووي؛ بل يمتد إلى الدعم الإيراني للإرهاب بمختلف أنحاء العالم، ولا سيما دعم حزب الله وحركة حماس.

ومن بين الأشياء التي ركزنا عليها في المحادثات مع الجانب البريطاني المؤامرة التي تم الكشف عنها الأسبوع قبل الماضي وكانت تستهدف من خلالها عناصر في فيلق القدس اغتيال السفير السعودي في واشنطن. وتطرقنا أيضا إلى بعض القضايا الأخرى محل الاهتمام المشترك، وبالأخص سوريا والجهود المستمرة من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لزيادة الضغوط. وقد عقدت اجتماعات في وزارة الخزانة ومكتب مجلس الوزراء ووزارة الخارجية، وجميعها كانت اجتماعات جيدة. ولدينا التزام مشترك وسنستمر في تأكيد الضغوط على إيران.

ونعتمد على قرارات مجلس الأمن التي اعتمدت خلال الأعوام الأخيرة، إلى جانب إجراءات منفصلة اتخذتها المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى، لتوضيح أن أمامهم إما الاستمرار في تحدي المجتمع الدولي، ولا سيما فيما يتعلق بالبرنامج النووي، وإما انتهاز الفرصة والتعامل بجدية مع مخاوف موجودة لدينا جميعا.

* إذن، ما الذي قررتموه اليوم؟

- لم نتخذ أي قرارات، بل كنا نتحدث عن إجراءات ربما تتخذ في المستقبل القريب. ترى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أن العقوبات المستخدمة كانت فعالة. ولهذه العقوبات تأثير على إيران وقيادتها، ولكن من الواضح أنها لم تحقق بعد الهدف من العقوبات، فنحن لم نطبق العقوبات من أجل العقوبات في ذاتها – ولكننا نطبقها كاستراتيجية مسار مزدوج. وعلى الجانب الآخر، فإن رفع مستوى الضغوط سيدفع الإيرانيين إلى اتخاذ الخيار الصحيح. وهذا هو الهدف من العقوبات، أي تشجيع النظام الحاكم في إيران على فهم الخيار الذي يتعين عليه اختياره واتخاذ الخيار الصحيح. وعلى ضوء استهداف العقوبات لسلوك غير مشروع، فإنه يوجد أثر على تطور البرنامج النووي، مما يعطي مساحة وزمنا للجهود الدبلوماسية.

* منصور أرباب سيار المتهم الرئيسي في مؤامرة اغتيال «السفير السعودي» مثل أمام محكمة فيدرالية أمس. هل يحتمل فرض المزيد من العقوبات إذا ثبتت إدانته؟ وإلى أي مدى تضر هذه العقوبات الإيرانيين؟

- سوف تستغرق القضية بعض الوقت، مثلما يحدث في القضايا الجنائية الأميركية. وقد كنا واضحين للغاية في أنه يجب محاسبة إيران، وقد كان ذلك جزءا مما تحدثنا فيه اليوم مع المسؤولين البريطانيين وهو كيف نحملهم المسؤولية، وتحديدا في هذه المؤامرة.

* ما الهدف من العقوبات ضد إيران؟

- رأينا بشكل واضح أن العقوبات محل اهتمام القيادة الإيرانية. وفي الخريف الماضي في أعقاب قرار مجلس الأمن رقم 1929 عندما فرض الاتحاد الأوروبي بعض العقوبات القوية على إيران كانت بعد تشريع أميركي جديد استهدف القيام بنشاط تجاري مع مصارف أجنبية، وقد اتخذ الكوريون الجنوبيون إجراءات، وكذا فعل الصينيون والأستراليون والكنديون والسويسريون والنرويجيون. وقد كان لذلك أثره على إيران. وربما هذه المرة الأولى منذ صدور القرار التي تكون فيها توقعات بألا يحدث نمو في الاقتصاد. ونرى أن مؤشرات الاقتصاد الكلي في إيران ضعيفة، وتتزايد معدلات التضخم والبطالة. وإذا نظرت إلى الطريقة التي ينظر بها إلى العقوبات من جانب القيادة الموجودة بموقع يؤهلها لاتخاذ قرارات استراتيجية مرتبطة بالبرنامج النووي، أعتقد أننا نرى مؤشرات على أن العقوبات تقلق هذه القيادة. لا نعتقد أننا حققنا ما نسعى إليه، وهو أن ندفع القيادة لإعادة التفكير بجدية فيما تقوم به. وقد جعلتنا المؤشرات التي رأيناها نشعر بالثقة في أننا نتحرك في الاتجاه الصحيح وأنه إذا رفعنا الضغوط، فمن المحتمل أن نحقق الهدف.

وفيما يتعلق بحظر السفر، فقد اتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى مناحي مختلفة في تطبيق العقوبات مع إيران. ولم نقل يوما إنه يجب أن نتعامل بالتزام تام مع الموقف. المهم هو مدى القواسم المشتركة بين الدول، حيث نعمل جميعا لفرض عقوبات عليهم.

* تحديدا.. ما العقوبات التي يمكن أن نتوقعها بخصوص سوريا وإيران؟

- سوريا وإيران دولتان مختلفتان، ولذا فإن المنحى المتبع إزاءهما مختلف، ومن ثم أود التحدث عن كل دولة بشكل منفصل. فيما يتعلق بسوريا، فقد تعاملت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع أعمال العنف الفاضحة ضد الشعب بصورة متشابهة، فقد فرضنا عقوبات على الوزارات. ولدينا عقوبات تحظر على أي أميركي المشاركة في نقل النفط السوري. وقد اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات مماثلة، وتوجد دلالات كبيرة على قيام الاتحاد الأوروبي بذلك لأن نحو 40% من العوائد السورية تأتي من بيع النفط، و95% من مبيعات النفط السوري تأتي إلى الاتحاد الأوروبي.

وسيضع ذلك كمية كبيرة من الضغوط على نظام الأسد. وخلال الأيام العشرة الأخيرة تقريبا، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على المصرف التجاري السوري، الذي يعد المصرف الأكثر أهمية في سوريا. وقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليهم في 2005. وأخيرا، فرضت عقوبات عليهم بسبب علاقتهم بنشاط الانتشار النووي في سوريا.

وقد قام صندوق النقد الدولي بمراجعة تقديره لنمو الناتج المحلي الإجمالي في سوريا خلال العام الحالي ليتحول من نمو بمقدار 2% إلى نمو سلبي بمقدار 3%.

وفيما يتعلق بإيران، فإنه من المحتمل أن نرى في المستقبل عقوبات شبيهة لما رأيناه في الماضي، ولكن بكثافة وتكرارا أكبر. وخلال الأعوام الأخيرة، كنا نركز على مهاجمة المؤسسات المالية في إيران التي تدعم انتشار الأسلحة فيها.

* هل من دليل ملموس متعلق بالمؤامرة ضد السفير السعودي؟

- تضمنت الدعوى التي رفعتها وزارة العدل سلسلة من الادعاءات حول المؤامرة، الكثير منها تعتمد على مقابلات مع المتهم الرئيسي منصور أرباب سيار المحتجز في الولايات المتحدة، عندما كان يجهز للمؤامرة. ويعتمد الكثير من هذه الادعاءات على محادثات بين أرباب سيار والمخبر السري الذي كان يخطط لاستخدامه في تنفيذ عملية الاغتيال. وتم تسجيل بعض هذه المحادثات هاتفيا، وورد البعض الآخر في تقارير للمخبر السري. وأعتقد أن الدليل الهام هو تحويل مئات الآلاف من الدولارات التي رصدناها من طهران ويظهر التحويل أموالا تأتي من بنك بدولة ثالثة إلى بنك في الولايات المتحدة ظن أرباب سيار أن فيه حساب الشخص الذي كان يستعمله. ويعد دليل الدفعة المقدمة شيئا قويا في لائحة الاتهام.

* هل تعتقد أن العقوبات ضد إيران وسوريا ستؤثر على الشعب وليس الحكومة؟

- أعتقد أنه لا يوجد شيء يضر الشعب أكثر من تحويل نظام الأسد لأسلحته ضد شعبه. إن عدد المواطنين الذين قتلوا في سوريا خلال الأشهر الـ6 الأخيرة على يد النظام تفوق أي ضرر تحقق بسبب العقوبات. ونحن منتبهون إلى أن العقوبات قد يكون لها تأثير على الشعب، ولكن من المسلم به أن أعمال العنف ضد الشعب السوري من جانب الحكومة السورية أشد ضررا.

ونفس الأمر داخل إيران، فالشعب الإيراني يستحق حكومة تحترم حقوقه العالمية، ولكن هذه الحكومة ليست كذلك، وسعيها وراء برنامج نووي وتحديها للمجتمع الدولي ودعمها للإرهاب يضر الشعب الإيراني أكثر من العقوبات.

* ديفيد كوهين في سطور

* أقر مجلس الشيوخ الأميركي تعيين ديفيد كوهين وكيلا لوزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية في 30 يونيو (حزيران) 2011. وخلال عمله في هذه الوظيفة، يترأس كوهين المهام السياسية والتنفيذية والتنظيمية والاستخباراتية التي تقوم بها الوزارة والتي تهدف إلى تحديد وإعاقة خطوط الدعم المالي لمنظمات الإرهاب الدولية ومروجي الأسلحة وتجار المخدرات، وغيرها من الأطراف الفعالة غير الشرعية التي تشكل خطرا على الأمن القومي الأميركي، كما أنه مسؤول عن إدارة عمل القسم في محاربة عمليات غسل الأموال والجرائم المالية. وقد عمل كوهين في هذا الإطار كعضو في فريق الأمن القومي في إدارة أوباما لتطوير الاستراتيجيات المالية لمواجهة هذه التهديدات واسعة المدى وحماية الولايات المتحدة والنظم المالية الدولية من أي انتهاكات.

كما أقر مجلس الشيوخ الأميركي في 1 مايو (أيار) عام 2009 تعيين كوهين وكيلا لوزارة الخزانة لشؤون تمويل الإرهاب. ويتولى كوهين وبصفته وكيلا للوزارة مسؤولية صياغة وتنسيق جهود مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال في وزارة الخزانة. وكذلك أشرف على عمل مكتب تمويل الإرهاب والجرائم المالية التابع لوزارة الخزانة والمكتب التنفيذي لمصادرة الأصول.

وقد عاد كوهين إلى وزارة الخزانة عام 2009 بعد أن تدرب في شركة في واشنطن تدعى «ويلمر كاتلر بيكيرينغ هيل ودور» للمحاماة، لمدة 7 سنوات. وكان تدريبه في «ويلمر هيل» يركز على الدعاوى القضائية الجنائية والمدنية، والدفاع عن التحقيقات المنظمة في عمليات الاحتيال المالي والمحاسبة، وتقديم استشارات تتوافق مع العقوبات وجهود مكافحة غسل الأموال لمجموعة واسعة من المؤسسات المالية من بينها مصارف ووسطاء وشركات تأمين وصناديق استثمار مشتركة وصناديق تحوط.

وكان كوهين قد انضم في بادئ الأمر إلى وزارة الخزانة عام 1999، حيث عمل في مكتب المستشار العام كمستشار بارز لنيل وولين، المستشار العام وقتئذ. وكانت تتضمن مهام المنصب صياغة قانون شكل أساسا للبند الثالث من قانون «باتريوت» عام 2001 الذي يعد تعديلا لقانون السرية المصرفية والذي منح وزارة الخزانة وسائل جديدة لمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وخلال عمله إبان حكم إدارتين في مكتب المستشار العام، أولا كنائب مساعد للمستشار العام وبعد ذلك كنائب للمستشار العام بالنيابة، قام كوهين بتقديم المشورة لمسؤولين بارزين بشأن مجموعة من القضايا السياسية والقانونية، بما في ذلك سياسات الوزارة لمكافحة غسل الأموال ومكافحة عمليات تمويل الإرهاب.

وقبل انضمامه للوزارة، مارس كوهين المحاماة لمدة 9 سنين في شركة «ميلر كاسيدي لاروكا أند ليوين» للمحاماة بواشنطن، حيث تخصص في الدفاع الجنائي عن متهمي قضايا المسؤولين الكبار والدعاوى القضائية المدنية. وعمل ككاتب محكمة لنورمان رامسي، قاضي مقاطعة ماريلاند منذ عام 1989 وحتى عام 1990، كذلك قام بعمل بحث ما بعد التخرج عن إدارة الأزمة النووية من عام 1985 حتى 1986.

وقد حصل كوهين على شهادة الدكتوراه من كلية الحقوق بجامعة ييل عام 1989، كما حصل على درجة الليسانس مع مرتبة الشرف من جامعة كورنيل عام 1985.