تونس: الهاشمي الحامدي يعلن سحب قوائم «العريضة الشعبية» بعد إلغاء فوزها في 6 دوائر

عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لـ «الشرق الأوسط»: قرار الإلغاء راجع لخرق شروط تمويل الحملة الانتخابية

الهاشمي الحامدي (أ.ف.ب)
TT

أعلن محمد الهاشمي الحامدي، زعيم قوائم «العريضة الشعبية» التي فازت بـ19 مقعدا في انتخابات المجلس التأسيسي التونسي، سحب قوائمه التي فازت، وذلك بعد إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلغاء فوز قوائم «العريضة الشعبية» في 6 دوائر انتخابية، خصوصا بسبب مخالفات مالية.

كانت «العريضة الشعبية» ستحل ثالثة في الانتخابات لو احتسبت نتائج قوائمها الملغاة (6 مقاعد)، خلف النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وقبل التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات.

وقال الحامدي في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية من لندن حيث يقيم: «أنسحب رسميا من هذه العملية السياسية التي أفضت إلى إلغاء أصوات عشرات آلاف التونسيين، خصوصا في سيدي بوزيد، الولاية التي فجرت الثورة التونسية».

وحلت «العريضة الشعبية» في المرتبة الأولى في دائرة سيدي بوزيد، وحصلت على 3 مقاعد متقدمة على حزب النهضة. يُذكر أن سيدي بوزيد هي مسقط رأس الحامدي، الذي أضاف أنه «لم يعد هناك أي معنى لمشاركة (العريضة الشعبية)، ولن نقدم أي طعون، وننسحب من المجلس التأسيسي، وأي عضو من العريضة يبقى فيه لا يمثلنا»، منددا بـ«الحملة الشرسة والتعتيم التام على (العريضة) خلال الحملة الانتخابية» في تونس.

وتابع الحامدي: «إذا أرادوا نعتنا بالشياطين والتجمعيين (أنصار حزب زين العابدين بن علي)، فليكن. نحن نترك لهم الساحة وليأخذوا أصواتنا ويتقاسموها كما يحلو لهم». وقال: «لقد تم استبعادنا ظلما في سيدي بوزيد والقصرين؛ حيث صوت 70% من الناس لنا».

وحققت «العريضة الشعبية» أفضل نتائجها (3 مقاعد) في سيدي بوزيد؛ حيث أدى الإعلان عن إلغاء فوز عدد من قوائمها إلى أعمال عنف احتجاجية مساء أول من أمس.

كان الحامدي قد وعد خلال حملته الانتخابية عبر قناته «المستقلة» التي تبث من لندن، بالمجانية التامة للعلاج وبمنحة بقيمة 200 دينار (100 يورو) لكل عاطل عن العمل. كما تعهد بضخ ملياري دينار (نحو مليار يورو) في ميزانية الدولة.

ووصف قيادي يساري «المفاجأة» الانتخابية التي حققها الحامدي بأنها «سطو انتخابي».

واستقبل إعلان رئيس الهيئة العليا للانتخابات كمال الجندوبي إلغاء قوائم «العريضة الشعبية» بعاصفة من التصفيق في المؤتمر الصحافي، الذي أعلنت خلاله نتائج الانتخابات.

إلى ذلك، أكد عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، المسؤول عن التونسيين المقيمين بالخارج، رضا ترخاني، لـ«الشرق الأوسط»، أن القرار الذي اتخذته الهيئة بإسقاط قوائم «العريضة الشعبية» يقوم على أساس الفصل 70 من المرسوم الانتخابي، الذي يعطي الهيئة صلاحية إسقاط أي قائمة يثبت بالدليل القاطع أنها لم تحترم مقتضيات الفصل 52 من المرسوم المذكور والمنظم لشروط تمويل الحملة الانتخابية.

وأوضح ترخاني أن الهيئة تمتلك الوثائق التي تثبت أن القوائم المذكورة تحصل أصحابها على تمويل من خواص ليس عموميا ولا ذاتيا، وفاقت السقف القانوني المسموح به، وهو ما جعلها تتخذ قرارا بإسقاط 6 منها. كما أوضح أنه ثبتت لدى الهيئة تجاوزات كثيرة تتعلق بقوائم أخرى، غير أنه لم يتم التصريح بإسقاطها لأنها لم تفز من الأساس بأي مقاعد، رافضا الكشف عنها.

وبيَّن ترخاني أن رؤساء القوائم التي تم إسقاطها من حقهم التوجه إلى المحكمة الإدارية للطعن في قرار الهيئة باعتبار القضاء هو الجهة الوحيدة المؤهلة للبت نهائيا في هذا الموضوع. ونشير إلى أن القرار الذي ستصدره المحكمة الإدارية سيكون نهائيا وغير قابل للطعن.

وحددت الهيئة العليا للانتخابات آجال الطعون بـ5 أيام (يومين لتقديمها و3 للرد عليها).

وقال ترخاني إنه على المتظاهرين في سيدي بوزيد وبقية المناطق التي احتجت على إسقاط قوائم «العريضة الشعبية» انتظار قرار القضاء، مؤكدا أن الهيئة العليا كانت محايدة ومستقلة في قرارها.

وحول إعلان رئيس «العريضة الشعبية» الانسحاب من المجلس التأسيسي، قال ترخاني لـ«الشرق الأوسط» إن قراره لا يعتبر ملزما من الناحية القانونية لرؤساء القوائم الفائزة عن مختلف الجهات. وأضاف أن الحامدي من خلال إعلانه الانسحاب تصرف وكأنه رئيس حزب، لكن نظام عمل القوائم يختلف عن عمل الأحزاب قانونيا، وهذا ما يعطي لرؤساء القوائم التي بقيت في المجلس الحرية في أن تحافظ على مقاعدها تماشيا مع إرادة منتخبيها.

في سياق ذلك، أفاد القاضي بالمحكمة الإدارية، رياض الرقيق، بأنه تم إلى غاية أول من أمس تقديم 9 طعون في النتائج الأولية لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي، ملاحظا أن هذا العدد مؤهل للارتفاع، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال: إن إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الطعون هو إجراء شكلي؛ إذ إن المحكمة الإدارية هي التي تنظر في هذه الطعون وتصدر أحكامها التي تتولى الهيئة على أساسها إعلان النتائج النهائية لانتخابات المجلس التأسيسي.

اضطرابات في سيدي بوزيد احتجاجا على إلغاء فوز 6 قوائم لـ«العريضة الشعبية»