الجبالي لـ «الشرق الأوسط»: «النهضة» تسعى إلى تكوين ائتلاف مع كتل حزبية لتشكيل حكومة وحدة وطنية في تونس

البناني عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة التونسية لـ «الشرق الأوسط»: الحركة تتبنى النظام البرلماني.. والغنوشي لن يتولى أي منصب في الدولة

الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة يترأس اجتماع المكتب التنفيذي في مقر الحزب بتونس (أ.ب) وفي الإطار المهندس حمادي الجبالي
TT

أكد المهندس حمادي الجبالي، الأمين العام لحركة النهضة التونسية ومرشح الحركة لرئاسة مجلس الوزراء في الحكومة الانتقالية المقبلة، أن حركة النهضة ستسعى إلى تكوين ائتلاف حكومي مع الكتل الحزبية التي تجري معها حاليا مشاورات مكثفة من أجل الوصول إلى توافق وطني لتشكيل حكومة وحدة وطنية.

وقال المهندس الجبالي، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، إن المشاورات السياسية جارية لهذا الغرض، وذلك حتى قبل إعلان النتائج النهائية لانتخابات المجلس التأسيسي، وإنه «لما نالت حركة النهضة أغلبية الأصوات، فمن الطبيعي، ومن التقاليد المتبعة في الأنظمة الديمقراطية، أن الحزب الحاصل على الأغلبية هو المفترض أن يتصدى لمهمة تشكيل الحكومة، وهذا ما تفعله حاليا حركة النهضة استعدادا للقيام بمسؤوليتها الوطنية التي كلفها بها الشعب التونسي الذي يتجه بكلياته نحو التحول الديمقراطي.وستتبنى الحركة خيار النظام البرلماني مستقبلا, في إطار إرساء نظم ديمقراطية جديدة بتونس».

وأضاف المهندس الجبالي أن حركة النهضة ستلتزم بكل الأطروحات التي نادت بها خلال الحملات الانتخابية لتأكيد مصداقيتها في مواجهة تحديات المرحلة المقبلة، مشيدا بالحس الوطني للشعب التونسي «الذي انتظم في مراكز الاقتراع لإرساء دعائم التحول الديمقراطي في بلادنا». وقال المهندس الجبالي «عقدنا اليوم (أمس) أول جلسة مشاورات مع الدكتور مصطفى بن جعفر رئيس حزب التكتل من أجل العمل والحريات، حيث تدارسنا الموجهات والمبادئ والسياسات العامة للتحالف المقبل، واتفقنا على ضرورة توسيع هذا التحالف، وذلك بالسعي لضم أطراف أخرى، والدخول معهم في مشاورات، وكذلك البدء من الآن في لجان فنية للبحث في برنامج الحكومة المقبلة، خاصة في المجال الاقتصادي والاجتماعي».

وأضاف المهندس الجبالي أنه سيلتقي قريبا بالدكتور منصف المرزوقي، رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، للبحث في القضايا والموضوعات ذاتها «حتى نصل إلى توسيع هذا التحالف لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتحديد برنامجها، والعمل من أجل إرساء دعائم التحول الديمقراطي في تونس».

من جهة أخرى، أكد وليد البناني، عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة التونسية عضو المجلس الوطني التأسيسي المنتخب، أن «ما حققته الحركة من انتصار في انتخابات المجلس التأسيسي التونسي يعبر عن أن الشعب التونسي ارتقى إلى مستويات الشعوب المتمدنة، ويعبر عن حس وطني راق لإنجاز أهداف الثورة بطريقة سلمية، من حيث أنه عبر وللمرة الأولى في تاريخ تونس بكل حرية عن اختيار حركة النهضة التي يعرفها، وقد خبرها على مدى ثلاثة عقود، حيث إنها تصدت لديكتاتورية الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وصمدت ولم تتنازل عن مبادئها، رغم الجور والظلم والجبروت والتعسف الأمني الذي واجهته، فجزاها شعبها واختارها لينجز معها أهداف الثورة، هي وبقية مكونات الطيف السياسي الذي عرف بمعارضته الجادة لنظام بن علي القهري»، مشيرا في ذلك إلى حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بقيادة المنصف المرزوقي وحزب التكتل من أجل العمل والحريات بقيادة مصطفى بن جعفر. وهنأ البناني الشعب التونسي بهذا الانتصار، واعتبره انتصارا للشعب التونسي أكثر منه انتصارا لحركة النهضة، مؤكدا أن حركة النهضة ستكون خادمة لشعبها بمختلف أفكاره وأحزابه وجمعياته ومحافظاته.

ونفى البناني وجود أي تنسيق أو مشاورات بين حركة النهضة والعريضة الشعبية بقيادة محمد الهاشمي الحامدي، منوها بأن «العريضة الشعبية ليست حزبا، بالمعنى المفهوم للحزب، فهي قوائم اعتمدت خطابا شعبويا، ووعودا كثيرة لطبقة من طبقات المجتمع التونسي المحروم». وقال إنه في تقديره أن الزمن كفيل بأن يبين مصداقية هذه القوائم من عدمها في تحقيق ما وعدت به من شعارات خلال العملية الانتخابية.

وأكد البناني أن حركة النهضة لا تفكر في التحالف مع هذه القوائم، موضحا أن «الحركة تقوم حاليا بجملة من الاتصالات والمشاورات مع الكتل الحزبية الفائزة في الانتخابات بالمرتبة الثانية (حزب المؤتمر من أجل الجمهورية)، والمرتبة الرابعة (حزب التكتل من أجل العمل والحريات)، من أجل استشراف آفاق تشكيل حكومة وحدة وطنية، وستتصل الحركة بأطراف أخرى ضمن تصورها للمرحلة المقبلة التي تتطلب إشراك أوسع قدر من الأحزاب لمواجهة مهام المرحلة المقبلة بعد أن يتشكل المجلس الوطني التأسيسي، وينتخب رئيسه ويصادق على قانونه الداخلي، ثم يشكل حكومة الوحدة الوطنية». وقال إن «المهمة الأساسية للمجلس الوطني التأسيسي هي صياغة دستور جديد لتونس يؤسس للجمهورية الثانية على أساس تونس دولة حرة مستقلة، دينها الإسلام ولغتها العربية، وسيُكرس فيه الفصل بين السلطات، وضمان الحريات الفردية والعامة وحقوق الإنسان، وتُدعم فيه مكاسب المرأة وتصان فيه الأسرة، ويرسي نظاما اقتصاديا واجتماعيا متوازنا بين كل الجهات. والمهمة الثانية هي تصريف حياة الناس، وتلبية احتياجاتهم. والمهمة الثالثة هي التهيئة لانتخابات رئاسية وتشريعية بعدما تصاغ منظومة قوانين تؤطر هذه الاستحقاقات الوطنية».

وقال البناني إن «الترشيحات لكل المناصب لم تحسمها حركة النهضة سواء رئاسة الجمهورية أو رئاسة المجلس الوطني التأسيسي، وذلك لأن هذه المواقع تتطلب مشاورات مع الكتل الحزبية التي نعتزم التحالف معها، ففي هذا المستوى ما زالت المشاورات الجارية مع هذه الكتل لم نصل فيها إلى نتائج نهائية، وسيتضح ذلك جليا بعد 10 أيام على الحد الأقصى». أما في ما يتعلق بتأكيد ترشيح حركة النهضة للمهندس حمادي الجبالي الأمين العام للحركة لمنصب رئيس الوزراء، قال البناني «إن تقاليد الأنظمة الديمقراطية تقضي بأن الحزب الفائز هو الذي يتولى تشكيل الحكومة، باعتبار أن حركة النهضة تتبنى النظام البرلماني، وعلى هذا الأساس فإن مقترحنا أن يتولى الأخ المهندس حمادي الجبالي الأمين العام للحركة رئاسة الحكومة، بعد إجراء المزيد من المشاورات مع الكتل الحزبية التي نعتزم التحالف معها».

وعما إذا كان الشيخ راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، سيتولى رئاسة الدولة، أكد البناني أن «الشيخ راشد الغنوشي قبل عودته إلى أرض الوطن وبعدها صرح بأنه لن يتولى أي منصب رسمي في الدولة، ولذلك فهو لن يترشح لأي منصب في الدولة». وعما يتردد في الشارع السياسي التونسي عن ضمانات حول ما أعلنته الحركة من سياسات، قال البناني «الضامن هو أن هنالك ثورة في بلادنا، وأن الشعب التونسي يقظ ولن يرضى بأن يحكمه ديكتاتور جديد تحت أي لون، سواء كان إسلاميا أو علمانيا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن حركة النهضة التي عُرفت على مدى أربعة عقود مواقفها المبدئية والتي عبرت عنها عام 1981 حينما سئلت عن مدى قبولها باختيارات الشعب إذا اختار حزبا شيوعيا، فأجابت آنذاك بأنها ستحترم خيار الشعب، وستعمل بالطرق السلمية على الوصول إلى الحكم، ولذلك فإن الحركة تجدد الآن موقفها بأنها إذا خسرت في الانتخابات المقبلة بعد عام فإنها ستنزل عند حكم شعبها، فالضامن هو الشعب التونسي الذي أبدع ثورته التي فتحت المجال للشعوب العربية لتبرهن على أنها شعوب متحضرة تعيش عصرها وليست شعوبا همجية». وحصلت «الشرق الأوسط» على النتائج شبه النهائية لانتخابات التونسية, وذلك قبل إعلانها رسميا من الهيئة الانتخابية, حيث حصلت حركة النهضة على 88 عضوا والمؤتمر من اجل الجمهورية 30 عضوا والعريضة الشعبية 27 عضوا والتكتل من اجل العمل والحريات 20 عضوا والديمقراطي التقدمي 16 عضوا.