«البلطجية» و«الفلول».. عاملان يهددان بفشل الانتخابات البرلمانية في مصر

قبل 30 يوما على انطلاقها

TT

30 يوما فقط تفصل المصريين عن إجراء أول انتخابات برلمانية بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق، حسني مبارك، وحزبه الذي هيمن على الحياة السياسية طوال السنوات الـ30 الأخيرة. وبينما تعلق القوى السياسية آمالها على أن تضع هذه الانتخابات البلاد على بداية مسار الديمقراطية، يخشى كثيرون من إجراء الانتخابات في ظل حالة الانفلات الأمني التي تشهدها البلاد، بالإضافة لتأهب قيادات سابقة في حزب مبارك التنافس في الانتخابات المقرر إجراؤها نهاية الشهر المقبل.

ومنذ يوم 28 يناير الماضي انهار جهاز الشرطة الذي اعتمد عليه نظام مبارك في مواجهة خصومه السياسيين، وسط اتهامات القوى السياسية بضلوع قيادات شرطية في بقاء حالة الانفلات الأمني، وشيوع ظاهرة البلطجة في الشارع المصري.

وكانت القوى المعارضة لنظام مبارك تتهم الشرطة المصرية ومرشحي الحزب الوطني (المنحل) بالاستعانة بـ«البلطجية» خلال انتخابات البرلمان. وفي أعقاب الثورة المصرية استضافت فضائيات مصرية خاصة عددا من «مسجلي الخطر» الذين قالوا إن ضباط شرطة كانوا يستعينون بهم خلال الانتخابات، لإفساد عمليات الاقتراع في الدوائر التي يوجد بها منافسون أقوياء لمرشحي حزب مبارك.

واعتاد المصريون سقوط قتلى خلال الانتخابات البرلمانية، ويقول مراقبون إن الاستقطاب العائلي والقبلي والجهوي، وراء انتشار ظاهرة العنف في الانتخابات، وهو الأمر الذي دعا القوى السياسية للمطالبة بإجراء انتخابات البرلمان بنظام القائمة الحزبية المغلقة، قائلين إن هذا النظام يسمح بالقضاء على ظاهرة العنف في الانتخابات.

لكن قانون انتخابات البرلمان الذي أصدره المجلس العسكري، الحاكم في البلاد، نص على أن تجرى الانتخابات بالجمع بين النظام الفردي الذي يمثل ثلث مقاعد البرلمان، ونظام القائمة الذي يمثل ثلثي المقاعد.

وعلى الرغم من مشاركة القوى السياسية في الانتخابات المقبلة تقول قياداتها إن هذا النظام المختلط يسمح لمن يسمونهم بـ«فلول الحزب الوطني (المنحل)» بالمنافسة على مقاعد البرلمان مستغلين العصبيات العائلية والقبلية والمال السياسي، وهو ما ينذر باستخدام «البلطجية» مرة أخرى. وطالبت القوى السياسية بإصدار مرسوم بقانون للعزل السياسي يحرم قيادات وكوادر حزب مبارك الذي قضت محكمة مصرية بحله لإفساده الحياة السياسية في البلاد، من العمل السياسي لعامين. وكان المجلس العسكري قد وعد عددا من رؤساء الأحزاب المصرية بإصدار المرسوم، لكن الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، قال على صفحته الخاصة على الموقع الاجتماعي «فيس بوك»، قبل يومين، إن العزل السياسي في يد الناخب المصري، مما قد يشير إلى التراجع عن إصدار القانون.

وكانت قيادات وكوادر من الحزب الوطني (المنحل) قد هددت، في وقت سابق، بأن تشعل صعيد مصر إذا أصدر المجلس العسكري قانون العزل السياسي. وتأهبت تلك القيادات لخوض المنافسة على المقاعد الفردية، كما نجح عدد منهم في تأسيس أحزاب سياسية تخوض المنافسة من خلال القوائم الحزبية، وسط خشية القوى السياسية من عودة قيادات النظام السابق إلى البرلمان مرة أخرى.

وبينما قال أحد قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة في تصريحات صحافية إن الدولة ستضرب بيد من حديد كل من يحاول عرقلة العملية الانتخابية والتأثير على سيرها بصورة آمنة، أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن عددا من «البلطجية» المشهورين في المناطق الشعبية بالقاهرة حصلوا بالفعل على مبالغ مالية تصل إلى 5 آلاف جنيه (نحو ألف دولار) لكل منهم كمقدم لمعاونة مرشحين محسوبين على نظام مبارك في معركتهم الانتخابية.

وأشارت المصادر إلى أن المقابل المادي لـ«البلطجية» وصل إلى نحو 30 ألف جنيه لكل مجموعة منظمة، بالإضافة إلى السيدات اللاتي يستخدمن في الاعتداء على الناخبات أمام اللجان الانتخابية للضغط عليهن للتصويت لصالح مرشح بعينه.