كلينتون: مهام صعبة تنتظر قادة ليبيا لأنهم لا يتمتعون بالخبرة

قالت: استغرقت وقتا لأقتنع بتشكيل ائتلاف لدعم المعارضة الليبية.. وسياستنا حققت المتوقع في فترة قصيرة

وزيرة الخارجية الأميركية يلاري كلينتون (أ.ب)
TT

في حوار مع صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، الأسبوع الماضي، أوضحت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، الكثير من النقاط حول الحملة التي ساعدت على الإطاحة بالعقيد الليبي، معمر القذافي.. كما أبدت كلينتون مخاوفها من صعوبة المهمة المقبلة أمام قادة ليبيا الجدد، لما قالت إنه عدم تمتعهم بالخبرة السياسية الكافية.

وإلى أبرز ما جاء في الحوار..

> تعليقا على هزيمة القذافي والسياسة التي اتبعتها إدارة الرئيس أوباما، قالت كلينتون: «أعتقد أننا اتبعنا سياسة سيثبت التاريخ صحتها، سياسة تتناسب مع قيمنا ومصالحنا الاستراتيجية في المنطقة، وقد تبين أنها حققت النتيجة التي توقعناها في فترة زمنية قصيرة نسبيا».

وأضافت: «نعيش في عالم معقد للغاية، عالم تكون فيه القيادة الأميركية شيئا ضروريا، وتكون الأشياء التي نريد أن نراها في مصلحتنا الوطنية مهمة بالدرجة التي تجعلنا، إذا لزم الأمر، نقوم بعمل من طرف واحد، ولكننا نفضل أن نقوم بذلك من خلال تحالف دولي يتفهم المصالح والقيم التي تتعرض للخطر».

> أما عما شاب القرار الأميركي من تردد مبدئي في ما يتعلق بفرض منطقة حظر الطيران، فقالت كلينتون: «في البداية، لم تكن كيفية القيام بذلك واضحة. لقد استغرق الأمر بعض الوقت بالنسبة لي حتى أقتنع بأنه من الممكن تشكيل ائتلاف ذا مصداقية، من شأنه أن يكون قادرا على دعم المعارضة، ودعم اتخاذ إجراءات قوية في الأمم المتحدة، ثم يأتي بعد ذلك نوع الدعم العسكري المطلوب من أجل تحقيق النجاح».

وتابعت: «كان هناك الكثير من الأسئلة داخل الحكومة حول ما إذا كان يتعين علينا القيام بأي شيء؛ وإذا كان الأمر كذلك، فما الذي يتعين علينا القيام به، وما هي طبيعة الدور الذي يجب أن تلعبه الولايات المتحدة. وكان من المهم القيام بذلك الدور – من أجل إرساء أساس العمل، مما يعني أنه كان يتعين علينا معرفة هوية هؤلاء الأشخاص، ومعرفة مدى جديتهم ومدى قدرتهم في الوقت نفسه، كما كان يتعين علينا معرفة مدى استعداد جامعة الدول العربية والدول العربية للتحول من الأقوال إلى الأفعال، ومعرفة مدى استعدادهم لتقديم الدعم اللازم، وكان ينبغي علينا التأكد من أن الأمم المتحدة سوف تمرر قرارا من شأنه أن يمكن المجتمع الدولي، بدءا من فرض عقوبات وتجميد أصول، ثم فرض منطقة حظر الطيران لحماية المدنيين. وحتى يتم معرفة كل ذلك، كانت هناك محادثات دبلوماسية مكثفة».

> وحول ضمان الدعم العربي للمهمة، أفادت كلينتون: «لقد كان طلب جامعة الدول العربية التحرك هو نقطة التحول في التقييم الدولي. وكما قلت، كان ينبغي علينا القيام بالكثير حتى نتأكد من أنهم قد فهموا ما يطالبون به عندما طالبوا بفرض منطقة لحظر الطيران، حتى لا يكون هناك أي تبادل للاتهامات بعد ذلك؛ ولذا قمنا بالكثير ووضعنا الأساس الذي سنسير عليه، وعندما عقدت جامعة الدول العربية اجتماعا وقالت نعم نريد منكم أن تقوموا بذلك، كان من المهم جدا أن يشاركوا هم في ذلك، وقد قاموا بذلك بالفعل. وعلى الرغم من أن مصر وتونس لم تشاركا بأي دعم عسكري، فإن الدعم الذي قدمتاه على الحدود كان ضروريا للغاية».

> أما عن المخاوف بشأن وصول المشكلة إلى طريق مسدود، فقالت كلينتون: «لقد فكرت بالفعل فيما إذا كان لدينا الصبر اللازم للاستمرار في تلك المهمة أم لا، وكنا نرى أن المهمة ستنجح في النهاية. وعلى مدار بضعة أسابيع، كانت هناك مكالمات مستمرة بين مسؤولين بارزين في الأمن القومي وقادتنا العسكريين الذين كانوا جزءا من بعثة حلف شمال الأطلسي لتقديم الدعم، وكان فهمنا للوضع يتحسن يوما بعد يوم. لقد كانت مهمة حلف شمال الأطلسي، جنبا إلى جنب مع حلفائنا العرب، تسير بشكل أكثر سلاسة.

في البداية، لم تكن لدينا فرق على الأرض حتى تمدنا بالمعلومات الاستخبارية وتقوم بدور المراقبة والاستطلاع، الذي عادة ما يوجد في مثل تلك العمليات، وقال الرئيس إنه لن تكون هناك قوات برية في تلك المهمة. وفي البداية، كان هناك عدد قليل للغاية من المعارضين الذين لا يحملون الجنسية الليبية، وكان لا يمكن أن يكونوا بأي شكل من الأشكال جزءا من عملية القيادة والسيطرة، ولذا كانت هناك صعوبة في معرفة الوضع والمرحلة التي وصلنا إليها».

> وعلقت كلينتون على المعارضة السياسية في الولايات المتحدة بقولها: «لقد واجهنا مشكلة تتمثل في أن الكثيرين في الكونغرس كانوا إما داعمين أقوياء لتلك الحملة ويطالبوننا بالقيام بالمزيد، وإما غير داعمين للحملة ويطالبوننا بالخروج وعدم الاستمرار. وشعرت كما لو أننا لا نقوم بما ينبغي علينا القيام به بشكل فعال.

وكان ما قلته، سواء على الملأ للصحافة أو وراء الأبواب المغلقة أمام الكونغرس، هو ما قلته عندما تم الهجوم علينا في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وهو طلب المساعدة من حلف شمال الأطلسي واستخدام المادة الخامسة من أجل الدفاع الجماعي. ولدينا حلفاء، حلفاؤنا في حلف شمال الأطلسي بالإضافة إلى ائتلاف واسع مكون من نحو 48 دولة، في أفغانستان منذ عقد من الزمن. إنهم يأتون إلينا ويقولون إن هذا يصب في مصلحة الأمن القومي وإنه قريب جدا من المكان الذي يعيشون فيه. لا أعتقد أنك تستطيع أن تكون قائدا لتحالف وتفترض أن يقوم الجميع بما تظنه مهما ما لم تستمع وتحترم ما يعتقدون هم أنه مهم».

> أما عن تطبيق ما يسمى بـ«النموذج الليبي»، فقالت كلينتون: «ستتم دراسة هذا النموذج لفترة طويلة؛ لأنه كان نموذجا حقيقيا لما كنا نعنيه، والآن استفاد هذا النموذج من المؤسسات القائمة، مثل حلف الناتو، وسعى للحصول على الشرعية من مؤسسات مثل الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. لقد قامت الولايات المتحدة بتجميع الصورة برمتها، وأعطت كل طرف الدور الذي يتعين عليه القيام به، ولأنك على صواب، فدائما ما تعاني وتواجه الشكوك والمتاعب.

أعتقد أننا بحاجة للتعلم من تلك الدروس، وبحاجة إلى تقييم وضعنا الحالي وما أنجزناه معا والتكاليف التي تكبدناها. ولكني أعتقد أن جزءا مما اكتشفناه هو أنه يتعين علينا أن نكون أكثر نشاطا ومرونة في التعامل مع الكثير من التحديات التي نواجهها، وينبغي علينا ألا نخجل من ذلك. ينبغي ألا يكون لدينا سيناريو واحد معد لكل المواقف».

> وحول التحديات التي تواجه ليبيا الجديدة، علقت كلينتون بقولها: «أولا وقبل كل شيء، يتعين عليهم أن يعملوا على توحيد البلاد، وسيكون هذا تحديا هائلا، كما يتعين عليهم معرفة كيفية التوفيق بين مختلف المعتقدات السياسية والدينية وتوحيد جميع القبائل، وينبغي عليهم التعامل مع التنافس الأبدي بين الغرب والشرق، بين بنغازي وطرابلس، وينبغي عليهم أن يكونوا واضحين للغاية في ما يتعلق بجدول أعمالهم حتى تتم تلبية احتياجات جميع الفئات المختلفة.

إنهم يواجهون مهمة سياسية في غاية التعقيد، ولا يتمتعون بخبرات كبيرة في السياسة، ولذا فإننا نقدم كل أنواع الدعم والمساعدة التقنية. إنها مهمتهم الكبرى، وهناك مهمة ثانية لا تقل أهمية وهي تشكيل الحكومة.

إن قادة ليبيا الجدد يتسمون بالحكمة، وإنه على الرغم من كل الصعاب، فإن طبقة أصحاب الكفاءات في البلاد قد صمدت أمام النزاع، وأعتقد أن بعض المغتربين سوف يعودون للبلاد، ولذا فإننا سنقدم الدعم لهم قدر المستطاع».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»