رايس تروي في مذكراتها خلافاتها مع تشيني

هددت بتقديم استقالتها عندما شعرت أنه يتم تجاوزها

TT

تصادمت كوندوليزا رايس مرارا مع نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني حول ما يجب فعله مع المشتبه بتورطهم في أعمال إرهابية لدرجة أنها هددت بتقديم استقالتها في إحدى المرات عندما شعرت أنه يتم تجاوزها، وفقا لمذكرات كتبتها عن الوقت الذي قضته في منصبها في واشنطن، والتي من المقرر أن تصدر في الشهر المقبل.

وتقدم رايس في مذكراتها سردا حيا لما جرى في السنوات المضطربة التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، عندما كانت إدارة بوش تحاول جاهدة إعادة بناء بنية أمنية وطنية لحماية البلاد من نوع جديد من الأعداء، حيث كتبت تقول إنه في الطريق لتحقيق هذا الهدف، كان أعضاء فريق إدارة الرئيس بوش يختلفون مع بعضهم بشدة أحيانا.

وكثيرا ما وقفت رايس، التي عملت في البداية كمستشارة للأمن القومي ثم كوزيرة للخارجية في وقت لاحق، ضد النهج المتشدد الذي كان يتبعه تشيني وغيره، حيث كتبت تقول إن طاقم نائب الرئيس كانوا إلى حد كبير «أصحاب مزاج عقلي واحد شديد التطرف» مضيفة أن أكثر المواجهات حدة بينها وبين تشيني كانت عندما احتجت بأنه لا يجوز أن «يختفي» المشتبه بضلوعهم في أعمال إرهابية، كما هو الحال في بعض الدول الاستبدادية.

وقد كتبت رايس في مذكراتها أنها ذهبت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 إلى الرئيس جورج دبليو بوش بعدما علمت أنه أصدر أمرا أعده المستشار القانوني للبيت الأبيض، ألبرتو غونزاليس، يسمح بتكوين لجان عسكرية بدون إخبارها بذلك، وقالت للرئيس: «إذا حدث ذلك مرة أخرى فسينبغي على أحدنا أن يستقيل، إما أنا أو آل غونزاليس»، وقد قدم لها بوش اعتذاره.

وقد كتبت تقول إن بوش لا ذنب له، وأنها شعرت بأن غونزاليس وموظفي تشيني لم يقوموا بخدمة الرئيس بشكل جيد.

وقد حصلت صحيفة «نيويورك تايمز» على مذكرات رايس، والتي تحمل اسم «نو هاير أونر» أو «ليس هناك شرف أعلى»، قبل الموعد المحدد لنشرها في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) عبر دار نشر «كرون ببلشنغ»، وهي فرع من دار نشر «راندوم هاوس». وتعد مذكرات رايس الأحدث في سلسلة من مذكرات كتبتها شخصيات بارزة في إدارة بوش تحاول تحديد شكل الفترة التي تولت فيها إدارة بوش حكم البلاد.

ولكن هذه المذكرات، التي تقع في 734 صفحة، تتناول فقط الفترة التي قضتها في منصبها، مما يجعلها أكبر سجل لتاريخ تلك السنوات الثماني مقارنة بمذكرات أعضاء فريق إدارة بوش البارزين. (تحدثت رايس عن خلفيتها العائلية في كتاب سابق).

وقد بينت الكتب المتنوعة بشكل صارخ التوترات التي كانت موجودة بين أعضاء فريق إدارة بوش، حيث انزعجت رايس من مذكرات تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، التي انتقدت إدارتها لمجلس الأمن القومي في فترة الرئاسة الأولى ومحاولاتها زيادة الجهود الدبلوماسية في فترة الرئاسة الثانية. ولكنها كتبت تقول إن الخلافات كانت حول قضايا موضوعية ولم تكن خلافات شخصية.

وتستخدم رايس مذكراتها لتذكير القراء بأجواء الخوف وعدم اليقين التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) والتي ميزت طريقة صنع القرار، حيث ذكرت مخاوف أخرى، إلى جانب هجمات الجمرة الخبيثة في ذلك الخريف، لم يكشف عنها في ذلك الوقت، والتي تضمنت شن هجمات على واشنطن باستخدام الجدري والأسلحة الإشعاعية.

وربما كانت رايس أقرب مستشارة للرئيس بوش، حيث كانت تتناول الطعام مع العائلة الأولى في كثير من الأحيان، وتمضي عطلات نهاية الأسبوع في منتجع كامب ديفيد، ولكنها كتبت تقول إنها هي والرئيس قد تكلما بحدة مع بعضهما في إحدى المرات أثناء اجتماع عقد في ديسمبر (كانون الأول) 2006 حول إرسال مزيد من القوات إلى العراق، حيث قال الرئيس إنه يحبذ زيادة عدد القوات ووضع استراتيجية جديدة لحماية السكان العراقيين، في حين أنها كانت تريد بدلا من ذلك سحب القوات من المدن.

وقد سألها الرئيس، كما تروي في مذكراتها، قائلا باستفزاز: «فما هي خطتك إذن يا كوندي؟ هل سنتركهم يقتلون بعضهم بعضا بينما نقف نحن موقف المتفرج ونحاول جمع أشلائهم؟» وقد كتبت رايس تقول إنها غضبت من التلميح بأنها لا تبالي بتحقيق فوز في العراق، وردت قائلة: «إذا كانوا يريدون حربا أهلية فسيتوجب علينا أن نتركهم يخوضون ويلاتها».

وقد كتبت تقول إنها تبعت بوش بعد الاجتماع إلى المكتب البيضاوي للتأكيد على وجهة نظرها، قائلة له: «لا أحد كان أكثر حرصا مني على تحقيق فوز في العراق»، وقد هدأ من انفعالها عندما قال لها: «أنا أعرف ذلك جيدا»، وقد قالت إن تعبيرات وجهه كانت تشي بمدى تألمه بسبب الحرب في العراق التي كانت تسير بشكل سيئ.

وقد حدثت المواجهة الأكثر حدة في أغسطس (آب) عام 2006 عندما حثت الرئيس بوش على الاعتراف باعتقاله لخالد شيخ محمد، وغيره من المشتبه في تورطهم في القيام بأعمال إرهابية، في سجون سرية في الخارج، حيث تجادلت هي وتشيني لعدة دقائق بينما ظل الآخرون صامتين بشكل غير مريح. وقد انحاز بوش إلى رأي رايس ونقل المشتبه بهم إلى خليج غوانتانامو في كوبا.

أما بالنسبة لرامسفيلد، فقد كتبت رايس تقول إنه حاول تجنب مثل هذه القضايا، حيث غادر أحد الاجتماعات عند نقطة معينة من النقاش قائلا: «لا علاقة لي بالمعتقلين». وقد ازدادت حدة التوتر لدرجة أن وزير الخارجية قبلها، كولن باول، قال متحدثا عن رامسفيلد: «أحدنا يجب أن يرحل». (وكان باول هو الذي رحل بعد الفترة الرئاسية الأولى).

وقد سألت رامسفيلد أثناء سيرهما خلال رواق «الحديقة الوردية» عقب إحدى المواجهات التي وقعت بينهما: «ما هو سبب الخلاف بيننا؟» وقد رد قائلا: «لا أعرف. لقد كانت بيننا دائما علاقة طيبة، ولكن على الرغم من أنه من الواضح أنك ذكية وملتزمة، إلا أن ذلك لا يبدو أنه سيجعل علاقتنا ناجحة»، وقد فهمت من كلمة «ذكية» أنه لا يراها ندا له.

وتروي المذكرات مشاريعها الدبلوماسية التي تحمل توقيعها، والتي تشمل الاتفاق النووي التاريخي مع الهند والذي تم إنقاذه في اللحظات الأخيرة من المفاوضات، ومبادرة السلام في الشرق الأوسط، والتي أوشكت على إقامة صلح بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وهي تقيم أيضا القادة الأجانب بصراحة، حيث قالت إن الرئيس السوداني عمر حسن البشير «يبدو وكأنه مخدر». وبعد أن صافحت الرئيس اللبناني، إميل لحود، كتبت أنها بحاجة إلى الاستحمام. ووصفت رفض الرئيس المصري حسني مبارك الإصلاح بقوله: «المصريون بحاجة إلى قبضة قوية وهم لا يحبون التدخل الأجنبي». أما بالنسبة إلى العقيد معمر القذافي الذي قتل يوم الخميس الماضي، أضافت رايس تفاصيل عن «شغفه وافتتانه» المعروف بها، حيث كتبت أنه جمع صورا لها في مقطع مصور مع خلفية لأغنية «بلاك فلاور إن ذا وايت هاوس» أو «الوردة السوداء في البيت الأبيض». وكتبت: «لقد بدا الأمر غريبًا، لكنه على الأقل لم يكن مثيرًا جنسيًا». وأعربت رايس عن ندمها على أكثر من أمر، فالطريقة التي رفض بها بوش اتفاقية كيوتو الخاصة بتغير المناخ دون وعد منه بالسعي إلى تقديم بديل كان «جرحًا من فعل الذات»، بينما رحلة تسوقها في نيويورك خلال إعصار كاترينا كان ينم عن «افتقار إلى التمييز» بالنسبة إلى أرفع المسؤولين الأميركيين من أصول أفريقية.

مع ذلك تدافع رايس بوجه عام عن أكثر القرارات إثارة للجدل خلال فترة إدارة بوش، ومنها قرار الحرب على العراق. وكتبت أن موجة الاحتجاجات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط خلال العام الحالي أو ما يعرف بالربيع العربي قدمت تفسيرًا لتركيز بوش على نشر الحرية والديمقراطية في العالم.

*خدمة «نيويورك تايمز»