هجمات المستوطنين تتخذ طابعا أكثر «دموية».. بهدف القتل

اتهامات للحكومة الإسرائيلية بـ«غض الطرف»

TT

عادة ما يستيقظ الفلسطينيون في القرى القريبة من المستوطنات، على «خرائب» خلفتها هجمات للمستوطنين في جنح الظلام، غير أن هذه الهجمات في الشهور القليلة الماضية أخذت تتزايد وتتسع وتأخذ طابعا أكثر دموية، تحت شعار «دفع الثمن».

وفجر أمس، فوجئ أهالي قرية بيت فوريك القريبة من نابلس، بهجوم من نوع آخر.. هجوم يعكس تطورا خطيرا في أسلوب المواجهة، استخدم فيه المستوطنون اسطوانات الغاز، بغرض القتل هذه المرة، أو ترك أكبر دمار ممكن في المكان. وأفاق أهالي القرية على أصوات انفجارات كبيرة هزت المكان، تبين فيما بعد أنها كانت ناتجة عن انفجار اسطوانة غاز في قلب أحد المنازل، تلاها انفجار سيارة «جيب» قريبة.

وقال شهير حنيني، 40 عاما، وهو صاحب المنزل والسيارة، «لقد فجروا اسطوانة غاز داخل المنزل، مما أدى إلى احتراق جزء منه بالكامل، قبل أن يفجروا الجيب». وقدر حنيني خسائره بمئات آلاف الشواقل.

وحدث الهجوم على الرغم من تشكيل الفلسطينيين لجان حراسات شعبية بعد أن وجدوا أنفسهم مضطرين لمواجهة الأمر بأيديهم، غير أنها لم تبد فعالية كبيرة إلا في أماكن محددة فقط.

وقال غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة، «اللجان لا يمكنها العمل في كل مكان» وأضاف «يمكنها العمل في الأماكن القريبة والمكتظة، لكن البعيدة، فهذا صعب للغاية». وأردف «إننا نعيش تحت احتلال، كل شيء مراقب، ويخضع لسيطرتهم».

ويتركز هجوم المستوطنين عادة على تجمعات لا تخضع لسيطرة السلطة، بل لسيطرة إسرائيلية مطلقة، وفق تقسيمات اتفاق أوسلو، أو عند تجمعات كبيرة.

وقال تقرير لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن الفلسطينيين يتعرضون، تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي، إلى حملة منظمة من العنف والترهيب من قبل المستوطنين، تشمل الأفراد والممتلكات، خصوصا في التجمعات الفلسطينية المهمشة والمعزولة، ومناطق الاحتكاك. وأوضح التقرير أن المستوطنين قاموا خلال السنوات الأخيرة وتحت عنوان «دفع الثمن» بتنفيذ عمليات إرهابية تقف خلفها خلايا إرهابية من عناصر اليمين الإسرائيلي المتطرف، وتعتبر تلك العمليات جزءا من حملة مستمرة لإرهاب الدولة المنظم، تتسم بدوافع آيديولوجية متطرفة تهدف إلى طرد وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وتؤكد أن إسرائيل ليست مجرد نظام حكم يمارس الاحتلال العسكري الاستيطاني، بل هي نظام يعزز العنصرية والتطرف.

وهذا العام فقط، هاجم المستوطنون عدة مساجد وأحرقوها، بالإضافة إلى استهداف البشر والحجر والشجر. وقال تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة «أوتشا»، إنه تم اقتلاع أو حرق ما يزيد على 7 آلاف و500 شجرة زيتون على يد المستوطنين في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر (أيلول) 2011.

وأشار التقرير إلى أنه تم تجريف ما يزيد على 7 آلاف و300 دونم من الأراضي كانت مزروعة بأشجار الزيتون والواقعة على طول السياج الحدودي مع إسرائيل خلال عمليات التوغل. وأوضح أن «وصول الفلسطينيين إلى حقول الزيتون الواقعة بجوار 55 مستوطنة، محدد بأوقات معينة خلال الموسم عندما تكون القوات الإسرائيلية منتشرة على الأرض».

وخرب المستوطنون هذا الشهر فقط، في أماكن مختلفة موسم قطف الزيتون، وهاجموا المزارعين، وروعوهم، وقوض ذلك قدرة المزارعين على الإنتاج الذي تراجع عن العام الماضي.

وطلب دغلس، وضع «خطة استراتيجية» لمواجهة الحرب المفتوحة من قبل المستوطنين. وأضاف «يجب التفكير في وضع استراتيجية وطنية، تشمل زيادة الموازنة لدعم صمود الناس هنا».

ويقول جهاز المخابرات الإسرائيلية العامة «الشاباك» إن المستوطنين الذي يهاجمون الفلسطينيين مدربون ومسلحون ويعملون بشكل منظم في مجموعات سرية، لا يمكن اختراقها، وهذا هو سبب عدم اعتقال أي منهم.

غير أن دغلس كذب هذا الادعاء، وقال «إنهم يتحركون بغطاء من الحكومة اليمينية التي لم تعاقب أيا منهم ولا مرة». وأضاف، «إن كاميرات الشاباك والجيش تنتشر في كل سنتيمتر مربع في محيط المستوطنات، وبإمكانهم تصوير كل حركة داخلها وخارجها». واختتم متسائلا «كيف إذن عادوا إلى الكاميرات، وأمسكوا بشبان أحرقوا برج مراقبة قرب أحد المستوطنات قبل أيام».