المجلس الانتقالي الليبي: قتلة القذافي سيقدمون للمحاكمة.. وسيف الإسلام يريد طائرة لتسليم نفسه

الجزائر تبدي استعدادها للتعاون مع السلطة الجديدة.. ومحكمة تونسية تخلي سبيل مطلوب ليبي

TT

أعلن مسؤول ليبي رفيع أن قتلة العقيد الليبي معمر القذافي سيمثلون أمام المحاكمة، عقب الضجة التي أثارتها الظروف والملابسات المرتبكة لمقتله، بينما أوضحت مصادر أخرى أن سيف الإسلام القذافي يريد طائرة لنقله خارج الصحراء الليبية، حتى يتسنى له تسليم نفسه إلى محكمة جرائم الحرب في لاهاي.

وصرح نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، عبد الحفيظ غوقة، أمس، بأنه «بالنسبة للقذافي، نحن لا ننتظر أن يقول لنا أي شخص ما يجب أن نفعله»، مضيفا: «بدأنا تحقيقا، وأصدرنا ميثاقا للأخلاق في معاملة أسرى الحرب. وأنا متأكد أن ذلك كان عملا فرديا، وليس من عمل الثوار أو الجيش الوطني».. وتابع أن «أي شخص مسؤول عن ذلك (مقتل القذافي)، سيُقاضى وسيحصل على معادلة عادلة». وتزايد الغضب الشعبي حول الطريقة التي قتل بها القذافي على أيدي عدد من مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي، الذين أخرجوه من ماسورة صرف كان يختبئ فيها، عقب غارة جوية لحلف الأطلسي.. وأظهرت صور التقطت بهواتف جوالة القذافي حيا وقت اعتقاله.

ووسط عاصفة من التساؤلات العالمية حول طريقة موت القذافي، والانتقادات الموجهة لوسائل الإعلام العالمية التي أبرزت صور جثته، وامتهانه قبل مقتله.. وصف رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، تلك التصرفات بـ«المقززة»، وقال: «معظم أفراد أسرة القذافي قتلوا، وعرضت جثته على كل القنوات الدولية. من المستحيل رؤية هذه المشاهد من دون الشعور بالاشمئزاز. ما هذا؟!».

وأضاف: «عرضوا صورة رجل مغطى بالدماء ومصابا بجروح ولا يزال حيا ويتعرض للضرب حتى الموت. وعرضوا كل ذلك على الشاشات».

وفي سياق ذي صلة، قال مصدر بالمجلس الانتقالي أمس إن سيف الإسلام، الابن الهارب للقذافي، يريد طائرة لنقله خارج الصحراء الليبية حتى يتسنى له تسليم نفسه إلى محكمة جرائم الحرب في لاهاي.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمري اعتقال بحق سيف الإسلام والرئيس السابق للمخابرات الليبية، عبد الله السنوسي، وهما يواجهان اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، للطريقة التي واجها بها الانتفاضة الليبية التي اندلعت في فبراير (شباط).. وتمثل لائحة الاتهام عائقا كبيرا أمام سيف الإسلام للعثور على ملاذ آمن خارج ليبيا.

وسرت أنباء متضاربة عن مكان سيف الإسلام منذ اختفائه من بني وليد، معقل القذافي في شمال البلاد، قبل نحو أسبوع. وقالت بعض التقارير إنه موجود في النيجر مع السنوسي، ولكن لم يتسنّ التحقق من صحة هذه المعلومات من أي مصدر.

وقال مصدر المجلس الوطني الانتقالي لوكالة «رويترز» للأنباء إن سيف الإسلام لم يغادر ليبيا، وإن شخصية بارزة من الطوارق (الذين كانوا على علاقة قوية بسيف الإسلام) تؤويه في الصحراء. وأضاف المصدر: «سيف قلق على سلامته.. يعتقد أن تسليم نفسه هو أفضل خيار أمامه»، موضحا أن سيف الإسلام يريد إشراك دولة ثالثة، ربما تكون الجزائر أو تونس، في اتفاق لنقله إلى لاهاي.

وتابع المصدر أن «سيف الإسلام يريد إرسال طائرة له.. يريد تطمينات»، مشيرا إلى أن مكانه ونواياه كانت محل متابعة من خلال مراقبة المكالمات الهاتفية التي تجري عن طريق الأقمار الصناعية، إلى جانب معلومات تم الحصول عليها من برقيات مخابراتية.

يأتي ذلك في وقت، أفادت فيه مصادر أمنية نيجرية ومالية أمس بأن رئيس الاستخبارات العسكرية الليبية السابق، عبد الله السنوسي، دخل إلى مالي عبر النيجر مع بعض رجاله. وقال مصدر أمني نيجري، رفض كشف اسمه لوكالة الأنباء الفرنسية، إن «عبد الله السنوسي وصل إلى صحراء مالي قادما من النيجر». وأكد مصدر أمني مالي المعلومات في اتصال من شمال مالي، موضحا أنه «جاء إلى صحراء مالي مع فريق صغير من رجاله».. ولم تشر هذه المصادر الأمنية إلى وجود سيف الإسلام القذافي مع السنوسي.

وفي غضون ذلك، أعربت الجزائر ومالي عن أملهما في تسوية سريعة للأزمة في ليبيا، تماشيا مع تطلعات الشعب الليبي. وجاء في بيان مشترك، في ختام الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس المالي إلى الجزائر، إن رئيسي البلدين أعربا عن أملهما في تسوية سريعة للأزمة في «ظل احترام وحدة وسلامة وسيادة هذا البلد الشقيق».

كما أعرب الرئيسان عن استعدادهما للتعاون مع السلطات الليبية الجديدة، وذلك حفاظا على المصلحة المشتركة لشعوبهم و«كمساهمة في تعزيز السلم والأمن والاستقرار لمجموع المنطقة».

من جهة أخرى، أفرجت محكمة تونسية أمس عن البغدادي المحمودي، رئيس الوزراء الليبي السابق المعتقل بتونس، على الرغم من وجود طلب ليبي بتسليمه. وقال المحامي مبروك كرشيد لوكالة «رويترز» الإخبارية: «قررت المحكمة الإفراج عنه (المحمودي) من سجنه»، وهو ما أكده مصدر في وزارة العدل.

وقال المحامي إن «القرار أثبت أن القضاء التونسي قضاء عادل، ويتماشى مع مقتضيات الثورة»، مضيفا أنه كان يخشى على حياة موكله في حال تم تسلميه إلى السلطات الليبية، مشيرا إلى أن المخاوف زادت بعد مقتل القذافي، وما أثاره ذلك من مخاوف منظمات حقوقية من عودة ممارسات التعذيب والانتقام إلى ليبيا.