القذافي شارك بمؤامرة مع جيش صدام وحزب البعث لإسقاط الحكومة العراقية

كُشفت خلال زيارة مفاجئة قام بها محمود جبريل إلى بغداد

TT

عندما سقطت العاصمة الليبية طرابلس، عثر المقاتلون الثوار فيها على وثائق استخباراتية سرية تربط العقيد معمر القذافي بمؤامرة لأعضاء سابقين في جيش صدام حسين وحزب البعث لإسقاط الحكومة العراقية، وفقا لمسؤول عراقي.

وقد تم الكشف عن تفاصيل المؤامرة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في هذا الشهر، خلال زيارة مفاجئة إلى بغداد قام بها محمود جبريل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، وفقا لما قاله المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لأنه كان من المفترض أن يظل هذا الموضوع سريا. وقد قامت قوات الأمن العراقية هذا الأسبوع باعتقال أكثر من 200 من المشتبه في صلتهم بالمؤامرة.

وقد كشفت وثائق بمقار جهاز مخابرات العقيد القذافي في طرابلس عن الكثير من الأسرار، وكشف هذا الكنز الدفين عن وجود علاقات بين العقيد القذافي ووكالة الاستخبارات المركزية، وسلط الضوء على مفاوضات تمت بين تجار أسلحة صينية ومسؤولين ليبيين أثناء الثورة الليبية، والتي تعد مصدر إحراج للمسؤولين في بكين.

ولكن هنا في العراق، كان للأنباء المتعلقة بمؤامرة العقيد القذافي صدى خاص.. حيث كانت وسائل الإعلام العراقية قد احتفلت بوفاة العقيد القذافي في الأسبوع الماضي. ولكن الأنباء التي تفيد بأن العقيد كان يدعم انقلابا يقوده البعثيون أضافت طبقة أخرى من المؤامرات والدسائس، في الوقت الذي كان فيه العراق يحاول استيعاب ما أعلنه الرئيس أوباما في مطلع هذا الأسبوع من أن آخر جندي أميركي سيغادر العراق بحلول نهاية العام. وقد أشار البعض إلى أن هذه قصة مختلقه لتبرير اعتقال أفراد من السنة، وهو ما يمثل انعكاسا للتوتر الطائفي الهش الموجود في العراق.

وقال حامد المطلق، وهو عضو لجنة الأمن في البرلمان العراقي عن الكتلة العراقية، والتي يعد أغلبها من السنة «إن الذين تم إلقاء القبض عليهم لا يستحقون ذلك، لأن العديد منهم كبار السن. كما يعتبر التوقيت الذي تم فيه اتخاذ هذا الإجراء سيئا، لأن القوات الأميركية على وشك الرحيل، ومن ثم ينبغي علينا أن نركز على المصالحة الوطنية».

وقد ظهر حسين كمال، نائب وزير الداخلية العراقي، على شاشة التلفزيون الرسمي، وقال إن المؤامرة شملت محرضين منتشرين في جميع أنحاء جنوب البلاد وفي شمال بغداد، وأنهم كانوا يخططون للقيام بـ«عمليات إرهابية وتخريبية» بعد انسحاب القوات العسكرية للولايات المتحدة.

وما زال لذكريات حزب البعث تأثير نفسي كبير على الناس في العراق، على الرغم من مرور ما يقرب من تسع سنوات على الغزو الأميركي الذي أخرج الحزب من السلطة. حيث أمر الأميركيون بحل الجيش ومنعوا معظم أعضاء الحزب من التعيين في أي وظيفة حكومية، وهو القرار الذي يقول الكثيرون إنه أسهم في التمرد والحرب الأهلية الطائفية اللذين حدثا في وقت لاحق.

وقد أخرجت عملية اجتثاث البعث، التي تمت قبل الانتخابات البرلمانية في العام الماضي، الكثير من الناس من العملية السياسية، مستندة في كثير من الأحيان إلى أدلة واهية، وكثيرا ما يتهم الخصوم بعضهم البعض بأنهم «بعثيون»، وهو أسوأ نوع من الإهانة هنا.

وتنتشر الشائعات عن الانقلابات في كثير من الأحيان في أنحاء العاصمة، حيث غالبا ما تكون الأدلة على أحدث تلك المؤامرات هي اتخاذ الدبابات مواقع جديدة في المنطقة الخضراء المحصنة.. وقد أثارت المؤامرة الأخيرة التي تم اكتشافها الشكوك، كما هو متوقع، في بعض الدوائر في أن الهدف من وراء هذه الاعتقالات هو تسجيل نقاط سياسية من خلال اللعب على بقايا مخاوف الناس من العيش تحت وحشية نظام صدام حسين.

ونظرا لأن السنة كانوا يهيمنون على حزب البعث، ولأنهم كانوا يحكمون الغالبية الشيعية بلا رحمة على مدى عقود، فإن مصطلح «البعثيين» قد أصبح يحمل اليوم في طياته أيضا إيحاءات طائفية.. والدليل على ذلك هو ما حدث يوم الثلاثاء في تكريت (مسقط رأس صدام حسين في محافظة صلاح الدين الواقعة في شمال بغداد)، حيث استنكر المتظاهرون خارج مبنى مجلس المحافظة هناك الاعتقالات التي تمت، فقد قال الشيخ حسين الألوسي «لقد خرجنا اليوم في مظاهرة سلمية لمطالبة الحكومة بوقف اعتقال أبناء العراق، وعلى الرغم من سعادتنا برحيل الأميركيين، فإن الحكومة تحاول استغلال ذلك، فأين هي المصالحة الوطنية إذن؟ وأين الدستور؟».

ويخشى أعضاء حزب البعث السابقون في مدينة البصرة الجنوبية، حيث تم اعتقال 40 شخصا، والذين لم يكن لهم نشاط كبير في الحزب، من أن دورهم هو التالي في الاعتقال وفقا لوكالة «رويترز» الإخبارية. حيث قال حسن أبو فالح، وهو موظف حكومي إنه وقع على تعهد في عام 2003 بنبذ حزب البعث «بصراحة أنا خائف جدا وأتوقع أن يتم اعتقالي في أي لحظة، فالممارسات الحالية هي نفس ما كان يفعله صدام».

* خدمة «نيويورك تايمز»