تصريحات ليبرمان للتخلص من أبو مازن تفزع حتى بيريس

الرئيس الإسرائيلي يهاجمه ويؤكد: عباس وفياض قائدان جادان تواقان للسلام

أبو مازن يعانق رئيس المجلس العسكري الأعلى في مصر المشير طنطاوي خلال لقائهما بالقاهرة السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

خرج الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس عن تقليده في مسايرة الحكومة، وانتقد بحدة تصريحات وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان، الداعية إلى استقالة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، بدعوى أنه عقبة في طريق السلام. وقال بيريس في تصريح له، أمس، إن «الرئيس الفلسطيني عباس ورئيس حكومته الدكتور سلام فياض، هما قائدان جديان يتوقان للسلام ويعملان على منع العنف والتطرف في منطقتنا، ويجب على حكومة إسرائيل أن تستأنف المفاوضات معهما في سبيل التوصل إلى اتفاق سلام كامل يضع حدا للصراع الإسرائيلي الفلسطيني الطويل والمرير».

وأضاف بيريس، خلال استقباله وفد رجال الأعمال والفنانين الأميركيين الذين يعملون لمساعدة إسرائيل على التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، إن «عملية السلام صعبة وطريقها مليء بالعقبات. ولكن يجب أن لا نستسلم لليأس». وفي غمز لاذع لتصريحات ليبرمان غير الإنسانية ضد الرئيس عباس، قال بيريس: «يجب أن نعرف أنه لا يمكن صنع السلام بين الدول من دون الدور الإنساني للأشخاص».

وكان ليبرمان قد كشف أوراق الحكومة اليمينية في إسرائيل، التي تعاملت طول الوقت مع عباس على أنه العدو الأكبر للسياسة الإسرائيلية. فقال إن عباس هو العقبة أمام عملية السلام. وعندما سأله أحد الصحافيين إن كان يعمل على دفع عباس إلى الاستقالة وترك المناطق الفلسطينية عرضة للفوضى التي ستدفع إسرائيل ثمنها، أجاب بغضب: «إذا استقال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فلا شك أن العملية السياسية ستنطلق؛ فهو العقبة الكبيرة أمام التسوية، وإذا استقال سيكون ذلك مباركا، وكل من يحل مكانه سيكون أفضل منه». وأضاف ليبرمان: «كل النشاطات الفلسطينية المعادية لإسرائيل هي بمبادرة أبو مازن». ومن بين تلك النشاطات، بحسب ليبرمان، «تشجيع الإرهاب»، ومحاولات إحباط انضمام إسرائيل لمنظمة التعاون والتطوير الاقتصادي، ومنح هبات لمن وصفهم بـ«مخربين محررين». وأضاف ليبرمان: «سأدعم أية تسوية تقود للاستقرار، لكن لا شك في أن قيام دولة فلسطينية مستقلة لا تكون لإسرائيل سيطرة أمنية عليها سينجم عنه سقوط صواريخ على هرتسليا ورعنانا وكفار سابا»، وتابع ليبرمان: «إذا استقال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فلا شك أن العملية السياسية ستسير في المسار الصحيح».

واعتبر هذا الهجوم على عباس بمثابة اعتراف بالسياسة الإسرائيلية الرسمية، خصوصا في هذا الوقت تحديدا، حيث تتعرض حكومة نتنياهو لانتقادات واسعة بسبب صفقة الجندي جلعاد شاليط. ويصرح كثيرون من السياسيين والإعلاميين أن هذه الحكومة تعمل بشكل منهجي لضرب السلطة الفلسطينية وتقوية حركة حماس على حسابها. وقال شيكو منشيه، المراسل السياسي للقناة العاشرة، وهي قناة تلفزيون تجارية مستقلة، إنه سمع من كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين تقديرات تقول إن هدف حكومة نتنياهو - ليبرمان من صفقة شاليط هو «إطلاق رصاصة الموت السياسي على الرئيس الفلسطيني، انتقاما منه لتوجهه إلى مجلس الأمن الدولي».

وأضاف أنه لم يعد سرا في إسرائيل أن هناك كثيرين يعتبرون حماس أفضل وأسهل من أبو مازن، خصوصا بعد صفقة شاليط. وفسر ذلك بقوله: «حماس قيادة واضحة، على عكس أبو مازن الضبابي المفاجئ دائما. حماس متطرفة ومنبوذة في العالم، كل إجراء إسرائيلي ضدها يحظى بموافقة دولية. بينما أبو مازن يعتبر خطيرا، لأنه يحظى بالشرعية الدولية ويحظى بتأييد كبير في العالم. ولذلك، فإن إسرائيل لا تستطيع الاقتراب منه أو المساس به».

ولكن ردود الفعل على ليبرمان في الطرف الفلسطيني والتصريحات التي صدرت في رام الله تحذر من «قرار إسرائيلي باغتيال أبو مازن مثلما اغتيل سلفه ياسر عرفات»، أثارت فزعا في إسرائيل. فخرج بيريس بتصريحاته، مع العلم بأنه منذ انتخاب نتنياهو رئيسا للحكومة وهو «يبلع الضفادع»، كما قال الإعلامي أمنون أبراموفيتش، من القناة التجارية الثانية للتلفزيون: «فحكومة نتنياهو تدير سياسة معادية للسلام ومخالفة للتعهدات الإسرائيلية، وبيريس صامت. يعرض نفسه لخدمة الحكومة في العملية السلمية ويطرح المبادرات، ولكنه عند الجد إذ يحتاج الأمر إلى قرار، يتراجع نتنياهو ويحرج بيريس أمام الجميع».

تجدر الإشارة إلى أن المؤسسات العسكرية والأمنية الإسرائيلية أيضا تختلف مع الحكومة في توجهها إزاء السلطة ورئيسها ورئيس وزرائها. ونشرت صحيفة «هآرتس»، أول من أمس، خبرا على رأس صفحتها الأولى تقول فيه إن نتنياهو يريد مواصلة سياسة العقاب ضد أبو مازن ورفاقه في السلطة الفلسطينية بسبب التوجه إلى الأمم المتحدة. وهو لا يكتفي بصفقة شاليط لهذا الغرض ويريد توجيه ضربات أخرى له. في حين يطلب الجيش تقديم «تعويضات» إلى أبو مازن عن المكاسب التي حققتها حماس في صفقة شاليط. ومن هذه التعويضات: إطلاق سراح مجموعة من الأسرى الذين يطلبهم أبو مازن، وتقديم مساحات جديدة من الأراضي في الضفة الغربية بنقلها من سيطرة الجيش إلى السلطة، وإزالة المزيد من الحواجز العسكرية والترابية، وإلغاء الإجراءات الاقتصادية (تأخير دفع بدل الضرائب والجمارك التي تجبيها إسرائيل لصالح الحكومة الفلسطينية مقابل نسبة مئوية.. وغيرها).