كاميرون يقر بصعوبة المرحلة المقبلة بعد نجاته من اقتراح باستفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي

الداخلية البريطانية: «شبان الفقر» وليست العصابات وراء الاضطرابات الأخيرة

كاميرون أثناء مغادرته مقر رئاسة الوزراء في لندن أمس (رويترز)
TT

أقر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس بأن مسألة عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي ستبقى «قضية صعبة»، وذلك بعدما عانى من تمرد العشرات من نوابه في تصويت بالبرلمان. وقال كاميرون إنه «لم تكن هناك ضغينة أو مرارة»، إثر التصويت الذي أجري في وقت متأخر من أمس ورفض خلاله النواب اقتراحا بإجراء استفتاء عام يختار فيه الشعب إذا ما كان يريد بقاء البلاد داخل الاتحاد الأوروبي أو إنهاء هذه العضوية.

وشكل التصويت انتكاسة سياسية لرئيس الوزراء كاميرون بعدما ظهر أنه يواجه حركة تمرد قوية داخل حزبه. وصوت 483 نائبا في مجلس العموم ضد إجراء الاستفتاء المقترح، في حين أيده 111 نائبا؛ من بينهم 80 نائبا من حزب المحافظين، أي ربع نواب الحزب تقريبا، وقد أعلن هؤلاء مسبقا أنهم لن يمتثلوا لتعليمات رئيس الوزراء وسيصوتون لصالح الاستفتاء بسبب معارضتهم بقاء المملكة المتحدة داخل الاتحاد الأوروبي.

ورغم أن نتيجة التصويت لم تكن بأي حال من الأحوال ملزمة، كما أن الاقتراح كان مصيره السقوط لا محالة، فإن حزب العمال المعارض، وحزب الليبراليين الديمقراطيين، الحليف الأصغر في الائتلاف الحكومي، أعلنا مسبقا أنهما سيصوتان ضد إجراء الاستفتاء.

ولكن أهم ما نتج عن هذا التصويت هو إظهار حجم التمرد داخل حزب المحافظين، الذي ناهز ربع عدد النواب الحزبيين، مما يجعله تمردا غير مسبوق من ناحية الاتساع، وبالتالي، يشكل هزيمة سياسية لكاميرون الذي تسلم رئاسة الوزراء قبل 17 شهرا.

وبعيد ظهر أول من أمس، حاول كاميرون ثني المؤيدين للاستفتاء عن التصويت لصالح إجرائه. وينص اقتراح الاستفتاء على أن يختار البريطانيون بين ثلاثة خيارات هي: إما البقاء في الاتحاد الأوروبي، وإما الخروج من الاتحاد، وإما إعادة التفاوض على عضوية غير كاملة لبريطانيا في الاتحاد ترتكز على «التجارة والتعاون». وقال كاميرون في محاولته الأخيرة لإقناع مؤيدي اقتراح الاستفتاء برفضه، إن «مصلحتنا الوطنية هي في أن نكون داخل الاتحاد الأوروبي.. في المساهمة في تحديد القواعد التي تحكم السوق الموحدة، أكبر سوق لصادراتنا كونها تستوعب 50% من صادراتنا». وأضاف: «عندما يحترق منزل جاركم، فإن رد فعلكم الأول يكون المساعدة في إخماد الحريق.. أقله من أجل منع وصول النيران إلى منزلكم».

وكان كاميرون سعى الأحد إلى إرضاء المتمردين المحتملين داخل حزبه بالتهديد بإظهار القوة ضد الاتحاد الأوروبي أثناء اجتماع قمة أزمة في بروكسل حول منطقة اليورو. وخلال قمة الأحد جرت مشادة كلامية بين كاميرون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي قال لرئيس الوزراء البريطاني إنه «سئم من إصداره الأوامر للجميع»، طبقا لما ذكرته صحيفتا «ديلي تلغراف» والـ«غارديان». كما ألغى كاميرون كذلك زيارتين إلى نيوزيلندا واليابان من أجل حضور قمة أخرى مهمة بشأن أزمة الديون الأوروبية اليوم الأربعاء.

في سياق متصل، أظهرت أرقام رسمية أن الاضطرابات التي شهدتها بريطانيا في أغسطس (آب) الماضي، وتخللتها أعمال عنف ونهب، لم يقم بها شبان من أفراد العصابات مثلما لمح إلى ذلك المسؤولون سابقا، وإنما كان الفقر أحد الدوافع الرئيسية فيها. وأبرزت الأرقام التي أعلنتها وزارة الداخلية أول من أمس، أن أولئك الذين وجهت لهم تهم على خلفية الاضطرابات، كانوا شبانا وفقراء، وقلة منهم فقط كانوا من أفراد العصابات. وتفيد معلومات وزارة الداخلية أن أقل من 10 في المائة ممن تم اعتقالهم على خلفية الاضطرابات التي شهدتها لندن ومدن أخرى، كانوا أعضاء في عصابات. كما خلصت قوات الشرطة، بحسب وزارة الداخلية أيضا، إلى أن أعضاء العصابات «لم يلعبوا دورا محوريا» في أعمال العنف والشغب. وأظهرت الأرقام أن غالبية المشاركين في الشغب كانوا تحت سن العشرين؛ إذ اتضح أن 26% في المائة كانت أعمارهم بين 10 و17 عاما، و27% كانت أعمارهم بين 18 و20 عاما. وحسب الأرقام نفسها، فإن ثلاثة أرباع أولئك الذين مثلوا أمام محاكم بسبب الاضطرابات كانت لهم إدانات أو تحذيرات قضائية سابقة.