الشرطة تتحرك ضد احتجاجات «لنحتل وول ستريت» بعد تحول طابعها السلمي

تفريق المتظاهرين بقنابل مسيلة للدموع.. واعتقال أكثر من 100 منهم

متظاهرون يسيرون في نيويورك تضامنا مع رفاقهم في أوكلاند بكاليفورنيا بعد أن تصدت لهم الشرطة مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

ضاقت السلطات الأمنية الأميركية ذرعا بالاحتجاجات المتواصلة لحركة «لنحتل وول ستريت»، وذلك بعد أن بدأت الحركة التصعيد والصدام مع الشرطة والابتعاد عن البداية السلمية لنشاطها. وتحول الأمر إلى مواجهات بين الشرطة والمحتجين في مدينة أوكلاند بولاية كاليفورنيا الثلاثاء، حين قام المتظاهرون، أمام قاعة مدينة أوكلاند، برشق الشرطة بالحجارة والزجاجات الفارغة والطلاء. وردت الشرطة بفض الاعتصام وتفريق المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع وتدمير الخيام التي تصل إلى 150 خيمة، بعد شكاوى أصحاب الشركات التجارية والمقيمين بالمنطقة والمسؤولين من بقاء المحتجين بالمنطقة وزيادة مشاكل المرور والصرف الصحي والجريمة. واعتقلت الشرطة حينها 102 شخص بتهمة التجمع والتخييم غير المشروع.

وأصيب سكوت أولسن، أحد المحاربين في حرب العراق، بكسر في جمجمة الرأس ونقل إلى المستشفى في حالة خطرة، بعد حالة الفوضى والعنف التي سادت بين المتظاهرين وأفراد الشرطة. وتناقلت وسائل الإعلام صورة أولسن وهو يتلقى ما يشبه القذيفة أو القنبلة المسيلة للدموع فوق رأسه، وأثار ذلك غضب واستياء أعضاء الحركة. وقالت المتحدثة باسم شرطة أوكلاند، سينثيا بيركنز، إن إدارة الشرطة تحقق في كيفية تعرض سكوت أولسن لكسر في الجمجمة في الاشتباكات التي وقعت الثلاثاء.

كانت حركة «لنحتل وول ستريت» قد بدأت منذ 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، وانتشرت في مئات المدن الأميركية للتنديد بالتجاوزات التي يرتكبها العاملون في حي المال وجشع الشركات المالية، وتركز المال في أيدي فئة محدودة، بينما تعاني الأغلبية من البطالة والكساد الاقتصادي. وأبدى المحتجون استياءهم بالخروج في مسيرات ومظاهرات سلمية، والبقاء بشكل متواصل في حديقة أمام بورصة نيويورك رافعين شعارات منددة بالرأسمالية. وانتشرت تلك المظاهرات من المدن الأميركية إلى عدة مدن أوروبية وعواصم غربية منها لندن وأوتاوا وسيدني.

لكن المظاهرات والاحتجاجات التي استمرت بشكل سلمي في جميع المدن الأميركية في حماية الشرطة تحولت هذا الأسبوع إلى مصادمات ومواجهات عنيفة، بدأت في مدينة أوكلاند بولاية كاليفورنيا، ثم مدينة أتلانتا بولاية جورجيا، ومدينة نيويورك. ففي مدينة أتلانتا، تكرر العنف نفسه والمصادمات بين الشرطة والمحتجين أول من أمس، واقتحمت قوات الشرطة المنتزه العام الذي يحتله المحتجون لإخلائه بالقوة. واتهم رئيس بلدية أتلانتا المحتجين باستخدام العنف ضد الشرطة، وأمر بشن حملة اعتقالات ضدهم. وقال رئيس بلدية أتلانتا قاسم ريد «لن نقف صامتين أمام اتجاه هذه الحركة للانخراط في العنف، وفي رأيي الحركة لم تعد سلمية».

وفي نيويورك، أبدى المتظاهرون تضامنهم مع المحتجين في أوكلاند بكاليفورنيا، وساروا في مسيرة مساء أول من أمس من حديقة زاكوتي أمام بورصة نيويورك إلى قاعة مدينة نيويورك، وهم يهتفون «مسيرة من أجل أوكلاند». وتدخلت الشرطة في وقت مبكر صباح أمس، وقامت باعتقال عشرة أشخاص. كما أصيب أكثر من عشرين شرطيا من ضباط مدينة نيويورك. وحذرت الشرطة أنها ستقوم بالإجراءات القانونية ضد المحتجين في حال قيامهم بإصابة أي ضابط. وقال اد مولينز، رئيس جمعية ضباط شرطة نيويورك «في ضوء تزايد العنف المصاحب لهذه الحركة في جميع أنحاء البلاد، فإن الاعتداء على ضباط الشرطة أمر لا يمكن السكوت عليه، وأتخوف أن تنتشر أعمال العنف ضد ضباط الشرطة في مدن أخرى، وبتحريض مقصود لمواجهات عنيفة لا داعي لها مع الشرطة».

وأثار هذا التحول والتصعيد واستخدام العنف من المتظاهرين قلق عدد من المحللين، وقال مايكل هيني الأستاذ المساعد للعلوم السياسية بجامعة ميشيغان «الشرطة اختارت أن تجعل الأمر أكثر إثارة للخلافات، وعليهم أن يعيدوا حساباتهم ويجيبوا عن السؤال: هل أدى العنف إلى قمع الحركة أم تحفيزها؟». وأضاف «واحد من الأشياء التي أثارت الإعجاب في هذه الحركة أنها لم يكن بها أي عنف ضد أشخاص أو ممتلكات». وأوضح أن أفضل استراتيجية تنتهجها الشرطة هي تجاهل هؤلاء المحتجين، وأن الحركة ستنتهي بعد فترة ويعود الناس إلى ديارهم. في سياق متصل، أظهرت استطلاعات الرأي أن 32 في المائة من الجمهوريون في مدينة نيويورك يؤيدون الاحتجاجات، بينما يعترض عليها 22 في المائة.. ويؤيد 71 في المائة فكرة الاحتجاج السلمي وحق الاحتجاج بصفة عامة. وفي المقابل يؤيد 57 في المائة من الديمقراطيين الاحتجاجات ويعترض عليها 30 في المائة.