التحالف الوطني يناقش أزمة «التمرد السني».. والصدر يدعو تكريت للتراجع عن الفيدرالية

القائمة العراقية تحمل المالكي وسياساته مسؤولية إعلان صلاح الدين إقليما فيدراليا

TT

لم يدر بخلد أحد أن تكون محافظة صلاح الدين، ومركزها تكريت، التي كانت ثاني محافظة عراقية بعد محافظة الأنبار وغالبية كبيرة من سكان نينوى في إعلان رفضها الاستفتاء بـ«نعم» على الدستور العراقي عام 2005 بسبب تضمنه مواد تهدد من وجهة نظرها بتقسيم العراق مثل الفيدرالية أن تكون هي المحافظة الأولى التي يصوت ممثلوها المحليون على إعلانها إقليما فيدراليا «إداريا واقتصاديا» طبقا للدستور ذاته الذي لم يجر الاتفاق بعدُ على تعديل أي مادة من مواده.

لكن القيادي البارز في الحزب الإسلامي وتحالف الوسط المنضوي حاليا ضمن القائمة العراقية، الدكتور سليم الجبوري، أبلغ «الشرق الأوسط» أنه «بصرف النظر عن الحديث عن قناعة أهالي هذه المحافظة أو تلك بالدستور فإن ما يجري الاحتكام إليه الآن هو هذا الدستور الذي يتيح لأبناء المحافظات إعلانها إقليما فيدراليا في حال تمت الإجراءات الخاصة بذلك وفقا لمواد الدستور»، مشيرا إلى «أننا سواء في الكتلة العراقية أو تحالف الوسط لا نملك في هذه الحالة سوى احترام إرادة أهالي محافظة صلاح الدين الذين صوتوا بملء إرادتهم على تحويل محافظتهم إقليما إداريا ونحن نعتبر أن الإقليم الإداري هو أهون الشرور ما دام الأمر اتخذ أيضا تحت ضغط الظروف التي عاناها أبناء هذه المناطق، ومنها الإجراءات الأخيرة التي اتخذت بحقهم، سواء على مستوى إجراءات الاجتثاث التي لم تستند على أسس صحيحة أو الاعتقالات العشوائية»، معتبرا أن «ما جرى في صلاح الدين سوف يحفز محافظات أخرى بأن تحذو حذو صلاح الدين، وذلك كله يعود إلى سلسلة الأخطاء التي وقعت فيها الحكومة على صعيد العلاقة بين المركز والمحافظات وعدم تفعيل الإدارة اللامركزية والإحساس بالإقصاء والتهميش».

كان التحالف الوطني العراقي قد عقد في ساعة متأخرة من مساء الخميس اجتماعا في منزل رئيس الوزراء نوري المالكي بعد ساعات من تصويت مجلس محافظة صلاح الدين على إعلان المحافظة إقليما فيدراليا. وبينما ناقش التحالف أزمة أول «تمرد سني» واضح المعالم سواء برفض إجراءات الاجتثاث التي قامت بها وزارة التعليم العالي بحق أساتذة في محافظتي صلاح الدين والموصل أو الاعتقالات الأخيرة للبعثيين وضباط الجيش السابق فإنه أصدر بيانا أعلن فيه دعمه للإجراءات التي تقوم بها الحكومة على صعيد تفعيل قانون المساءلة والعدالة أو الاعتقالات. وبينما لم يتطرق البيان إلى إعلان صلاح الدين إقليما فيدراليا، مما يعني أن الإجراءات التي تم اتخاذها لا تزال طي الكتمان بانتظار التطورات، فقد دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أبناء محافظة صلاح الدين إلى التراجع عن قرارهم بإقامة إقليم مستقل بالمحافظة حفاظا على وحدة العراق واستقلاله. وقال مقتدى الصدر في بيان أبناء محافظة صلاح الدين، واطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «إنه ليس من حقي أن أقرر مصيركم، لكن من حقي وحقكم وحق العراق الحبيب أن تحافظوا على وحدته، ومن واجبنا أن نحافظ على وحدته وهيبته أمام الجميع، لا سيما أمام الاحتلال». وأضاف الصدر، بعد أقل من 3 أيام من إعلان دعمه لإجراءات وزير التعليم العالي ومطالبته بمحاربة البعثيين بلا هوادة بوصفهم «أعداء الله والإنسانية» وجل من شملتهم الإجراءات من أهالي صلاح الدين «أهيب بكم ألا تشمتوا العدو بنا، ولنكن صفا واحدا من أجل نصرة العراق وتحريره واستقلاله لتكتب لكم صفحة عز وثبات أمام العدو».

من جهته، حمل نائب رئيس الوزراء والقيادي البارز في القائمة العراقية صالح المطلك رئيس الوزراء نوري المالكي مسؤولية ما حصل في صلاح الدين. وقال المطلك، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «إن القائد العام للقوات المسلحة يتحمل مسؤولية دفع بعض المحافظات العراقية إلى التفكير بإقامة أقاليم وتفتيت البلاد وتحويلها إلى دويلات واهنة، مما يزيد من معاناة الشعب العراقي»، داعيا الكتل السياسية إلى «تحمل مسؤوليتها في هذه المرحلة التاريخية الحرجة التي قد تقود العراق إلى حالة من الفوضى واللااستقرار». وأضاف المطلك أنه «في الوقت الذي نحاول فيه لملمة البيت العراقي وتجاوز الأزمات وجمع الشمل نجد أبناء المحافظات يعانون مشاكل خدمية واقتصادية لحقها في الآونة الأخيرة ترويع وعسكرة وحملات اعتقالات عشوائية، مما دفعهم إلى التفكير بجدية إلى إعلان أقاليم وفيدراليات للتخلص من التهميش وسياسة الحيف الواقعة عليهم».

وجاء أقوى رفض لخطوة مجلس محافظة صلاح الدين من كتلة «العراقية» البيضاء التي أنيطت رئاستها بعضو البرلمان العراقي عن صلاح الدين، قتيبة الجبوري، بدلا من حسن العلوي؛ حيث وصف بيان للكتلة، أمس، اليوم الذي أعلن فيه مجلس محافظة صلاح الدين المحافظة إقليما فيدراليا بأنه «يوم أسود» في تاريخ العراق، مطالبا المالكي بعقد اجتماع عاجل مع مجلس المحافظة لمناقشة مطالبهم، بينما طالب بضرورة التراجع كي لا تكون صلاح الدين هي الشرارة التي تنطلق منها عملية تقسيم العراق على حد وصف البيان.