نصر الله وعون مصران على رفض تمويل المحكمة الدولية.. وتلويح أميركي «بإجراءات جدية» في حال الامتناع

نائب في كتلة حزب الله لـ «الشرق الأوسط»: الولايات المتحدة تضغط على لبنان لأنه المكان الذي يزعج سوريا

TT

أثار التلويح الأميركي باتخاذ «إجراءات جدية» بحق لبنان في حال امتنعت الحكومة اللبنانية عن دفع ما يتوجب عليها لتمويل المحكمة الدولية ردود فعل لبنانية، أدرجت الموقف الأميركي في إطار «هجمة مدروسة تهدف للضغط على رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي وإحراجه أمام حلفائه».

وبعد الموقف الذي أعربت عنه في هذا السياق السفيرة الأميركية في بيروت مورا كونللي، منذ أيام، شدد نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جايك والاس، خلال لقائه عددا من المسؤولين اللبنانيين في اليومين الأخيرين، على «حاجة لبنان لتلبية جميع التزاماته الدولية بما فيها تمويل المحكمة الخاصة بلبنان والتعاون معها». وأكد «وجهة النظر الأميركية بأنه من الأهمية بمكان ضمان ألا يسبب عدم الاستقرار في سوريا توترا في لبنان»، مجددا «التزام الولايات المتحدة بلبنان مستقر وسيد ومستقل».

وتعليقا على الموقف الأميركي، رأى النائب كامل الرفاعي، المنتمي إلى كتلة حزب الله البرلمانية، أن «الهجمة الأميركي تهدف للضغط على الرئيس ميقاتي من أجل السير في مشروع الموافقة على تمويل المحكمة الدولية، بما يفرض عليه التصادم مع حلفائه داخل الحكومة اللبنانية، وليصبح بذلك أمام خيارين، إما الاستقالة وإما الدخول في حال من المراوحة السياسية». وأشار، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إلى أن «المواقف الأميركية لا تصب في مصلحة لبنان بل تفيد المشروع الأميركي في المنطقة»، معتبرا أن «ما يحصل مرتبط بما يجري في سوريا، حيث استطاع النظام السوري أن يخطو خطوات لصالحه». وتابع «تريد الولايات المتحدة أن ترد على خطوات النظام هذه في المكان الذي يزعج سوريا وحلفاءها، أي في لبنان».

وأعرب الرفاعي عن قناعته بأن الجانب الأميركي «يريد حشر الرئيس ميقاتي وفك تحالفه مع حزب الله ومع التيار الوطني الحر، الذي يرأسه النائب ميشال عون»، مذكرا بأن «نظام المحكمة الدولية لم يتحدث عن عقوبات على لبنان في حال امتنع عن التمويل، بل أشار إلى أنه يعود للأمين العام للأمم المتحدة التفتيش عن بديل لتأمين التمويل». وأكد «اننا حريصون على أن يمر موضوع تمويل المحكمة من خلال مجلس الوزراء»، متوقعا أن «يتم ربط موضوع التمويل بموضوع التجديد للمحكمة خلال شهر مارس (آذار) المقبل، وعندها سنناقش مدى دستورية المحكمة وقانونية إنشائها».

ويعارض وزراء حزب الله وعون تمويل المحكمة الدولية، بخلاف الرئيس ميقاتي ووزراء كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان والنائب وليد جنبلاط، الذين أكدوا مرارا وجوب أن يفي لبنان بالتزاماته تجاه المجتمع الدولي وعدم الدخول في أي مواجهة محتملة معه أو تعريض لبنان لعقوبات جراء عدم دفع المتوجب عليه لتمويل المحكمة.

وقال وزير السياحة فادي عبود، المحسوب على وزراء عون أمس، إن «تمويل المحكمة أو عدم تمويلها لن يؤثر على مسار واستمرارية المحكمة، وهم في الأساس يدركون جيدا أنه لن يؤثر شيء على عمل المحكمة». ولفت إلى أن موقف كتلة عون «واضح وعلني، يعتبر أن المحكمة الدولية في الأساس لم تكن دستورية، لأنه لم يوقع عليها لا رئيس الجمهورية ولا مجلس النواب»، موضحا «اننا نريد للرئيس ميقاتي أن يثبت قدميه، لا أن يعيش على تركة الآخرين».

وبينما وصف النائب في كتلة عون نبيل نقولا موقف السفيرة الأميركية الأخير بـ«الوقح»، مشددا على أن «المحكمة الدولية هي فرض خوة على اللبنانيين»، أعرب رئيس الحكومة الأسبق سليم الحص أن السجال حول تمويل المحكمة «لن ينتهي إلا بتدخل مجلس الوزراء»، مشيرا إلى أنه «يؤخذ على المحكمة الدولية أن إنشاءها لم يقترن بموافقة مجلس الوزراء ومجلس النواب، وقد أصبح ضروريا إسقاط هذا المأخذ، ولن يكون ذلك إلا بعرض موضوع المحكمة على مجلس الوزراء للموافقة عليها».

من جهة أخرى، دعا النائب في كتلة المستقبل عاصم عراجي، كلا من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، إلى «تحويل الأقوال إلى أفعال في ما يخص الالتزام بالقرارات الدولية المتعلقة بالمحكمة الدولية». ولم يستغرب «هجوم عون على تمويل المحكمة الدولية»، مطالبا «ميقاتي بالاستقالة الاستقالة في حال تعذر الإجماع على تمويل المحكمة». وأشار النائب عن حزب الكتائب إيلي ماروني إلى أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله «أعطى توجيهاته بعدم تمويل المحكمة، والناطق باسم حزب الله العماد عون استغل الفرصة وتابع المهمة برفض التمويل»، داعيا ميقاتي إلى «ممارسة دوره كرئيس حكومة وعدم السماح لهم بابتزازه، وأن يتصدى لمحاولات فك التزامات لبنان الدولية». وأكد أن «أصحاب السلاح لا يتعاطون بمنطق العلاقات الدولية، إنما بمنطق (البلطجية)، ومن الطبيعي أن يسعوا لعزل لبنان دوليا لإلحاقه بسوريا وإيران، وهذا أحد أهدافهم».