لبنان: المحكمة الدولية تنتظر استحقاق التجديد بعد معركة «التمويل»

المعارضة تتخوف من سيناريو يعده حزب الله لتهديد مصيرها * القادري لـ «الشرق الأوسط»: ميقاتي شريك أساسي في التآمر عليها وضرب مسار العدالة

TT

يحجب الغبار الذي يثيره السجال الداخلي اللبناني حول موضوع «تمويل» المحكمة الخاصة بلبنان التي ستبدأ النظر في جريمة اغتيال الرئيس الأسبق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري ورفاقه، عن رؤية موضوع يبدو أكثر أهمية من التمويل الذي يلوح فريق الأكثرية داخل الحكومة اللبنانية، وتحديدا حزب الله، بمنعه عبر منع إدخاله في موازنة الدولة العامة لعام 2012، وهو بروتوكول التعاون بين لبنان والأمم المتحدة بشأن المحكمة، والذي ينتهي مطلع العام بعد 3 سنوات من إقراره. البروتوكول الذي أقرته الحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة قبل 3 أعوام ينظم أطر التعاون بين لبنان والمحكمة الدولية، وهو يحتاج إلى تجديد للتمكن من متابعة الإجراءات القضائية التي بدأتها المحكمة بإصدار المدعي العام فيها قراره الاتهامي في الجريمة. وبما أن الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي هي بأكثريتها من حزب الله، والمتحالفين معه، فليس بالإمكان توقع قيامها بإقرار تمويل المحكمة، والأمر الأبعد مدى تجديد بروتوكول التعاون معها.

ورغم أن غالبية المختصين في شأن القانون الدولي يؤكدون أن «وجود المحكمة» في حد ذاته أمر غير قابل للنقاش، وغير قابل للنقض إلا بموافقة 15 دولة في مجلس الأمن الدولي، وهو ما يجزم به النائب في كتلة «المستقبل» المحامي زياد القادري، فإن فريق المعارضة اللبنانية يخشى افتعال أزمة جديدة مع موعد تجديد البروتوكول في فبراير (شباط) المقبل. ويؤكد القادري أن المعارضة تمتلك معلومات عن سعي حزب الله إلى فتح «ممر» في العلاقة مع روسيا والصين من أجل «إثارة الغبار حول المحكمة عند طرح موضوع تجديد بروتوكولها»، مشيرا إلى أن حزب الله زار روسيا لهذه الغاية، وسيزور وفد منه الصين أيضا قريبا للغاية نفسها، مشيرا إلى أن روسيا حرصت خلال وجود وفد حزب الله في موسكو على إيفاد مندوب روسي للقاء الرئيس السنيورة والتصريح من عنده بأن بلاده «تدعم المحكمة»، مشيدا في هذا الإطار بالموقف الروسي المستجد الذي يؤكد «ضرورة تمويل المحكمة لبنانيا وإلا فعلى حكومة ميقاتي الاستقالة»، معتبرا أن هذا الموقف يمكن البناء عليه لدور روسي متوازن في المنطقة. وقال القادري لـ«الشرق الأوسط» إن حزب الله يحاول التمهيد للمرحلة التي ستقول فيها الشرعية اللبنانية، الممثلة في الحكومة الحالية، للمجتمع الدولي ولمجلس الأمن إن هذه المحكمة التي أنشئت من أجل لبنان لم تعد صالحة للاستمرار، مشيرا إلى أن الحزب يراهن على «إقناع روسيا أو الصين بعرقلة الموضوع باعتبارهما دولتين تملكان حق النقض في مجلس الأمن،. ولا يبدو أن أداء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي يؤكد رغبته في تمويل المحكمة، مقنعا بالنسبة لفريق المعارضة، إذ يؤكد النائب القادري أن ميقاتي «وحتى إشعار آخر شريك أساسي في عملية التآمر على المحكمة وضرب مسار العدالة»، ورأى أن ما يحصل هو مجرد «تبادل أدوار حتى يتم تأجيل موضوع التمويل قدر الإمكان، وصولا إلى محاولة ضرب مسار المحكمة». وخلص إلى أن الحكومة «غير مؤهلة ولا تملك الشرعية لأن تبحث في أي أمر يتعلق بمصير المحكمة، وتحديدا البروتوكول»، مبررا ذلك بأن هذه الحكومة «يسيطر حزب الله على قرارها ولديه الأكثرية فيها، وهو في المقابل يتبنى المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس الحريري ويحميهم، وبالتالي فإن من يمسك بزمام هذه الحكومة يعتبر أن المتهمين جزء منه، مما يجعلنا نخلص إلى أن هذه الحكومة غير مؤهلة للتعاطي مع المجتمع الدولي في هذا الموضوع تحديدا».