الحكومة المصرية تناقش مع الأحزاب ملامح الدستور الجديد

في غياب الإسلاميين وحضور الليبراليين

TT

بعد أن هدأت حمى الوثائق الدستورية في مصر، في أعقاب الجدل بين الأحزاب والقوى السياسية حول أولوية كل من الانتخابات البرلمانية أو وضع دستور جديد للبلاد، وجه الدكتور علي السلمي، نائب رئيس الوزراء للشؤون السياسية والتحول الديمقراطي، الدعوة لجميع القوى السياسية التي سبق أن شاركت في إعداد المعايير والمبادئ الخاصة بالدستور الجديد، اليوم (الثلاثاء)، لمناقشة خريطة الطريق لملامح وشكل الدستور الجديد للدولة المدنية، مؤكدا أن الحكومة تقف على مسافة واحدة من جميع الأحزاب، وأضاف أن خريطة الطريق للدستور الجديد لا تعتبر «وصاية» على الأحزاب، ولكنها تعبير عن مطلب وطني متكرر في الدساتير العالمية وحقوق الإنسان والمواثيق الدولية. وأشار السلمي إلى أن المبادئ التي سيتم الإعلان عنها ستمثل كافة الاتجاهات بما يضمن تشكيل دولة جديدة قائمة على الديمقراطية. واختتم السلمي تصريحاته، بقوله إن مجلس الشعب بعد انتخابه سيختار 100 شخصية أعضاء في الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور، على أن تتولى إعداده خلال 6 أشهر، وعلى أن يطرح بعد ذلك للاستفتاء عليه بعد 15 يوما من التوافق عليه من الجهات المعنية.

كانت مصر شهدت في الفترة السابقة جدلا واسعا حول الوثائق الدستورية والمبادئ الحاكمة للدستور التي اقترحتها بعض القوى الرسمية وغير الرسمية لتكون مبادئ يلتزم بها واضعو الدستور الجديد، وفي أعقاب هذا الجدل صدرت أكثر من ثمان وثائق للمبادئ الدستورية الحاكمة، وأصدر إحداها المجلس العسكري (الحاكم) سعيا منه لتهدئة مخاوف القوى الليبرالية، التي ترفع شعار الدستور المدني، من سيطرة القوى الإسلامية على البرلمان الجديد وبالتالي السيطرة على اللجنة التي سيشكلها البرلمان لوضع الدستور، وتأتي دعوة السلمي لاجتماع اليوم في نفس هذا الإطار. وبينما رفضت أحزاب وقوى إسلامية الدعوة واعتبرتها مجرد تكرار لأفكار المبادئ فوق الدستورية، رحبت القوى الليبرالية واليسارية بالدعوة، وأعلن حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، رفضه لدعوة السلمي، معتبرا أن السلمي قد سبق أن حاول «شغل الرأي العام» بنفس القضية تحت عناوين مختلفة. وقال الحزب في بيان له إن الدعوة لا تختلف عن الدعوات السابقة حول المبادئ فوق الدستورية أو الإعلان الدستوري، وهي العناوين التي سبق أن أعلن الحزب موقفه الحاسم برفضها، مؤكدا أنه لا يجب ألا تستبق الدستور الجديد أي نوع من أنواع الوصاية، معتبرا أن أي تدخل في طريقة تشكيل اللجنة أو وضع مبادئ لها هو تجاهل للإرادة الحرة للشعب المصري وتعطيل لعمل البرلمان، مؤكدا أنه لن يشارك في أي من هذه الاجتماعات، قائلا إن اللجنة يجب أن تشكل من خلال نواب الشعب المنتخبين. وأكد الدكتور حمدي حسن، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، أنه «لا توجد قوة فوق قوة الشعب وأنه طبقا للإعلان الدستوري، فإن مجلس الشعب هو المسؤول عن تشكيل لجنة وضع الدستور وإن الذين سيحضرون الاجتماع اليوم لا يمثلون إلا أنفسهم»، وتابع: «إذا أردنا العمل بالديمقراطية، فالديمقراطية تؤكد احترام الشعب، وبغض النظر عن نتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة فإنها ستعبر عن رغبة الشعب في فريق دون آخر، وبالتالي لا بد من الالتزام بقواعد الديمقراطية وعدم وضع مبادئ فوقها أو معايير تحد منها».

ومن جهتها، أعلنت الجماعة الإسلامية أمس عدم مشاركتها في المؤتمر، معتبرة أن السلمي شخص غير منتخب، وغير ممثل لأي سلطة تنفيذية (منتخبة) تخوله فرض معايير لتشكيل هيئة تأسيسية، وأن هذه المهمة هي مهمة أعضاء مجلسي الشعب والشورى المنتخبين. من جانبه، أكد الدكتور محمد حامد، عضو المكتب السياسي لحزب المصريين الأحرار ومنسق الحقوق والحريات بالحزب ذي التوجه الليبرالي، أن هناك تخوفا من سيطرة بعض التيارات الدينية المتشددة على لجنة وضع الدستور، لأن الدستور سيكون الوثيقة الأولى التي يتم من خلالها حكم البلاد، وقال «إنه نظرا للوضع السياسي الذي تعيشه مصر في الوقت الحالي، نحن نطالب بوثيقة تؤكد مدنية الدولة، وحماية الحقوق والحريات، وحماية الأقليات في مصر، وهي مبادئ يتوافق عليها الجميع». وتابع حامد: «تكمن المشكلة في أن بعض التيارات الإسلامية تظن أنها ستحصل على الأغلبية في البرلمان المقبل، وبالتالي تحتكر اختيار أعضاء اللجنة ووضع الدستور وفقا لتوجهاتها، وهو ما نعارضه لأن دستور الدولة يجب أن يكون معبرا عن كافة الأطياف، وليس عن جهة واحدة حتى لو كانت ذات الأغلبية البرلمانية».

من جهة أخرى، أعلن السلمي أن قانون إفساد الحياة السياسية «الغدر» سيصدر خلال أيام، وسيتم تطبيقه على كل من يثبت تورطه في إفساد الحياة السياسية مهما كان شأنه ومهما كان منصبه وانتماؤه، وأضاف في لقاء مع صحافيين بمجلس الوزراء أنه سيتم أيضا تطبيق القانون بحسم وفي أي وقت حتى لو كان من ضمن المرشحين للانتخابات أو الفائزين فيها.