ميتشل ورئيس «الشاباك» ينضمان إلى رفض تصريحات ليبرمان

«الرباعية» تلتقي الفلسطينيين والإسرائيليين في مقر الأمم المتحدة في القدس

مقر الأمم المتحدة في القدس الذي شهد اجتماع «الرباعية» مع ممثلين عن الفلسطينيين والإسرائيليين كل على حدة أمس (إ.ب.أ)
TT

في الوقت الذي بدأ فيه ممثلو الرباعية الدولية اجتماعاتهم مع الفلسطينيين والإسرائيليين، بغية دفعهم إلى استئناف المفاوضات، انضم المزيد من الشخصيات السياسية إلى التحذير من خطورة تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، التي هاجم فيها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، واعتبره «العقبة الكأداء أمام السلام». قال المبعوث الرئاسي الأميركي السابق، جورج ميتشل، إن «الجمود في عملية السلام والهجوم على أبو مازن يهدد بانهيار السلطة الفلسطينية وهذا يلحق أضرارا جسيمة بمصالح إسرائيل»، أما رئيس جهاز المخابرات العامة السابق في إسرائيل «الشاباك»، يوفال ديسكين، فقال إن أبو مازن رجل سلام مبدئي مثابر.

وكان ممثلو الرباعية الدولية قد اجتمعوا، أمس، مع وفدي المفاوضات الرسميين، برئاسة يتسحاق مولخو (إسرائيل) وصائب عريقات (فلسطين)، كل على حدة، كبداية لمفاوضات غير مباشرة بين الطرفين بهدف التوصل إلى صياغات مناسبة لاستئناف المفاوضات المباشرة. وحسب مصادر إسرائيلية رفيعة، فإن «الرباعية» تحاول التوصل إلى اتفاق ما بخصوص الحدود والأمن حتى يناير (كانون الثاني)، وبذلك تتجنب الشرط الفلسطيني بتجميد الاستيطان. فإذا اتفق الطرفان على حدود الدولة الفلسطينية، القائمة على أساس حدود 1967 مع تبادل أراض، يصبح واضحا أين تستطيع إسرائيل البناء الاستيطاني وأين لا تستطيع. وهذا يتيح استئناف المفاوضات المباشرة بينهما حول القضايا الأساسية الأخرى (القدس واللاجئين والمياه والاقتصاد وغيرها).

وحسب المصادر نفسها فإن الإسرائيليين شكوا خلال المحادثات من إصرار الفلسطينيين على التوجه إلى الأمم المتحدة طالبين الاعتراف بدولتهم، معتبرين ذلك خطوة أحادية الجانب تضر بالسلام، بينما شكا الفلسطينيون من إصرار إسرائيل على فرض الأمر الواقع على الأرض من جانب واحد بواسطة المشاريع الاستيطانية في القدس الشرقية والضفة الغربية والمساس بالأماكن المقدسة، خصوصا المسجد الأقصى.

واستقبل ليبرمان قدوم مندوبي الرباعية، أمس بتصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أعاد فيها التهجم على الرئيس الفلسطيني فوصفه «بإحدى العقبات الكبرى أمام السلام» واتهمه بـ«التضحية بمصالح الفلسطينيين من أجل أجندته الشخصية». وكرر ليبرمان زعما بـ «أن أبو مازن، خلال حملة الرصاص المصبوب (الحرب العدوانية على قطاع غزة)، اتصل بكافة القنوات المتبعة، وطلب منا بصوته مواصلة الحملة حتى النهاية لإسقاط حركة حماس في قطاع غزة، وبعد ذلك قدم دعوى ضد إسرائيل في المحكمة الدولية في لاهاي»، بحسب ادعائه.

وأضاف ليبرمان أن «غضب السياسيين في أوروبا الغربية وأميركا غير مشروع، وأن العقبة ليست إسرائيل ولا الاستيطان. فأنا لا أعرف حكومة سوية تستطيع التدخل في إجراءات التخطيط والبناء، وأن الحكومات الإسرائيلية بنت دائما في الضفة، بما في ذلك القدس، ولم يطرح أي مطلب فلسطيني بوقف الاستيطان». وتابع أنه حتى عندما تم تجميد البناء الاستيطاني بشكل جزئي مؤقت لم يكن لذلك أية نتائج.

ورفض ديسكين تصريحات ليبرمان وقال إنه من خلال عمله كرئيس للمخابرات لمس بنفسه كم هو أبو مازن مخلص لعملية السلام. وأضاف: «إن أبو مازن رجل مسن ومريض ولا يتمتع بصفات قيادية. ولكنه سياسي واضح ومثابر ومبدئي، متمسك بعملية السلام ولا يؤمن بالعنف ويكافح الإرهاب بشكل جاد وصادق. وهو لا يتخذ هذه المواقف لأنه يحب إسرائيل، بل لأنه مؤمن بهذه المبادئ».

وتابع ديسكين، الذي كان يتحدث في محاضرة له أمام مجموعة من الطلبة الجامعيين، أمس، أن إسرائيل ترتكب خطأ فادحا في اتخاذ موقف معاد من أبو مازن وفي الامتناع عن إجراء مفاوضات معه، بل إنها تخسر كثيرا في الساحة الدولية وغيرها. ورفض المنطق الذي ينادي بمعاداة أبو مازن لأنه توجه إلى الأمم المتحدة، وقال: «هذه الخطوة سلبية تجاه إسرائيل ولكنها محطة عابرة. فقد نجحنا بدعم الولايات المتحدة في صدها ويجب التفكير في الخطوات القادمة».

من جهة ثانية، نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، تصريحات للمبعوث الخاص السابق للرئيس الأميركي في منطقة الشرق الأوسط، جورج ميتشل، حذر فيها بشدة من استمرار مأزق عملية السلام في المنطقة، الذي سيقود حتما إلى انهيار السلطة واندلاع العنف الشديد في الضفة الغربية. وقال خلال محاضرة قدمها الأسبوع الماضي في «تشتام هاوس» المعهد الملكي للشؤون الدولية في العاصمة البريطانية لندن، إن استمرار المأزق الذي تشهده عملية السلام في المنطقة سيقود حتما إلى العنف في حال عدم وجود أي أفق حقيقي للمفاوضات المباشرة. وأشار ميتشل إلى أن الأوضاع الراهنة في الضفة الغربية من ناحية الأمن هي الأفضل منذ سنوات، ولكن هذا الأمر لن يستمر طويلا لأنه بحاجة لأفق سياسي ومسعى حقيقي للتوصل إلى سلام في المنطقة، وأن استمرار الوضع الحالي من ناحية عملية السلام سيقود إلى انهيار داخلي في السلطة وهذا سيقود إلى اندلاع للعنف، لأن الرئيس الفلسطيني أبو مازن وكذلك أجهزة الأمن والسلطة لن تستطيع مواجهة الموقف وانعدام الفرص للسلام، وستنهار كافة أشكال التعاون والتنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والإسرائيلية.

وانتقد ميتشل السلطة لعدم استجابتها لإعلان حكومة نتنياهو تجميد الاستيطان لمدة عشرة شهور، واستمرار رفضها لبدء المفاوضات وكذلك تهديدها بالانسحاب منها في حال لم تقم الحكومة الإسرائيلية بتمديد تجميد الاستيطان في سبتمبر (أيلول) 2010، وهذا ما حدث في الواقع، فبمجرد البدء في المفاوضات سرعان ما انسحبت السلطة بعد إصرارها على موضوع تجميد الاستيطان. وبالمقابل انتقد ميتشل إسرائيل وطريقة تعاملها مع موضوع السلام في المنطقة، مع تأكيده على تفهم حاجات إسرائيل الأمنية التي تميز الموقف الإسرائيلي في هذه المرحلة. وقال إن على إسرائيل أن تتفهم المتغيرات الديموغرافية في المنطقة، حيث يتساوى تقريبا اليوم عدد اليهود مع العرب ما بين البحر والنهر، وستجد إسرائيل نفسها خلال سنوات قصيرة في موقف صعب، فإما أن تختار أن تكون دولة ديمقراطية لكافة سكانها عربا ويهودا بعد انهيار خيار الدولتين، وإما أن تختار أن تكون دولة الشعب اليهودي، وهذا ستكون نتائجه في السنوات القادمة صعبة جدا على إسرائيل وستؤدي لمزيد من العزلة الدولية.