الكشف عن نهب كنز «بنغازي» الأثري

وصفها الخبراء بأنها أكبر السرقات الأثرية في التاريخ

TT

في واحدة من أكبر السرقات الأثرية في التاريخ، داهمت عصابة من اللصوص الليبية مجموعة لا تقدر بثمن من القطع النقدية الذهبية والفضية والبرونزية التي يعتقد أنها تعود إلى العصور القديمة، المعروفة باسم كنز بنغازي.

وحسب تقرير لصحيفة «ذي صنداي تايمز» البريطانية، نشر أمس، فإن الكثير من المواد في المجموعة يعود تاريخها إلى أيام الإسكندر الكبير. وقد وصفت بأنها أكبر عملية سرقة للآثار التاريخية؛ فقد اختفت مجموعة تتكون من 7700 قطعة نقد ذهبية وفضية وبرونزية من العهد القديم، وقد أطلق عليها وصف «كنز بنغازي»، بعد أن قامت عصابة بحفر السقف الخراساني لخزانة تحت الأرض. وقامت عصابة بتحطيم الخزانة المعدنية القوية في البنك التجاري الوطني في بنغازي، كما حطمت الأختام الشمعية على الصناديق الخشبية التي تضم المجموعة.

ووصف أحد الخبراء تلك المجموعة الأسبوع الماضي بأنها «إحدى أكبر عمليات السرقة في تاريخ الآثار التاريخية»، حيث يعود الكثير منها إلى أيام الإسكندر الكبير. ولا يمكن تقييم تلك المجموعة، إلا أن قطعة نقد يونانية قديمة واحدة من قرطاج بيعت هذا الشهر بسعر قياسي بلغ 268 ألف جنيه إسترليني في أحد المزادات في باريس. وركزت العصابة على الكنوز الأثرية، وتركت ما هو أقل ثمنا دون أن يلمسوه.

وأشار التقرير إلى أنه من المحتمل أن تكون العملية داخلية؛ إذ يبدو أن عملية السرقة قام بها أناس يعرفون الذي يبحثون عنه. ووقعت الإغارة في بنغازي بعد مهاجمة البنك لغايات السرقة مباشرة. وفي البدء كان يعتقد أنها جزء من الانتفاضة ضد القذافي، إلا أنه من الممكن أن تكون مرتبطة بسرقة منظمة تنظيما جيدا وقعت في مايو (أيار) الماضي. وبالإضافة إلى النقود، فإن عملية سرقة الآثار اشتملت على مجوهرات وميداليات وأساور وخلاخل وقلادات وأقراط وخواتم وشارات مذهبة. وتبين أيضا فقدان نحو 50 قطعة من الآثار والتماثيل البرونزية والزجاج والعاج، إضافة إلى مجموعة من الأحجار الكريمة الصغيرة.

وقال حافظ ويلداه، عالم الآثار الليبي في كلية الملك بلندن، إن العملية تحمل سمات السرقة المهنية «وقد تكون عملية داخلية. ويبدو أن الذين قاموا بها أناس يعرفون ما كانوا وراءه». وظل التكتم على عملية السرقة حتى الآن. وقد أثار الموضوع لأول مرة وزير الآثار الليبي الجديد، فاضل علي محمد، مع منظمة اليونيسكو في يوليو (تموز).

وصرح خالد محمد الهدار، أستاذ الآثار في جامعة بنغازي، بأن نقودا ذهبية إسلامية ويونانية ظهرت أخيرا للبيع في سوق الذهب في بنغازي.

وقالت إحدى الصحف المصرية إن مزارعا حاول تهريب 503 قطع نقد ذهبية وتمثال ذهبي بطول ثلاث بوصات من ليبيا عبر مدينة الإسكندرية المصرية، مما أثار التكهنات بأن ما لديه كان جزءا من الكنز. وقد أبلغت إدارة الإنتربول، إلا أن المتابعة تضاءلت، ويخشى علماء الآثار من صعوبة إعادة تلك المواد، في حال خروجها من البلاد.

ووصفت سيرينيلا إنسولا، عالمة الآثار الإيطالية في جامعة نابولي الثانية المتخصصة في الآثار الليبية، عملية السرقة بأنها «خسارة كبيرة للغاية لتراث من الآثار على مستوى عالمي».

وقد وزعت البيانات المتعلقة بالمواد المفقودة على سلطات الجمارك والشرطة في أنحاء العالم. كما وزعت هيئة «اليونيسكو» قوائم بالآثار، وطالبت بيوت المزادات والتجار وجامعي الآثار بأن ينتبهوا لأي إشارة تدل على المجموعة.

وقد جمع معظم قطع الكنوز في بنغازي ما بين عامي 1917 و1922 من معبد آرتيمس، آلهة الصيد، في القيروان، التي كانت مستعمرة يونانية قديمة ومدينة رومانية مهمة، ويطلق عليها اليوم في ليبيا اسم «شاهات». وكانت إحدى المناطق التي أهداها مارك أنطونيو إلى كليوباترا.

وخلال الحرب العالمية الثانية، عرضت مجموعة الكنز في متحف أفريقيا الإيطالية في روما، وأعيدت إلى ليبيا، عام 1961، وأودعت في البنك. وقد سكت بعض النقود الفضية في عام 570 قبل الميلاد. وحمل أحد جوانب النقود ساق نبات السيلفيوم، وهو نبات طبي كان يعتقد في روما القديمة وفي اليونان أنه يشفي من أمراض كثيرة. وكانت تجارة السيلفيوم هي التي نشرت الثروة في القيروان. أما الجانب الآخر من النقود فعليه رأس الإله جوبيتر بلحية وقرون ماشية.