السوريون المعارضون يحورون شعارات «البعث» لصالح إسقاط النظام

الطلاب يستغلون أوقات ترديدها بداية الدروس لإطلاق شعاراتهم.. والأمن يقتحم المدارس

TT

ردد المتظاهرون السوريون المناهضون لنظام بشار الأسد في مدينة بصرى الحرير التابعة لمحافظة درعا، شعارات حزب البعث العربي الاشتراكي، لكنهم استبدلوا مفرداتها، جاعلين شعار إسقاط النظام السوري بدلا عن شعار الوحدة والحرية والاشتراكية الذي يردده البعثيون عادة. حدث هذا في جمعة «الحظر الجوي»، حين سأل عريف المظاهرة المطالبة بالحرية، الجموع المتجمهرة في ساحة المدينة «ما هي أهدافنا؟»، فأجابوه بصوت واحد «إسقاط النظام».

يتكرر هذا الأمر في العديد من المظاهرات التي تخرج في سوريا وتطالب برحيل نظام بشار الأسد، حيث يسعى المتظاهرون عبر هتافاتهم إلى تسخير جميع رموز ومفردات مرحلة حكم الأسد، لصالح ثورتهم المطالبة برحيله، بما فيها شعارات «البعث». وقد كتب أحد الناشطين المعارضين في صفحته على «فيس بوك» بأسلوب ساخر «نعم، أهدافنا حسب شعارات البعث وحدة وحرية واشتراكية، الوحدة بحيث يتوحد جميع السوريين لإسقاط بشار الأسد، والحرية ننالها بعد سقوطه، والاشتراكية نستعيد عبرها حقوقنا من ثروات البلد التي نهبها أقاربه».

ويشير أحد الناشطين في محافظة ريف دمشق إلى أن العديد من مدارس المدينة يستغل طلابها كل يوم فرصة ترديد شعار حزب البعث في الفترة الصباحية، وهو أمر روتيني في جميع مدارس سوريا، كي يرددوا شعارات الثورة السورية، لا سيما «الشعب يريد إسقاط النظام». ويلفت الناشط المعارض إلى أن «قوات الأمن اقتحمت العديد من المدارس في مناطق مختلفة من المحافظة، بعد أن قام التلاميذ بترديد هتافات مناقضة لشعار (البعث)»، بحيث يعمد مديرو المدارس وأطقمها التدريسية وفقا للناشط «إلى الاتصال بأجهزة الأمن لحظة قيام التلاميذ بالهتاف، فتقوم عناصر الأمن باقتحام المدرسة واعتقال الطلاب، وأحيانا يقومون بتعذيبهم وإهانتهم في ساحة المدرسة، وهذا ما حدث في إحدى المدارس حيث أمر عناصر الأمن الطلاب الذين رددوا هتافات تطالب بالحرية بالتمدد على الأرض وراحوا يدوسون عليهم ويضربونهم بالعصي».

وقد تأسس حرب البعث العربي الاشتراكي في دمشق، بتاريخ 7 أبريل (نيسان) 1947، تحت شعار أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، وسعى إلى تحقيق أهدافه «وحدة.. حرية.. اشتراكية». ووفقا لمنظريه الذين يعد أبرزهم ميشيل عفلق وذكي الارسوذي، فإن هذه الأهداف تجسد الوحدة العربية والتحرر من الاستعمار والإمبريالية وإقامة النظام الاشتراكي العربي.

ويحكم حزب البعث سوريا منذ ثورة الثامن من مارس (آذار) في عام 1963 حتى الآن، وكان الحزب الحاكم للعراق منذ 17 يوليو (تموز) 1968 حتى سقوط نظام صدام بتاريخ 9 أبريل 2003 في أيدي قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة. ويوصف حزب البعث على أنه مزيج من الاشتراكية، والقومية العربية، ويتبنى المبدأ السياسي، ويعمل أيضا على أساس الانقلاب الشعبي ضد الحاكم الظالم أو العميل أو من يواكب الاستعمار. وقد اصطدمت هويته الوطنية والقومية مع الحكومات العربية المختلفة في أماكن وجود الحزب. ويرفع الحزب شعار «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة»، أما أهدافه فهي «وحدة، حرية، اشتراكية» كما ذكرنا. وترمز «الوحدة» إلى اتحاد الأقطار العربية، و«الحرية» إلى التحرر من القيود الأوروبية وتحرير الأقطار العربية منها، فيما يهدف تحقيق الاشتراكية إلى تأمين المساواة الاقتصادية بين المواطنين.

وفي الوقت الذي ترى فيه بعض الآراء أن الانتفاضة المندلعة في جميع أنحاء سوريا منذ 15 مارس الماضي، تهدف لإسقاط نظام حزب البعث الذي حكم البلاد أكثر من أربعين عاما، تجد آراء أخرى ترى أن هذه الانتفاضة تهدف إلى إسقاط عائلة الأسد ودوائر النفوذ الأمنية والاقتصادية التي تدور في فلكها، وتقول إن عائلة الأسد (حسب هذه الآراء) حورت حزب البعث من معناه وحولته إلى ستار تمارس من وراء شعاراته التسلط والطغيان على الشعب السوري.

وكانت بداية الانتفاضة السورية قد شهدت استقالات جماعية لقياديين وأفراد ينتمون إلى حرب البعث العربي الاشتراكي احتجاجا على ممارسات الأجهزة الأمنية بحق المتظاهرين السلميين المطالبين بالحرية. وتركزت هذه الاستقالات في درعا ودير الزور وبعض مناطق ريف حمص. إلا أن أجهزة الأمن سارعت إلى اعتقال أعداد كبيرة من المستقيلين، وأجبرتهم على سحب استقالاتهم وإعلان ولائهم للنظام الحاكم.