الملك عبد الله الثاني: مهمتي جعل الأردن برئيس وزراء منتخب

العاهل الأردني في حوار تنشره «الشرق الأوسط»: الجميع بات قلقا من التعامل مع الغرب بعد ما حدث لمبارك

TT

خلال جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد على شواطئ البحر الميت نهاية الأسبوع، تحدث الملك عبد الله مع مراسلة صحيفة «واشنطن بوست» لالي وايموث عن قضايا المنطقة العربية.

* كيف ترى مستقبل مصر؟

- ذهبت إلى مصر في أعقاب زيارتي إلى الولايات المتحدة في مايو (أيار)، حاملا رسالة من الادارة الأميركية للمشير طنطاوي، رئيس المجلس العسكري الحاكم.

* وكيف كانت زيارتكم لمصر؟

- كان اللقاء مع المشير طنطاوي ممتازا، وعقدنا اجتماعا طيبا.

* من المدهش أن طنطاوي لم ينفذ ما طلبه الرئيس أوباما لساعات في الليلة التي تم فيها احتجاز الإسرائيليين في السفارة في مصر؟

- كان الإحساس الذي تلقيته من القيادة المصرية هو أنهم إذا جازفوا فإنهم يعرضون أنفسهم لاتهامات مثل الرئيس السابق حسني مبارك. ولذا أعتقادي أنهم كانوا يحاولون التصرف بأمان وهو ما أعتقد أنه يسمح في بعض الأحيان بأشياء تخرج عن السيطرة. ويعتقد طنطاوي أن هناك الكثير من الضغوط عليه.

* أهي من الشارع؟

- كلا، من الغرب.

* هل تعتقد أنت وقادة آخرون في المنطقة أن الولايات المتحدة لا يمكن الاعتماد عليها؟

- أعتقد أن الجميع بات قلقا من التعامل مع الغرب، نظرا للسرعة الكبيرة التي أدار بها الغرب ظهره لمبارك، ويمكنني القول إن غالبية الناس ستحاول العمل وفق طريقتها الخاصة. وأعتقد أن التنسيق سيتراجع مع الغرب ومن ثم سيكون هناك مزيد من الفرص لوقوع سوء فهم، فمصر تحاول صياغة طريق خاص بها للتحرك قدما.

* وهل الأردن تسعي هي الأخرى لذلك؟

- هناك شيئان يمنعان الأردن من وقوع نفس المصير، أولهما هو أننا تواصلنا مع الجميع ولدينا لجنة حوار وطني. والأمر الذي كان ذا أثر بالغ، وهو المظاهرات الجارية في الأردن خلال 11 شهرا ولم يقتل فيها أحد. وقد كان ذلك قرارا اتخذته من اليوم الأول بضرورة تجريد قوات الشرطة من أسلحتها، ففي كل الدول يكون الحل لدى الشرطة هو سحب أسلحتهم وإطلاق الرصاص.

* هل تعتقد أن الرئيس السوري بشار الأسد يمكن أن يظل في الحكم؟

- كنا حريصين على الحفاظ على كل قنوات الاتصال مفتوحة مع السوريين.

* هل يعني ذلك أنك تحدثت مع الرئيس بشار الأسد؟

- تحدثت مع الرئيس بشار الأسد مرتين في هذا الربيع. ولكنهم لم يكونوا مهتمين بشكل أساسي بالاستماع إلى نصائحنا، وقد أخبرونا بوجود عصابات مسلحة في سوريا وأن كل شيء تحت السيطرة. وقد شعرت أكثر من مرة بأن علي التواصل معه لكني لا أعلم حقا ما ينبغي علي القيام به. وأعتقد أنه بداخله يسعى إلى الإصلاح، لكني لا أعتقد أن مثل هذه الأنظمة ستفسح المجال لأي إصلاح.

* الناس تتساءل بشأن البديل للرئيس بشار الأسد، هل يمكن لشخص علوي آخر أو سني الإطاحة به؟

- لا أحد يملك الإجابة على الوضع السوري، فالنظام يبدو متماسكا إلى حد بعيد، وأعتقد أن العنف سيتواصل لفترة مقبلة.

* في الغرب، نسمع مرات ومرات أن أيام الأسد في الحكم صارت معدودة؟

- أعتقد أنك عندما تستخدم العنف ضد شعبك، لن تكون الخاتمة جيدة على الإطلاق، لكن أحدا لا يستطيع أن يخمن ما إذا كان ذلك سيستغرق ستة أشهر أو ست سنوات أو 16 عاما.

* ما تقييمك لليبيا؟

- أصيب الجميع بالدهشة. وقد أعلنا التزامنا تجاه المجلس الانتقالي منذ اليوم الأول.

* إذن هل تعتقد أن موت العقيد القذافي أمر جيد؟

- هناك مثل قديم يقول إن السلام أكثر صعوبة من الحرب. وأعتقد أن التحدي الذي يواجه ليبيا الآن هو كيفية تحقيق هذا الانتقال بشكل آمن.

* سمعت أن قائد حماس خالد مشعل سينتقل إلى الأردن؟

- نظرا لفقدان مصر ريادتها السياسية، كان على الباقي منا أن يتقدم. وعلى صعيد القضية الإسرائيلية الفلسطينية فإن العلاقات الأردنية مع الفلسطينيين يجب أن تتقدم.

* أنت دعمت طلب الرئيس محمود عباس في عضوية الأمم المتحدة؟

- نعم فعلنا. كان اليأس والإحباط هو ما دفعهم إلى اللجوء إلى الأمم المتحدة، وأعتقد أن جزءا من المشكلة يكمن في الولايات المتحدة؛ فالرئيس أوباما لديه أولويات داخلية أخرى.. أعتقد أن إدارة أوباما ستكون حذرة جدا من اتخاذ خطوة للأمام من دون ضمانات تتعلق بعملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية، الأمر الذي يمثل وصمة عار في جبينها لأن هناك حاجة ماسة إليها الآن.

* الربيع العربي كارثة بالنسبة لإسرائيل، أليس كذلك؟

- لقد شاهدت ما حدث في مصر وتركيا. نحن فعليا الرجل الأخير المتبقي من خلال علاقتنا بإسرائيل..

* الإسرائيليون قلقون من نقض المصريين معاهدة السلام؟ هذا احتمال قوي جدا. فهل تعتزم دعم معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل؟

- لدينا معاهدة سلام مع إسرائيل وسنستمر في الالتزام بها لأنها تفيد كلا الطرفين. كثير من الإسرائيليين يعتقدون أن تصريحاتي الأخيرة كانت عدائية.. ما أقوله هو أنهم يفتقدون لفرصة هنا، وأنا قلق للغاية. هذه أكثر حالة إحباط تنتابني بشأن عملية السلام. أعتقد أن كثيرا منا قد توصل لاستنتاج مفاده أن هذه الحكومة الإسرائيلية على وجه التحديد لا يروق لها حل الدولتين.

* ماذا كان اعتقادك بشأن اتفاق رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مع حماس لإطلاق سراح جندي إسرائيلي؟

- إنها السياسة في نهاية الأمر. كان غريبا بالنسبة لإسرائيل أن تتفاوض مع حماس. أعتقد أن جميعنا كنا نسأل بعضنا بعضا ما المقصد الحقيقي للحكومة الإسرائيلية الآن؟ نظرا لأني مقتنع بأن هناك اهتماما بحل الدولتين، السؤال الذي أطرحه الآن هو: ما هي الخطة البديلة؟

* إذا نظرت خمس سنوات للأمام، فهل تتخيل نفسك تتنازل عن بعض السلطات للبرلمان؟

- ربما عما قريب. لم نغلق الباب أمام التنازل عن سلطات. مهمتي هي جعل الأردن لديها رئيس وزراء منتخب من حزب سياسي.. نحن نحتاج لإنشاء أحزاب سياسية جديدة معتمدة على برامج.. لم ينبع الربيع العربي من سياسات؛ وإنما نبع من عوامل اقتصادية على رأسها الفقر والبطالة.. ما يبقيني متيقظا في منتصف الليل ليس الإصلاح السياسي لأني أدرك بوضوح إلى أين نحن ذاهبون. إنما ما يبقيني متيقظا هو الموقف الاقتصادي لأنه في حالة خروج الناس للشوارع مرة أخرى، فسيكون ذلك بسبب التحديات الاقتصادية، لا السياسية.

لقد قمت للتو بتعيين رئيس وزراء جديد. ورئيس الوزراء الجديد عون الخصاونة لديه سجل ناصع لا تشوبه شائبة؛ إنه الرجل المثالي للوصول بنا إلى انتخابات وطنية في أسرع وقت ممكن.

خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»