زعماء دينيون يدينون «الإرهاب الديني» خلال لقاء في إيطاليا

بابا الفاتيكان يعترف بخطأ المسيحيين في الماضي بسبب استخدامهم العنف باسم الإله

بابا الفاتيكان يحيي رئيس جمعية نهضة العلماء (الإندونيسية) هاشم موزادي، خلال اجتماع أسيزي في إيطاليا أمس (رويترز)
TT

اجتمع بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر وعشرات من الممثلين الآخرين عن الأديان المعروفة في العالم في كنيسة رومانية قديمة في بلدة اسيزي وسط إيطاليا، وشددوا على شجبهم للعنف الذي يرتكب باسم الدين. ويأتي الاجتماع الذي ضم بعض الممثلين الكاثوليك والمسلمين والبوذيين واليهود إضافة إلى آخرين، بعد 25 عاما على قيام بابا الفاتيكان السابق يوحنا بولس الثاني بتدشين اجتماع مماثل للصلاة من أجل تحقيق السلام في العالم.

واستقل ممثلو الأديان المختلفة قطارا خاصا من مدينة الفاتيكان إلى أسيزي حيث كان ضمن الجمع رهبان بوذيون وزعماء دينيون سيخ فضلا عن رجال دين أرثوذكس وكرادلة كاثوليك. ويحضر أكثر من 50 شخصا من ممثلي تجمعات إسلامية المحادثات، فضلا عن حاخامات يهود ورجال دين هنود وبوذيين ويابانيين وسيخ ورجل دين زرادشتي وآخر بهائي وممثلين عن التاوية والكونفوشيسية وعبادات تقليدية في الأميركيتين وأفريقيا.

وفي الكنيسة الضخمة التي تضم كنيسة أصغر حيث يرقد جثمان القديس فرانسيس الأسيزي منذ عام 1226 شاهد الحضور فيلما استعرض الأعوام الخمسة والعشرين الماضية إحياء لذكرى أول اجتماع مشترك بين ممثلين عن الأديان المختلفة في أسيزي.

وتوسط البابا، 84 عاما، رئيس أساقفة القسطنطينية بارثليميوس الأول، والحاخام ديفيد روزن ممثلا عن الحاخامية الكبرى لإسرائيل. ونظم البابا الاجتماع الذي يهدف إلى أن يكون «رحلة تأمل وحوار وصلاة لان يسود السلام والعدل في العالم»، غير أن الفاتيكان تجنب أي صلاة مشتركة بين الحاضرين. وتحدث البابا إلى الحاضرين حيث شجب بشدة الإرهاب الديني الذي وصفه بأنه «ليس الطبيعة الحقة للدين، بل هو نقيض له ويودي به».

وأدان البابا بنديكتوس السادس عشر الإرهاب الذي تحركه دوافع دينية خلال الاجتماع الذي ضم 300 من زعماء أديان العالم بهدف شجب العنف الذي يقترف باسم الدين. وقال البابا: «نعرف أن الإرهاب كثيرا ما تكون له دوافع دينية وأن الطبيعة الدينية بشكل خاص للهجمات تتخذ كمبرر للوحشية الرعناء التي تعتبر نفسها محقة في أن تضرب بعرض الحائط قواعد الأخلاق من أجل ما ترى فيه صلاحا».

واعترف البابا بأن المسيحيين كانوا مذنبين في الماضي عندما استخدموا العنف باسم الله. وقال رئيس الكنيسة الكاثوليكية «صحيح أن التاريخ شهد اللجوء إلى القوة باسم الإيمان المسيحي. إننا نقر بذلك بخزي عظيم. ولكن كان واضحا وجليا أن هذا جاء انتهاكا للإيمان المسيحي». كما دعا كافة الحاضرين إلى «السعي لرصد الأوجه الجديدة للعنف والفرقة رصدا أكثر دقة».

بدوره، تناول رئيسة جمعية «نهضة العلماء» بإندونيسيا، هاشم موزادي، موضوع الصراع الديني. وقال إن «المصالح غير الدينية التي تمتطي التعاليم الدينية وتستخدم الدين كدافع للأغراض غير الدينية» تستغلها عادة «جماعات معينة» تحركها أهداف غير روحانية بما في ذلك «السياسة والاقتصاد والثقافة».

وذكر ممثل البوذية اتشارايا شري شريفاتسا جوسوامي من معبد سري رادهارامانا في فريندافان بالهند بنماذج القادة الدينيين المشهورين الغائبين والحاضرين في النضال من أجل السلام. وقال: «من كريشنا إلى بوذا ومهاتما غاندي مرورا بمارتن لوثر كينغ إلى الأسقف ديزموند توتو، كل هؤلاء الرحالة (بحثا) عن الحقيقة أعلنوا أنه لا يوجد طريق إلى السلام. فالسلام نفسه هو الطريق».

من جانبها، دعت الفيلسوفة الملحدة جوليا كريستيفا، التي كانت ضمن أربعة من أقطاب الإلحاد توجه لهم الدعوة للمرة الأولى لحضور الاجتماع، الزعماء لعدم الخشية من نزعة «الأنسنة»، التي تضع الإنسان محورا للقيم والأخلاق مع تغييب الدين، حيث قالت إن الأنسنة المعاصرة «هي في كثير من الأحيان وريثة الأنسنة المسيحية في اللاوعي».

وكان أول اجتماع في أسيزي قد نظمه البابا يوحنا بولس الثاني عام 1986، وسيجدد المشاركون الرئيسيون في نهاية الاجتماع الراهن الالتزام بالسلام في الساحة خارج كنيسة القديس فرانسيس. وستقدم شعلة متوهجة إلى الوفود في خطوة رمزية على أمل أن يحملوا معهم رسالة السلام إلى التابعين لهم عقائديا.