مواكب الوزراء والمسؤولين تغادر الشوارع المصرية

شلت حركة المرور وشبهها المصريون بـ«الزفة الكدابة»

TT

«وسع يا ابني الموكب جي، استنالك مليون ساعة، وارم مشاغلك ع الشماعة، واسمع ميت نشرة في إذاعة، وانت وراك إيه يعني يا خي».. بهذه الصورة الشعرية الساخرة جسد الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم الوضع الذي كانت عليه الشوارع المصرية في عهد النظام السابق، حيث اعتاد المواطن المصري على الانتظار بالساعات في إشارات المرور وقت عبور مواكب أحد مسؤولي الدولة، ما كان يتسبب في وجود حالة من الاختناق المروري، لا يملك المواطن العادي إزاءها سوى أن يكتم غيظه، وربما يكيل في نفسه سيلا من الشتائم لهؤلاء المسؤولين.

وكعادتهم، وحتى لا تتعطل مصالحهم وأعمالهم بسببها، لجأ الكثير من المصريين إلى مجموعة من الحيل للهروب من مصيدة المواكب على الطرق الرئيسية الممهدة، بعد أن أصبحت وكأنها ملك للمسؤولين. من هذه الحيل المكلفة الاستيقاظ مبكرا، ومحاولة الذهاب إلى العمل قبل ساعة على الأقل من توقيت مرور المواكب، أو سلوك شوارع فرعية أخرى أكثر طولا ووعورة، لتفادي محنة الانتظار بالساعات.

لكن وضعية هذه المواكب وما يصاحبها من طقوس أمنية تغيرت كثيرا بعد قيام ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، ولم تعد بالشكل الذي اعتاد الناس علي رؤيته يوميا، فأصبح المسؤول يمر في الشوارع والميادين، وكأنه رجل عادي لا تغلق الشوارع والميادين والإشارات بمناسبة عبوره. ترافق هذا مع أوامر أصدرها وزير الداخلية اللواء منصور العيسوي بإلغاء مواكب الوزراء وتخفيض الحراسات الخاصة على الوزراء بعد الثورة بشكل يكاد يكون أقرب إلى إلغائها.

فقبل الثورة، وكما يقول أحد سائقي التاكسي، كان «شارع صلاح سالم الذي كان يعطله مبارك، وكوبري 6 أكتوبر، وطريق المحور الذي يسكن به رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف، وشارع قصر العيني حيث مقر مجلس الوزراء ومجلسي الشعب الشورى وبعض المباني الحكومية.. مناطق حساسة وشائكة، يجب تفاديها إن أمكن أو التعامل معها بحذر».. ويوضح السائق ويدعى صالح التوني أنه عانى كثيرا جراء هذه المواكب، مشيرا إلى أن المسؤولين كانوا يبالغون في الحراسات والمواكب، لافتا إلى أن هذه «زفة كدابة»، فالعدد الكبير من الحراسات كان يوضع لعدم ثقة المسؤولين في الشعب وخوفهم منه، وذلك بسبب ظلمهم.

وقبل عدة أيام شوهد المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إشارة مرور تقف سيارته بجانب الناس، كما كان قبل أسابيع يسير في منطقة وسط البلد بالقاهرة المشهورة بزحامها وسط الناس.

وتعجب أشرف مليجي، طالب جامعي، من الوضع الذي كان عليه المسؤولون وقت سيرهم في الشوارع، قائلا: «هما يعني كانوا ذي ما تقول مستكبرين يمشوا في الشوارع مثل الناس، وكأن لا أحد غيرهم مهم في البلد ووراه حاجات».

أضاف مليجي، الانتظار بالساعات شيء سيئ جدا وأمر مستفز، بخلاف التعطيل عن أشياء مصيرية كالامتحانات التي قد تتزامن مع بداية اليوم، ومرور مواكب المسؤولين.. ودون جدوى تسأل «لماذا ينتظر كل هؤلاء لعبور شخص واحد وحراسته التي لا تتعدى بضعة أفراد؟».

وتابع مليجي: «بعد ثورة 25 يناير الوضع اختلف لم نعد نرى المواكب والأمن المنتشر في الشوارع، كما أن المسؤول أصبح لا يراه الشعب.. الآن أصبحت الأمور طبيعية».

واشتهرت الكثير من الحوادث التي تسببت فيها حراسات مواكب المسؤولين من بينها إصرار أحد الطلاب على عدم تغيير مكان وقوف سيارته بالشارع، تحت دعوى أنها تعترض موكب أحد رؤساء مجلس الشعب السابقين، فكان مصيره الإيداع بمستشفى الأمراض العقلية، والخبر نشر كالتالي «طالب جامعي اعترض بسيارته وعطل السير، وحين طلبوا منه إفساح الطريق أمام الموكب قال: أنا واقف في شارع الحكومة، فشلوا في إقناعه بالانصراف فألقوا القبض عليه وأحالوه إلى قسم شرطة قصر النيل».