نظام الأسد يغير تكتيكاته وينفتح على الإعلام الغربي لإيصال وجهة نظره إلى الخارج

المرشد العام السابق لإخوان سوريا لـ«الشرق الأوسط»: تهديدات الأسد جوفاء كتهديدات القذافي

يغلف القلق والخوف حياة الدمشقيين على الرغم من أجواء الهدوء والحياة المستقرة (أ.ب)
TT

على مدى الأيام الماضية لجأ النظام السوري إلى استراتيجية جديدة لإيصال صوته إلى الخارج والدفاع عن نفسه رغم استمرار عمليات القمع والقتل من قبل قوات الأمن السورية، وذلك عبر الانفتاح على وسائل الإعلام الغربية التي كان قد حظر وجودها في البلاد مع اندلاع الانتفاضة السورية في منتصف مارس (آذار) الماضي.

وطوال الأشهر الماضية كانت وكالة الأنباء السورية (سانا) الوسيلة الوحيدة تقريبا التي تنقل من خلالها وجهة نظر دمشق إزاء التطورات في البلاد بالإضافة إلى التلفزيون السوري. ومع اشتداد الضغوط على النظام واحتمالية إعادة الملف السوري مرة ثانية إلى مجلس الأمن، غير النظام تكتيكاته في التواصل مع الغرب لإيصال وجهة نظره. فخلال أسبوع واحد أجرى الرئيس السوري بشار الأسد حوارين مع وسيلتي إعلام غربيتين؛ الأولى مع صحيفة «صنداي تلغراف» البريطانية، والذي نشر أمس، والثاني مع قناة «روسيا الأولى» الذي كان من المقرر بثه في وقت لاحق من مساء أمس. كما أجرت بثينة شعبان، مستشارة الأسد، حوارا مع صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، وفي غضون ذلك سمح للصحافية الأميركية ليز سلاي التي تعمل لصالح صحيفة «واشنطن بوست» بالتجول، بمراقبة رجال الأمن، في أنحاء دمشق لنقل المزاج العام في العاصمة السورية في ظل التطورات التي تشهدها مدن أخرى.

وخلال تلك اللقاءات الصحافية حاول المسؤولون السوريون نقل صورة واحدة وهي أن المنطقة ستنهار في حال انهيار نظام الأسد، وحذر الرئيس السوري أمس من أن القوى الغربية تخاطر بالتسبب في «زلزال» سيحرق الشرق الأوسط في حال تدخلت في سوريا، وأكد الأسد في حواره مع صحيفة «صنداي تلغراف» أن البلدان الغربية «ستزيد الضغط دون شك»، لكنه شدد على أن «سوريا مختلفة من جميع الجوانب عن مصر وتونس واليمن، التاريخ مختلف، السياسة مختلفة». وأضاف أن «أي مشكلة في سوريا ستحرق المنطقة بالكامل وأنه في حال تقسيم سوريا، فإن ذلك سيعني تقسيم المنطقة بأسرها»، على حد قوله.

وشكر الأسد في حديثه للقناة الأولى الروسية موسكو نظرا لقيامها بحماية دولته من فرض عقوبات دولية عليها نتيجة للقمع الذي يمارسه على المظاهرات. وأشاد الأسد باستخدام روسيا لحق النقض في الاعتراض على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بخصوص سوريا. وأضاف أن سوريا تعول على الدعم المتواصل الذي تقدمه موسكو.

وعلى نفس النهج، شددت بثينة شعبان في مقابلتها مع «الإندبندنت» البريطانية التي نشرت الجمعة الماضي على أن «الجيش السوري يتعرض لهجمات في مختلف أنحاء البلاد، وأن الوضع الأمني في حمص مريع»، مشيرة إلى أنها «لم تتمكن من زيارة قبر والدتها بمناسبة مرور عامين على وفاتها خوفا من تعرضها للقتل في حمص». كما قالت إن «أعمال العنف هذه هي أخطر ما يحدث الآن في سوريا»، معتبرة أن «هذا العنف لا يمكن أن يكون مقدمة للديمقراطية».

ومن جانبه، علق علي صدر الدين البيانوني (أبو أنس) القيادي في جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، على لجوء الأسد للإعلام الغربي بقوله، إن النظام السوري يعتقد أن سنده الأساسي في الماضي والحاضر في الغرب، رغم أن هناك انتقادات من العواصم الغربية للانتهاكات اليومية للنظام في الشارع السوري، إلا أنه وصفها بأنها «حملات لا ترقى إلى درجة الجرائم التي ترتكب في المدن السورية يوميا».

ووصف البيانوني المرشد العام السابق لإخوان سوريا تهديدات الأسد بأنها «جوفاء» مثل تهديدات القذافي. وقال «إن النظام وصل إلى مرحلة ضعف قبل الانهيار الشامل في مؤسسات الدولة». وأشار إلى أن «تحول مفتي سوريا أحمد حسون إلى رجل سياسي يهدد بعمليات انتحارية يكشف عن مدى ضعف الدولة في مواجهة الانتفاضة الشعبية المندلعة قبل ثمانية شهور». وقال إن المجتمع الدولي مُلزم بحماية المدنيين داخل سوريا بكافة الوسائل الممكنة، بغض النظر عن هذه الوسائل، وعليه أن يتفق مع المجلس الوطني السوري حول ماهيتها وخارطة تطبيقها. وقال إن «النظام السوري لم تتغير أساليبه منذ حماه عام 1982 حتى حماه 2011، فهو لا يزال يستفز المتظاهرين والشعب السوري ليجره إلى حرب أهلية طائفية، لكنه لم ينجح في ذلك ولن ينجح بإذن الله».

من جهته، علق رامي عبد الرحمن، رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» على لجوء النظام السوري للدفاع عن نفسه إلى وسائل الإعلام الغربية بالقول إن «نظام الأسد يعرف تماما من التجربة الليبية أن المجتمع الغربي هو الذي لديه نقاط قوة يمكن أن تنقل سوريا إلى المجتمع الديمقراطي»، إلا أن عبد الرحمن أعرب عن قناعته الشخصية بأن «خادم الحرمين الشريفين هو الشخص المؤثر في الشارع السوري أكثر من أي زعيم عربي آخر، لما له من محبة وتقدير في شرائح الشعب السوري، وأيضا لما له من نقاط تأثير لدى النظام الحاكم في دمشق».

وعن تهديدات الأسد للقوى الغربية، لأنها ستتسبب في «زلزال» يحرق الشرق الأوسط إذا تدخلت في سوريا، وذلك بعد أن دعا محتجون إلى توفير حماية خارجية من حملة قتل فيها 3 آلاف شخصن، قال عبد الرحمن إن «هناك مناطق كثيرة من أنحاء سوريا لا تخضع للنظام ليلا، ويسيطر عليها الشعب وتمتد من لواء الإسكندرون حتى درعا باستثناء دمشق، أما ريف دمشق وريف حمص وحماه تخرج عن سيطرة النظام ليلا». وتساءل قائلا «إن كان النظام الحاكم في سوريا لا يسيطر على أنحاء البلاد ليلا، فكيف سيخلق مشاكل في الدول الأخرى؟ إلا إذا كان هناك نية اللجوء إلى إيران وحزب الله لخلق مشاكل للدول الأخرى».