المجلس التأسيسي التونسي سيعين رئيساللجمهورية ورئيسا للحكومة.. ويصوغ الدستور

أعضاؤه سيلعبون دور المراقب لأداء السلطة التنفيذية

TT

ينتظر أن يقرر أول اجتماع يعقده المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) جملة من الخطوات المهمة والحاسمة، من بينها انتخاب رئيس للمجلس، وسن النظام الداخلي للمجلس، والمصادقة على تعيين رئيس شرعي مؤقت للبلاد خلفا للرئيس الحالي فؤاد المبزع.

ويسود حاليا جدل حول مدة ولاية المجلس وتحديدها بسنة أو ثلاث سنوات، وهو الذي سيحكم البلاد، ويعين رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، ويقوم بدور السلطة التشريعية المراقبة لعمل الحكومة.

وينتظر الناخب التونسي التئام أول اجتماع للمجلس التأسيسي خلال الأيام القليلة المقبلة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات، وانتهاء مدة تقديم الطعون التي تدوم 48 ساعة بعد إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن نتائج أول انتخابات حقيقية في تونس.

وكانت مسألة إقامة مجلس تأسيسي قد طرحت على التونسيين بعد الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي، وذلك على أساس إبطال كل القوانين المطبقة في العهد السابق بما فيها دستور البلاد وبقية القوانين الأخرى مثل قانون الأحزاب والقانون الانتخابي.

وتمكنت الحكومة المؤقتة خلال فترة التسعة أشهر الماضية من سن مجموعة من القوانين وأبقت مسألة صياغة دستور جديد للبلاد للمجلس التأسيسي. وكانت بعض الأحزاب السياسية مثل الحزب الديمقراطي التقدمي قد عارضت في البداية فكرة المجلس التأسيسي، ودعت إلى انتخابات رئاسية في أول محطة انتخابية، إلا أن ضغط الشارع التونسي وتنظيم اعتصام «القصبة 1»، و«القصبة 2»، ومطالبة المعتصمين باتباع نفس خطوات تونس إبان استقلالها، وبعث مجلس تأسيسي سنة 1956، وبقائه مدة 3 سنوات أي إلى حدود سنة 1959 حظيت بأغلبية الآراء، وهو ما أدى إلى انتخابات 23 أكتوبر (تشرين الأول).

ويتركب المجلس التأسيسي الذي تم انتخابه الأحد الماضي من 217 عضوا من بينهم 199 من داخل تونس، مع تخصيص 18 مقعدا لأول مرة للتونسيين في الخارج. وسيكون أي حزب سياسي مطالبا بالحصول على 109 أصوات من أصوات أعضاء المجلس التأسيسي، أي ما يعادل 51 في المائة من الأصوات، ليحظى أي مشروع قانون بالمصادقة داخل المجلس. وسيكون أي حزب سياسي مطالبا بالتحالف مع حزب آخر أو حزبين للحصول على الأغلبية، وهو ما جعل بعض الأحزاب السياسية، من بينها حزب النهضة، تدعو إلى التوافق بدل التصويت على أي مشروع قانون لعلمها بإمكانية تكوين تحالف سياسي بعيدا عن حزب النهضة، رغم حصولها على أعلى نسبة من الأصوات، وهو ما قد يدخل البلاد في متاهة سياسية جديدة. وحسابيا يمكن لأحزاب: المؤتمر من أجل الجمهورية بزعامة المنصف المرزوقي، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بقيادة مصطفى بن جعفر، والعريضة الشعبية بزعامة محمد الهاشمي الحامدي (إذا نجت قوائمه الانتخابية من الطعن لدى القضاء التونسي)، أن تكون معا تحالفا يكفل لها الأغلبية داخل المجلس التأسيسي. إلا أن الواقع السياسي ومن خلال مختلف تصريحات رؤساء الأحزاب التي حظيت بالمراتب الأولى في انتخابات المجلس التأسيسي تصر على تعاون تلك الأحزاب، وتقريب وجهات النظر بينها عوض التنافر والنزاع. فالمرزوقي يبدو أقرب الأحزاب السياسية إلى التحالف مع حزب النهضة داخل المجلس، وقد أعلن قبل الانتخابات عن تكوين تحالف انتخابي بين الحزبين وحركة الوحدة الشعبية وحزب الإصلاح والتنمية، وهو ما يجعل التحالف بين المؤتمر والنهضة ممكنا بشرط التزام حزب النهضة بمبادئ الثورة، والابتعاد عن مبدأ إقامة دولة دينية، وهو ما عبر حزب النهضة عن القبول به، ورددته قياداته في أكثر من مناسبة.

وإذا ما نجحت تلك التحالفات السياسية داخل المجلس التأسيسي فإن إشكالا آخر سيكون مطروحا، وسيقع حسمه داخل المجلس نفسه، ويتمثل في مدة ولاية المجلس فحزب النهضة يرى أن مدة سنة كافية لصياغة دستور للبلاد، وطي صفحة الماضي، والانطلاق نحو إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بداية سنة 2013، في حين ينادي حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بضرورة تمكين المجلس التأسيسي من مدة كافية قد تصل لثلاث سنوات ليؤسس لفترة سياسية جديدة على أسس صحيحة، عوض التفكير في مرحلة انتقالية أخرى.