نتنياهو يهدد.. والإسرائيليون يسخرون منه ومن القبة الحديدية «النائمة»

يتبع الطريقة التوراتية: «من قتلك أسرع بقتله»

TT

تورط رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مرتين، أمس، على خلفية التصعيد الأمني في قطاع غزة. وأثار بذلك موجة انتقادات ساخرة في إسرائيل. ولكن هذا لم يغير من تعليماته للجيش بأن «يرد الصاع الصاعين» على الصواريخ الفلسطينية. وراح نتنياهو يقتبس من التوراة آيات تبرر القصف الجوي الشرس، فقال إن سياستنا حيال غزة مبنية على أساسين واضحين، الأساس الأول يتمخض عن مقولة «من ينو قتلك أسرع بقتله»، وكل من يستعد لإطلاق صواريخ على إسرائيل، ولدينا المعلومات عن ذلك، سنستهدفه من أجل إحباط إطلاقها. وهذه هي أوامر دائمة يتم تنفيذها كلما توجد لدينا المعلومات الاستخباراتية المعنية. وأما الأساس الثاني الذي يوجه سياستنا، فهو واضح أيضا وهو: «من يمس بنا يحفر قبره بيده».

وعندما تكلم نتنياهو، أمام جلسة قصيرة لحكومته، كانت الهدنة قد بدأت بين الطرفين. ولكن بعد ثماني ساعات منها، خرقت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي الاتفاق مرة أخرى، وبادرت إلى هجوم جديد، مدعية أنها اكتشفت خلية فلسطينية مسلحة تستعد لإطلاق صاروخ باتجاه البلدات الإسرائيلية، وأقدمت على تصفيتها. وعاد نتنياهو ليتكلم فقال: «لا هدنة مع الإرهاب. فكل من يحاول المساس بمواطني إسرائيل، سنسبقه ونمس به بشكل أقسى». وحمل نتنياهو حركة حماس مسؤولية هذا الإطلاق «ومن المهم التأكيد أن حماس، التي تحكم غزة، هي المسؤولة عن الحفاظ على الهدوء وعلى منع إطلاق النار من غزة، حتى لو كان المنفذون عناصر (الجهاد الإسلامي) أو تنظيم آخر». وواصل نتنياهو تهديداته: «أنصح بألا يجرؤ أحد على اختبار تصميمنا على العمل وفقا للأساسين اللذين وصفتهما. سنمنع كل محاولة لإطلاق الصواريخ على إسرائيل، وسنستهدف كل من نجح رغم ذلك في إطلاقها. لا نلجأ إلى تصريحات نارية ولسنا معنيين بالتصعيد، ولكن سندافع عن أنفسنا وفقا لهذين الأساسين».

وكانت مصادر إسرائيلية قد صادقت على المعلومات القائلة إن مصر ومعها أوساط دولية عدة، عملت على التوصل إلى اتفاق الهدنة بين إسرائيل والجهاد الإسلامي. وتباهت مصادر في الجيش الإسرائيلي بحصيلة القصف المتبادل قائلة: «مقتل مواطن إسرائيلي مدني مقابل مقتل تسعة فلسطينيين - لا يشمل القصف بعد خرق اتفاق التهدئة - بينهم القائد في الجهاد، أحمد الشيخ خليل، فضلا عن الجرحى والخسائر في الممتلكات».

ومع تشييع جثمان موشي عامي، البالغ من العمر 56 عاما والأب لأربعة أولاد، الذي توفي متأثرا بجروحه إثر شظايا قذيفة هاون أطلقت من غزة، عاشت مدن وبلدات الجنوب الإسرائيلي حالة شلل، حيث ألغيت الدراسة في المدارس والكليات الجامعية من بئر السبع وجنوبا. واتصل نتنياهو برؤساء البلديات المتضررة من القصف الصاروخي، معبرا عن تقديره لصمود سكان الجنوب في وجه (الإرهاب) الصادر من غزة. وحذر وزير الدفاع إيهود باراك حركة حماس والجهاد في القطاع، بعدم اختبار قدرات إسرائيل.

وفي ظل التصعيد الأمني في الجنوب، قامت حركة الاحتجاج الشعبية، المطالبة بالعدالة الاجتماعية في إسرائيل، بإلغاء فعالياتها الاحتجاجية في جنوب البلاد، أهمها في بئر السبع، مما أدى إلى حالة إحباط في أجزاء كثيرة من المجتمع الإسرائيلي.

وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد هزأت، أمس، من الجيش ومن نتنياهو أيضا، بسبب أدائهما الفاشل. وجاءت السخرية من الجيش بسبب فشل تشغيل نظام القبة الحديدية، الذي يروج له الجيش لمدة عامين كاملين، ويطلب مئات ملايين الدولارات لتمويل صناعته، ويدعي أنه قادر على اعتراض الصواريخ التي تنطلق من قطاع غزة وتدميرها وهي في الجو قبل أن تصل إلى هدفها في إسرائيل. ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» تقريرا تحت العنوان: «القبة نائمة». وأوضحت أن الجيش سارع إلى نصب بطارية من هذه الصواريخ في مدينة أسدود.. فغمرت السعادة سكان أسدود واعتقدوا أن البطارية سوف تنجح في إسقاط صواريخ الجهاد الإسلامي، إلا أنه سرعان ما سقط صاروخ وقتل إسرائيليا وأصاب آخرين وأحرق بناية دون أن تنبس بطارية القبة الحديدية ببنت شفة، بل إنها لم تحرك ساكنا ولم تطلق حتى صافرة إنذار. وقدر أحد كبار الضباط بأن البطارية لم تؤد الوظيفة المطلوبة منها.

أما السخرية من نتنياهو، فقد جاءت على خلفية الادعاء بأن الجيش الإسرائيلي قتل أمس، أفراد مجموعة من الجهاد الإسلامي كانت قد أطلقت صواريخ على إسرائيل قبل ثلاثة أيام. ولكن الناطق بلسان الجيش قال إن المجموعة التي قتلت أمس تابعة للجبهة الديمقراطية. فراحوا يتساءلون عن مصدر معلوماته العسكرية. كما سخروا منه على اقتباسه من التوراة، مذكرين إياه بأن «في إسرائيل قوانين وأنظمة تسيرها وفي الجيش الإسرائيلي خطط حربية مدروسة وليست التوراة».