حمادي الجبالي.. مهندس «النهضة» في حي القصبة

في دهاء سياسي يروم إرضاء «السواحلية» المتحكمين في السياسة التونسية منذ الاستقلال

حمادي الجبالي
TT

بينما اعتبر دهاء سياسيا يضاف إلى سجله السياسي الغني، أقدم حزب النهضة الإسلامي التونسي، الذي احتل مكانة الصدارة في نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، التي جرت الأحد الماضي، على ترشيح حمادي الجبالي (62 عاما)، أمينه العام، رئيسا للحكومة المزمع تشكيلها قريبا.

ويكمن الدهاء السياسي لحزب النهضة في بحثه المتواصل عن التهدئة، وحرصه على عدم إثارة الزوابع والاستفزازات رغم النصر الكبير الذي حققه، ذلك أنه بقراره ترشيح الجبالي لرئاسة الحكومة الكائن مقرها في حي القصبة بالعاصمة، يكون قد حرص على عدم إخراج بعض مفاتيح الحكم من «ظل السواحلية» نسبة إلى منطقة الساحل، التي ينتمي إليها أبو الجمهورية التونسية الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة (المنستير)، والرئيس المعزول زين العابدين بن علي (حمام سوسة)، كما أن «السواحلية» ظلوا منذ استقلال البلاد مهيمنين على الحياة السياسية ومربعات القرار الأساسية فيها. ومن هنا يرى المراقبون أن اختيار النهضة للجبالي، وهو أصيل مدينة سوسة (الساحلية) يروم كسب «السواحلية» وإرضاءهم وتهدئتهم.

والجبالي مهندس متخصص في الطاقة الشمسية، تخرج في فرنسا، والتحق بمؤسسات حركة النهضة، وخاصة المؤتمر ومجلس الشورى منذ بداية عقد الثمانينات من القرن الماضي. بدأ نجمه يسطع في سماء الحياة السياسية التونسية بعد اعتقال القيادة التاريخية لحركة النهضة، ومحاكمتها سنة 1981. إذ تم انتخابه من لدن مجلس شورى الحركة في سنة 1982، رئيسا للحركة. وتشهد الأوساط السياسية التونسية ودوائر حركة النهضة للجبالي بحسن إدارته لها، وتوسيع علاقتها بالطيف السياسي التونسي. واشترك الجبالي مع المهندس علي العريض في إدارة الحركة في فترة دقيقة جدا تلت أول اعتقالات واسعة في صفوفها. وابتداء من سنة 1984 أي بعد إفراج الرئيس بورقيبة عن القيادة التاريخية، وعودتها إلى رأس الحركة، تولى الجبالي عضوية المكتب التنفيذي والمكتب السياسي ومجلس الشورى (الهيئات الأساسية في النهضة). وخلال سنة 1987 التي عزم فيها بورقيبة استئصال حركة النهضة لعب الجبالي دورا بارزا في إدارة المواجهة مع النظام. ورغم حرص السلطات على اعتقاله فقد نجح الجبالي في الحفاظ على حرية حركته، ومواصلة إدارة المواجهة في وضع حرج.

تولى الجبالي رئاسة تحرير جريدة «الفجر» الناطقة باسم حركة النهضة منذ صدورها حتى اعتقل، وأوقفت الجريدة عن الصدور بعد قرابة سنة من صدورها. وفي عهد الرئيس زين العابدين بن علي حوكم الجبالي أمام المحكمة العسكرية (1992)، وصدر ضده حكم بالسجن مدته 15 سنة، وعرف عن الجبالي توازن تحليلاته للأوضاع التونسية والدولية، وبجرأته في إبداء آرائه والتعبير عن مواقفه. والجبالي متزوج، وأب لـ3 بنات.