القاهرة تبادل «غرابيل» بـ 25 سجينا مصريا في سجون إسرائيل

الأسير الإسرائيلي يشيد بالمصريين ونتنياهو يستقبله في مطار اللد.. وتقارير صحافية تحدثت عن صفقة طائرات لمصر

إيلان غرابيل المتهم بالتجسس يجلس بين عضو الكنيست إسرائيل حسون ومستشار نتنياهو المحامي إسحق مولخو في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

وسط غموض كبير ودون إعلان الكثير من التفاصيل عن عملية التسليم والتسلم، شهد معبر طابا الحدودي بين مصر وإسرائيل أمس وصول 25 من السجناء المصريين في السجون الإسرائيلية الذين تضمنتهم صفقة الإفراج عن الإسرائيلي المتهم بالتجسس لصالح إسرائيل (إيلان غرابيل)، وشملت الصفقة الإفراج عن ثلاثة من الأطفال المعتقلين لدى إسرائيل، فيما غادر غرابيل مصر عبر مطار القاهرة متوجها إلى إسرائيل. وكشفت تقارير صحافية نقلا عن مصدر عسكري مصري أن واشنطن تعهدت، في إطار تسهيل الإفراج عن غرابيل، بحصول مصر على صفقة طائرات «إف-16» التي كانت مصر تطالب بها منذ فترة.

وبدءا من الساعة الثانية عشرة من ظهر أمس الخميس، أغلقت السلطات المصرية معبر طابا الحدودي وحتى السادسة مساء لإتمام الصفقة، وفي تمام الخامسة وصل السجناء المصريون إلى المعبر حيث تسلمتهم السلطات المصرية، وقامت أجهزة البحث الجنائي المصري بفحصهم للتأكد من هوياتهم، فيما تم نقل غرابيل إلى إسرائيل عبر مطار القاهرة بصحبة وفد أمني إسرائيلي بعد أن أمضي في السجون المصرية أربعة أشهر.

وقالت تقارير صحافية أمس إن الصفقة تضمنت موافقة الولايات المتحدة على بيع مصر طائرات «إف-16» في إطار الصفقة، بعد تراجع إسرائيل عن اعتراضها على صفقة الطائرات لتسهيل عملية التبادل. وكان اللواء سامح سيف اليزل، الخبير الأمني والاستراتيجي، قد كشف قبل يومين عن تضمن الصفقة المصرية بعض البنود السرية الخاصة ببعض المطالب المصرية العسكرية والأمنية، رافضا الإفصاح عن فحواها، وهو ما قد يؤكد تلك التقارير. فيما أوضح السفير حسن عيسى، المدير السابق لإدارة إسرائيل في وزارة الخارجية المصرية، أنه من الصعب تأكيد تلك التقارير، مشيرا إلى أن مثل تلك الصفقات تنطلي على محفزات لا يعلن عنها إطلاقا لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي.

وأفرجت إسرائيل عن 22 مواطنا مصريا كلهم من بدو سيناء، بالإضافة إلى ثلاثة أطفال كانت إسرائيل قد ألقت القبض عليهم على الحدود بتهمة بيع الدخان للجنود الإسرائيليين، ومعظم المفرج عنهم متهمون بقضايا تتعلق بتهريب المخدرات أو الأسلحة وليس بينهم أي متهمين بقضايا قتل وفقا لجريدة «هآرتس» الإسرائيلية، اللافت أن ثلاثة من المفرج عنهم أنهوا بالفعل مدة سجنهم كما أن خمسة منهم كان سيفرج عنهم بنهاية العام الجاري، منهم سجين كان سيفرج عنه الأسبوع المقبل.

وأوضح السفير حسن عيسى، قنصل مصر السابق في تل أبيب، أن صفقة «غرابيل» تختلف تماما عن صفقة «شاليط» من حيث العدد أو النوعية، وقال عيسى لـ«الشرق الأوسط» «من الناحية العددية، الصفقة تضمنت الإفراج عن 25 سجينا مصريا من أصل 81 سجينا بنسبة 31 في المائة، بينما صفقة شاليط تضمنت الإفراج عن 1027 أسيرا من أصل 11 ألف أسير بنسبة 10 في المائة» وتابع عيسى «الصفقة لها أيضا بُعد نوعي مهم، فكل المصريين المفرج عنهم من بدو سيناء، وهي رسالة مهمة جدا لأهل سيناء عن أن القاهرة تضعهم في حساباتها، وأنها تحرص عليهم».

ولسنوات اشتكى أهل سيناء من إهمال الحكومة المركزية في القاهرة لهم ولاحتياجاتهم الأساسية، معلنين غضبهم من الملاحقات الأمنية لهم ومن سيل الاتهامات لهم بعدم الولاء للقاهرة، وهو الكلام الذي يرى عيسى أن صفقة «غرابيل» قد أحالته إلى صفحات التاريخ.

وعلى مقربة من المنفذ، تجمهر عدد من أسر السجناء المفرج عنهم، بالإضافة إلى عدد من أسر السجناء غير المفرج عنهم ضمن الصفقة، حيث بدت عليهم علامات الغضب لعدم الإفراج عن ذويهم. وطالب الأهالي بأن تشمل الصفقة جميع الأسرى البالغ عددهم 81 سجينا مصريا داخل السجون الإسرائيلية، وأكد بعضهم أنهم جاءوا لإعلان الاعتصام أمام المعبر بسبب عدم الإفراج عن جميع السجناء وأبرزهم السجين المصري مساعد البريقات، وهو أقدم سجين مصري داخل إسرائيل منذ عام 2004.

وقال عيسى إنه من غير المتوقع أن يكمل السجناء المصريون المفرج عنهم مدة أحكامهم في السجون المصرية إعمالا بمبدأ «إقليمية الجريمة» الذي يأخذ به القانون المصري.

من جهة أخرى، كشف «مساعد الطرابيكي» المتحدث الرسمي للمساجين المصريين في السجون الإسرائيلية، عن أن هناك 10 مساجين مصريين لا تعلم السلطات المصرية أي بيانات عنهم ولم يدخلوا ضمن الصفقة، وهو ما رفضت مصادر مصرية التعليق عليه بالتأكيد أو النفي.

وأظهرت صور حديثة لغرابيل، التقطت قبل يومين في القاهرة، لقاءه مع المبعوث الشخصي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، يتسحاق مولخو، وعضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب كديما، إسرائيل حسون، وهما المسؤولان عن المفاوضات مع الجانب المصري، واللذان وصلا القاهرة أمس برفقة والدة غرابيل استعدادا للعودة به إلى إسرائيل، حيث من المفترض أن يلتقي برئيس الوزراء الإسرائيلي قبل عودته (غرابيل) للولايات المتحدة.

وقبل 4 أشهر، ألقت السلطات المصرية القبض على الجاسوس الإسرائيلي إيلان غرابيل في أحد فنادق وسط القاهرة بعد أن تلقت معلومات من المخابرات العامة بأن غرابيل تم دفعه إلى داخل البلاد وتكليفه بتنفيذ بعض الاحتياجات للجانب الإسرائيلي، وتجنيد بعض الأشخاص للجانب الإسرائيلي من خلال نشاطه في التجسس ومحاولة جمع المعلومات ورصد أحداث ثورة 25 يناير، حيث وجهت له تهما بالتجسس، وإثارة الفتنة بين الشعب والجيش وأضيف لها لاحقا تهمة التحريض على حرق أقسام الشرطة.

وفي إسرائيل، استقبل الأسير غرابيل، بحفاوة في مطار اللد (بن غوريون). وقال إنه يشعر بفرحة عامرة وأن صحته جيدة. وأشاد بالمصريين الذين لم يسجنوه في معتقلاتهم، بل في شقة محروسة تابعة للمخابرات، وأكد أنه كان يشاهد التلفزيون ويستمع للراديو.

وكان المفاوضان الإسرائيليان مع مصر، النائب عن حزب كديما المعارض، إسرائيل حسون، وهو نائب سابق لرئيس المخابرات العامة، والمستشار السياسي لرئيس الوزراء، يتسحاق مولخو، قد تسلما غرابيل في مطار القاهرة، حال وصول الأسرى المصريين. وطارا به إلى تل أبيب. وهناك التقته والدته الأميركية آيرين، التي كانت قد كلمته حال تحرره واطمأنت على صحته.

ثم نقله رجال المخابرات مع والدته إلى القدس الغربية، حيث استقبلهما رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في مقر إقامته. وهنأه بتحرره، رافضا الانتقادات الموجهة إليه في اليمين المتطرف والقائلة إنه «لا يستحق أن تتجند إسرائيل لتحريره لأن تاريخه مليء بالنشاط ضد إسرائيل وضد الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش الإسرائيلي». وقال إن كل يهودي في العالم هو بمسؤولية حكومة إسرائيل.

وقال حسون إن إسرائيل لم تدفع ثمنا باهظا لقاء غرابيل، حيث إن الغالبية الساحقة من الأسرى المصريين الذين أطلق سراحهم في الصفقة هم تجار مخدرات ومهربون. ويوجد بينهم خمسة أشخاص اتهموا وأدينوا بتهمة تهريب السلاح.

وأكدت مصادر سياسية في إسرائيل أن صفقة غرابيل هي جزء من صفقة شاليط وأن المحادثات مع مصر ستستمر من أجل إطلاق سراح الدفعة الثانية من الأسرى في صفقة شاليط ومن أجل إطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي عودة طرابين. وقال شقيق طرابين إن هناك وعودا من الحكومة الإسرائيلية بأن يتم تحريره بعد شهر.