اتهامات رئيس حكومة العراق للشركاء السياسيين بالتآمر تلقي بظلالها على أوضاع ما قبل الانسحاب الأميركي

قيادي بعثي لـ«الشرق الأوسط»: لا نحتاج لتدبير انقلاب وهذه فبركة لتبرير الاعتقالات

TT

اعتبر خضير المرشدي، الممثل الرسمي لحزب البعث العراقي «اتهامات نوري المالكي، رئيس مجلس وزراء العراق، لحزب البعث بمحاولته تدبير انقلاب ضد العملية السياسية في العراق مجرد ادعاءات وافتراءات لا صحة لها على الإطلاق»، مشيرا إلى أن «هذه الادعاءات محاولة من المالكي لتبرير المداهمات القاسية للعوائل العراقية لاعتقال أبنائهم بتهمة انتمائهم لحزب البعث، ومشاركتهم في تدبير الانقلاب المزعوم».

وفي الوقت الذي اعتبر فيه قيادي بالقائمة العراقية أن التصريحات التي أدلى بها رئيس مجلس الوزراء وزعيم ائتلاف دولة القانون، بخصوص مبدأ الشراكة الوطنية، واتهامه لبعض شركائه السياسيين (في إشارة إلى القائمة العراقية) بالتآمر لإسقاط العملية السياسية بأنها «مجرد لعبة قديمة - جديدة»، فإن تلك التصريحات ألقت بظلالها على مجمل الأوضاع السياسية في البلاد قبل أقل من شهرين من نهاية الانسحاب الأميركي من العراق.

وكان المالكي قد اتهم، في لقاء تلفزيوني، قيادات في القائمة العراقية بالتآمر من أجل إسقاط العملية السياسية والضلوع في الانقلاب البعثي المزعوم، الذي تم على ضوء المعلومات الواردة بصدده اعتقال أكثر من 615 بعثيا وضابطا سابقا من كل أنحاء العراق. كما اعتبر أن الهدف من إقامة إقليم صلاح الدين هو توفير ملاذ أمن للبعثيين الذين سيعودون من سوريا واليمن وليبيا، على أثر تدهور الأوضاع هناك.

وقال المرشدي لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من دمشق أمس، إن «موضوع الانقلاب مجرد فبركة من قبل المالكي لإشغال الرأي العام، وتبرير اجتثاث واعتقال أساتذة الجامعات وضباط الجيش العراقي السابق والوطنيين الرافضين للاحتلال والوجود الإيراني والعملية السياسية»، مؤكدا أن «من تم اعتقالهم لا علاقة لهم بأي تنظيم لحزب البعث، وليس لهم أي نشاط سياسي بهذا الاتجاه».

وأشار المرشدي إلى أن «حزب البعث (العراقي) ليس بحاجة إلى تدبير انقلاب، فقد أعلن برنامجه السياسي منذ قيام القوات الأميركية باحتلال العراق، والبرنامج يتلخص في تحرير البلد من أي وجود أجنبي، ومن ضمنه الوجود الإيراني، ومقاومة الاحتلال»، منبها إلى أن «العملية السياسية في العراق سوف تنهار بخروج القوات المحتلة، ولهذا لسنا بحاجة لتدبير انقلاب مزعوم، والهدف من هذه الادعاءات هي إخلاء الساحة للميليشيات المسلحة ولإيران».

ونفى الممثل الرسمي لحزب البعث، جناح عزة الدوري، أن تكون «لحزبنا أي علاقة بالقائمة العراقية (بزعامة إياد علاوي)»، وقال: «لا علاقة لنا بالقائمة العراقية، ولا بأي من قياداتها، وهم لا يمثلوننا، كما أننا لسنا بحاجة إلى قائمة تغطي نشاطاتنا؛ فنحن أعلنا ونعلن عن نشاطنا بوضوح ولا نحتاج لمن نتستر خلفه»، مشيرا إلى «أننا ننظر إلى القائمة العراقية كأي كتلة أخرى شاركت بالعملية السياسية في ظل الاحتلال، ونحن لا نعترف بهذه العملية السياسية، ولا بمن يشارك بها».

وحول ما أعلن من أن النظام السوري «قام بتسليم المالكي معلومات عن الانقلاب المزعوم وأسماء من سيشارك فيه»، قال المرشدي: «هذه أيضا فبركة استخباراتية عراقية لخلق فتنة بين الإخوة السوريين وشعبنا العراقي، إذ كيف يعقل أن يسلم الإخوة السوريون معلومات عن بعثيين عراقيين في العراق، حسب ادعاء المالكي، وهم (السوريون) يسمحون لنا بالعمل على الأراضي السورية؟!»، نافيا «أي مضايقة أو تحديد لنشاطنا الوطني من قبل الإخوة السوريين، الذين يعرفون بأن نشاطنا يهدف إلى مقاومة الاحتلال للعراق».

وفي هذا السياق، كشف القيادي بائتلاف دولة القانون، عدنان السراج، وهو أحد المقربين من المالكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ملامح المؤامرة كانت واضحة، وأن من كشفها لنا هم شركاء القيادات التي حضرت اجتماعات فندق لارسا في عمان»، مشيرا إلى أن «خلافا طرأ بين المجتمعين حول الحصص والمناصب وغيرها من الأمور، جعل بعضهم يكشف أبعاد هذه المؤامرة»، موضحا أن «تساؤل المالكي بشأن كيف يمكن لشريك أن يقوم بنفسه بإسقاط العملية السياسية إنما هو حجة على هؤلاء الذين هم مسؤولون في الدولة، بالإضافة إلى أن من شأن ذلك أن يسقط هيبة الدولة».

وأضاف السراج أن «من كشف أبعاد وخيوط المؤامرة وزارة الداخلية، التي قامت بعمل مهم في هذا الإطار»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنهم «حاولوا زرع الرعب في صفوف كل البعثيين، وهو أمر غير صحيح، حيث إن الخطة شملت المتآمرين فقط».

ومن جانبه، اعتبر القيادي في القائمة العراقية عصام العبيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مما أعلنه المالكي عن وجود مؤامرة ومخطط لا يعدو أن يكون مجرد لعبة قديمة - جديدة، حيث إن المالكي يستخرج مثل هذه الورقة كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وقد تعودنا مثل هذا الأمر»، مضيفا أن «التوقيت هذه المرة مرتبط بمسألة انسحاب القوات الأميركية من العراق وذلك بهدف خلق أمر واقع بعد الانسحاب لتشديد القبضة الأمنية».

وأكد العبيدي أن «هذا كله يدل أن المالكي ودولة القانون لا يؤمنون بالشراكة الوطنية، وأن كل هذه المسائل تهدف إلى عدم تنفيذ الاتفاقات التي بدأت منذ قضية مجلس السياسات العليا فالوزارات الأمنية وغيرها من الملفات العالقة». وأشار إلى أن «هذه التصريحات تأتي استكمالا لما قام به وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ليس على صعيد اجتثاث أساتذة من جامعة تكريت فقط، وإنما فيما قام به في مركز الوزارة»، معتبرا أن «هذه المسائل لم تعد تنطلي على أحد، وأن العراقيين جميعا أدركوا حقيقة ما يجري حولهم، لا سيما أن عملية افتعال الأزمات مستمرة».