ما بعد الإضراب العام.. برنامج شعبي يهدف إلى عزل النظام السوري

مداهمات واعتقالات وسقوط قتلى في مظاهرات الرد على «المسيرة الإجبارية»

TT

بعد يوم طويل من الإضراب العام، الذي طال عددا كبيرا من المناطق السورية في مواجهة المسيرة المؤيدة للرئيس السوري بشار الأسد، التي شكلت رسالة لوفد الجامعة العربية الذي زار دمشق، لا يزال الناشطون السوريون يعدون العدة للمضي قدما في تحركاتهم ضمن برنامج شعبي متكامل يهدف تدريجيا إلى عزل النظام، بحسب عضو المجلس الوطني السوري، أحمد رمضان. وذكر ناشطون أن أربعة أشخاص، بينهم فتى يبلغ من العمر 15 عاما، قتلوا برصاص رجال الأمن، ثلاثة منهم في محافظة حمص وفتى من مدينة تابعة لريف درعا (جنوب) التي انطلقت منها شرارة الحركة الاحتجاجية ضد النظام السوري.

واعتبر رمضان في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن «الإضراب هو تحرك طبيعي وجزء من كفاح الشعب السوري السلمي ضد النظام الذي اختار الحل الدموي. ومن المتوقع أن يطور الناشطون تحركاتهم بعد نجاح إضراب أول من أمس وعدم قدرة النظام على إيقافه أو الحد منه». وفي ما يتعلق بالخطوات التي ستلي الإضراب، يلفت رمضان إلى أن هناك برنامجا جماهيريا متكاملا يهدف إلى عزل النظام وعدم تمكينه من التعامل مع الشعب، وهذا الأمر سيؤدي تلقائيا إلى إبعاده عن الحياة المدنية للمواطنين الذين سيتولون بأنفسهم هذه المهمة، وهذا ما حصل وأثبت نجاحه في عدد من المناطق التي استطاع فيها السوريون تشكيل هيئات ولجان محلية بعيدا عن قبضة النظام. وحول ما أشيع عن إمكانية الانتقال من مرحلة الإضراب إلى مرحلة العصيان المدني، يجيب رمضان: «لا أميل إلى تسمية تحركات الشعب بالعصيان المدني بل هي رفض للواقع الذي يعيشه، لأن ذلك يعني العصيان على أوامر النظام الذي لا نعترف به ونعتبره نظاما فاقدا للشرعية السياسية والأخلاقية بعد المجازر التي نفذها بحق الشعب السوري».

وفي حين يلفت إلى أن الاستمرار في الإضراب سيكون في موازاة المظاهرات اليومية والأسبوعية، يؤكد أن «الوضع الاقتصادي والمالي للنظام في تراجع مستمر، ونحن نتابع هذا الأمر عن كثب ولن تنفعه أي محاولات للاستعانة بالخارج، بل إن الوضع سيتفاقم مع تزايد العقوبات الاقتصادية التي ستفرض على المؤسسات ومع توسيع دائرة المشاركة في الإضراب الذي سينعكس شللا تاما على الاقتصاد بشكل عام».

وفي ما يتعلق بالوضع الميداني والتحركات الشعبية التي عمت عددا من المناطق السورية أمس، بثت مقاطع فيديو على صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» على «فيس بوك»، لمظاهرات خرجت في عدد من المدن السورية، ومنها اللاذقية ودير الزور ومعظمية الشام وقامشلو، وذلك ردا على ما سموه «المسيرة الإجبارية» التي نظمت، أول من أمس، إضافة إلى مقاطع أخرى تظهر الحافلات التي استقدمت المواطنين من القرى السورية للمشاركة في مسيرة التأييد للنظام.

وقد ذكرت معلومات أن الأمن السوري غادر بلدة داعل بدرعا بعد مداهمات واعتقالات طالت أكثر من 100 شخص، فيما أعلن ناشطون أن ثلاثة أشخاص، بينهم فتى (15 عاما)، قتلوا برصاص رجال الأمن، منهم اثنان في محافظة حمص وفتى من مدينة تابعة لريف درعا التي انطلقت منها شرارة الحركة الاحتجاجية ضد النظام السوري. وذكر ناشطون أنه سمع دوي انفجار في اللاذقية بالقرب من مقبرة الشيخ ضاهر خلف حي الفاروس.

كما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مواطنا قتل برصاص قناصة في مدينة تلكلخ التابعة لريف حمص، واستشهد مواطن آخر في حي دير بعلبة في حمص، مشيرا إلى «سماع صوت إطلاق رصاص في حي بابا عمرو»، الواقع في هذه المدينة التي يطلق عليها الناشطون لقب «عاصمة الثورة السورية».

وذكرت لجان التنسيق المحلية في بيان أن الطفل أمجد العاسمي استشهد إثر إصابته بطلق ناري، أثناء حملة مداهمة واعتقالات عشوائية شنتها أجهزة الأمن، ترافقت مع إطلاق الرصاص الحي بشكل كثيف في مدينة داعل ريف درعا.

ولفت المرصد إلى أن مدينة داعل «شهدت مساء أول من أمس مظاهرة حاشدة ضمت نحو 5000 متظاهر للمطالبة بإسقاط النظام، حيث سمع بعد المظاهرة إطلاق رصاص كثيف استمر لمدة ساعة».

وفي ريف دمشق، ذكرت اللجان أن «الجيش والأمن اقتحموا مناطق الغوطة الشرقية كفربطنا وسقبا وحمورية وجسري، مشيرين إلى أنه نفذ «تفتيش للسيارات والمارة وتدقيق في الهويات بحثا عن مطلوبين، والمنطقة بدت شبه مغلقة وكانت حركة الدخول إليها والخروج منها صعبة جدا».

كما كان للنساء حصتهم في تحركات أمس، وذلك في المظاهرة التي شاركن بها بالقرب من جامع الزيتونة، حيث قام الأمن بإطلاق النار مباشرة على المتظاهرات، وبملاحقة ومداهمات واسعة بعد خروج الأهالي لحماية النساء من بطش الأمن.

ودان المرصد بشدة مواصلة «السلطات الأمنية السورية ممارسة سياسة الاعتقال التعسفي بحق المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين على الرغم من رفع حالة الطوارئ».