السعوديون يتلقون التعازي في وفاة «سلطان الخير»

عبارات العزاء سبقت السلام في المجالس والمحادثات الهاتفية

TT

من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، تلقى سكان السعودية التعازي على فراق أمير الخير وسلطانه، حيث لم تخل أي مكالمة هاتفية أو لقاء جانبي من مشاعر الحزن والمواساة على الفقيد، فسبقت عبارات «عظم الله أجرك» و«أحسن الله عزاك» عبارات السلام بين الأقرباء والأصدقاء، في موقف دل على حب هذا الرجل العظيم في تاريخ الخير في السعودية.

وأدى السعوديون في الداخل والخارج صلاة الغائب على الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، رحمه الله، في المساجد داخل المملكة وفي مقار سفارات خادم الحرمين الشريفين بمختلف دول العالم وفي عدد من المراكز الإسلامية والجوامع المنتشرة في العواصم والمدن العالمية.

وأدى الصلاة إلى جانب أعضاء البعثات الدبلوماسية السعودية والمسلمين والجاليات المسلمة، جموع كبيرة من الطلبة السعوديين المبتعثين في تلك العواصم والمدن.

استقبلت سفارات خادم الحرمين الشريفين لدى جل دول العالم حشودا من المعزين في وفاة ولي العهد، رحمه الله، ضمت كبار المسؤولين ورؤساء البعثات الدبلوماسية العاملة لدى تلك الدول، فضلا عن النخب الثقافية والفكرية التي عبرت عن تعازيها الحارة في هذا المصاب الجلل.

كما لا تخلو المجالس داخل البلاد، منذ الساعة الأولى التي أعلن فيها الديوان الملكي سلطان بن عبد العزيز فقيدا، من ذكر مآثره، ففي جازان (جنوب المملكة) تناقل السكان التعازي في ما بينهم متذكرين مواقفه بدعم النازحين إبان حرب الحوثيين وتقديمه الدعم لكافة القرى ةالهدجر في المنطقة .

فخلال مجلس لبعض الأعيان في محافظة صامطة، قال إبراهيم مدخلي في جازان «لا يذكر الخير إلا ويذكر معه سلطان، لم نصدق في ذهول موته»، ويذكر المدخلي موقفه معه شخصيا بقوله «كان يصلني شهريا راتب شهري من الأمير، وبعثت ببرقية له عن أحوالي السيئة، فتبرع لي بمبلغ ثلاثين ألف ريال قبل نحو أربعة أشهر».

ومن جهته، يشير خالد مجرشي إلى والدته الطاعنة في السن، التي بكت الفقيد بقولها «إن هذا الرجل ارتبط به الخير»، مشيرة إلى ذكره الطيب في قريتهم جنوب جازان حتى إن أيا منهم إذا تعرض لظرف طارئ إلا وذكر سلطان الخير.

ويذكر من جهته محمد سالم المرض الذي تعرضت له ابنته الرضيعة قبل نحو عشرة أعوام عندما رفع برقيته إلى مكتب الأمير سلطان، ليصله الرد عاجلا بنقلها إلى مستشفى الأمير سلطان التخصصي بالرياض.

ويؤكد مصلح الغامدي «كان ولي العهد - رحمه الله - أميرا في أعماله وإنجازاته وخلقه وفي كرمه وحبه للناس، عطفه على الفقراء، ومد يده البيضاء الكريمة للمحتاجين والمعوزين والمنكوبين في داخل الوطن وفي خارجه.. لذلك، الجميع حزين على فراقه، والجميع يتلقى العزاء في وفاته، كل شبر من ثرى هذا الوطن الغالي يتحدث عن ما قدمه الأمير سلطان – رحمه الله – لخدمة وطنه، وما حققه من الإنجازات أشبه بالمعجزات الخالدات لشعبه وبلاده، من شرقها لغربها، ومن شمالها لجنوبها».

وفي جدة وفي إحدى الأسواق، وقف جمع غفير من الناس أمام إحدى الشاشات يشاهدون لحظة وصول جنازة فقيد الوطن، منهم من تذرف عيناه دمعا، وآخر يدعو بالرحمة والغفران، مستذكرين الفقيد وأعمال الخير، ومتفقين على دعاء واحد (رحمك الله يا سلطان الخير).

يصف علي الصبيحي الموقف بقوله «منذ وفاة الأمير سلطان ونحن نتبادل التعازي وكأنه أحد أفراد عائلتنا وهو كذلك، فهو الوالد لنا جميعا.. دخلت مع والدي إلى مركز الأمير سلطان لغسل الكلى ورأيت الإمكانات الكبيرة في المركز والدعم الكبير الذي وجده والدي.. رحم الله سلطان القلوب».

وهنا يؤكد محمد بن حمد الوافي، وكيل محافظة جدة، أن «المشاعر التي تسابق الجميع عليها ما هي إلا دلالة على ما يتمتع به الرجل من حب»، وأضاف «لقد فقده العالم بأسره، سلطان الخير – سلطان الإنسان - سلطان الحر - سلطان السياسة، فقدنا رمزا من رموز المملكة، فقدنا الأب الحاني على أبنائه».

وقال «لقد بكتك يا سلطان مكة والمدينة والرياض، بكتك المملكة برمتها؛ شمالها وجنوبها وشرقها وغربها، بكتك المدن والهجر، بكاك كل إنجاز من منجزاتك، بكتك القلوب المحبة لك، وسوف تبكيك إلى الأبد، لن ننساك ولن ينساك العالم أجمع».

وببالغ الأسى والحزن، نعى مجلس التدريب التقني والمهني بمنطقة مكة المكرمة الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي «كرس حياته – غفر الله له - للبذل والعطاء في خدمة وطنه والأمة الإسلامية، وتميز بأياديه البيضاء وإسهاماته الجليلة، - رحمه الله». يقول عباس بوزي كوت، هندي الجنسية ويعمل في المملكة منذ نحو 18 عاما، إنه ومنذ قدومه إلى المملكة يقرأ ويسمع عن مآثر الأمير وأفعال الخير التي كان يقوم بها، مشيرا إلى أنه ومنذ وفاته لا يخلو مجلس لزملائه من الجنسية الهندية من ذكر الأمير سلطان بأفعاله وأعماله.

ورفع الدكتور راشد بن محمد الزهراني، رئيس مجلس التدريب التقني والمهني بمنطقة مكة المكرمة، أصالة عن نفسه، ونيابة عن مجلس إدارته وعمداء وعميدات الكليات التقنية والاتصالات والمعاهد العليا التقنية للبنات ومديري المعاهد الصناعية الثانوية والعسكرية والمتدربين والمتدربات بمحافظات المنطقة - صادق المواساة والتعازي إلى القيادة الرشيدة، ودعا الله - سبحانه وتعالى - «أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ورضوانه، وأن يسكنه مساكن الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، وأن يجزيه خير الجزاء على ما قام به من أعمال صالحات لبلده وللأمة الإسلامية وأن يمن على الأسرة المالكة والشعب السعودي بالصبر الجميل والأجر الجزيل». واستطرد «أسأل الله أن يغفر لك، وأن يدخلك فسيح جناته، وأن يبارك لنا في أخيك خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والأسرة المالكة أجمع، وأن يديم عليهم الصحة والعافية ويمدهم بعونه، ويديم على المملكة الأمن والأمان والاستمرار على النهج الذي رسمه المؤسس - رحمة الله عليه».

لقد أحدث نبأ وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام - رحمه الله - صدمة كبرى لدى أبناء الشعب السعودي والأمتين العربية والإسلامية، وذلك نظرا لما يمتلكه - رحمه الله - من رصيد محبة لدى الجميع. يؤكد من جانبه نايف الراجحي، عضو الغرفة التجارية الصناعية بالمدينة المنورة، «تلقيت كغيري من المواطنين التعازي على فقيد الوطن، فبصادق مشاعر الحزن والأسى نعزي أنفسنا وكافة أفراد الشعب السعودي الكريم فقيد الأمة الإسلامية الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود».

وأضاف «رحم الله سلطان، وأسكنه فسيح جناته، وجعله مع النبيين والصديقين، وحسن أولئك رفيقا، فهنيئا له بكل الخير الذي قدمه للأمة وأياديه البيضاء الذي شمل القريب والبعيد، وإن الحزن على رحيل الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد - رحمه الله - يعتصر القلوب، ولكننا لا نملك إلا أن نقول: الحمد الله على ما قضى.. والحمد الله على ما أفضى، ونبتهل إلى العلي القدير أن يجزيه الجزاء الحسن على خير ما قدم، وأن يتغمده بعفوه وغفرانه، ويشمله برحمته ورضوانه، ويسكنه فسيح جناته، ويجعل اجتماعنا به في دار كرامته».

وبعثت جمعية «البر» بجدة برقية عزاء ومواساة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ونوهت الجمعية بالجهود الخيرة التي عرف بها الفقيد والتي سطرت صفحات عظيمة ومضيئة لا يمكن حصرها، مؤكدة أن «الشعب السعودي والقطاع الخيري لن ينسى الأيادي البيضاء لسموه في دعم مجالات الخير وسجله الحافل بأعمال الخير في الداخل والخارج»، سائلة الله عز وجل أن يرحم الفقيد وأن يسكنه فسيح جناته وأن يجازيه خير الجزاء.

من جانبه، قال سعد بن عبد الرحمن العويرضي، رئيس مجلس إدارة جمعية «المودة» الخيرية للإصلاح الاجتماعي، «إننا بفقد الأمير سلطان بن عبد العزيز فقدنا رجلا طالما خدم دينه ووطنه بكل إخلاص، وعرف في كافة أرجاء العالم العربي والإسلامي، فضلا عن الساحة الدولية، بأعماله الكثيرة من أجل الإنسانية والخير للأمة جمعاء». وأشار إلى أن «أعمال الخير والعطاء الذي عرف بها فقيد الإنسانية الأمير سلطان بن عبد العزيز يشهد لها القاصي والداني، راجيا الله - عز وجل - أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته.