صالحي ينهي مباحثات «ناجحة» في بغداد تمهد لمرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي

مستشار حكومي لـ «الشرق الأوسط»: : ملفا «بيجاك» و«مجاهدين خلق» أبرز القضايا التي تمت مناقشتها

زيباري وصالحي خلال مؤتمرهما الصحافي في مقر وزارة الخارجية ببغداد، أمس (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي تجنب فيه وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي الذي أنهى أمس مباحثات وصفت بأنها ناجحة مع كبار المسؤولين العراقيين، الإشارة إلى الانسحاب الأميركي من العراق نهاية العام الحالي، فإن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد كان قد تكفل بهذه المهمة في طهران وذلك خلال استقباله رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني أول من أمس عندما أشار إلى أن «الأمن والاستقرار هما أساس تطور أي شعب من الشعوب»، معربا عن ارتياحه إزاء «تعزيز الأمن في العراق»، حسب ما نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إرنا).

من جانبه، أكد بارزاني خلال اللقاء ضرورة تعزيز التعاون الثنائي بين الجانبين في مختلف المجالات، متحدثا كزعيم عراقي وليس كرئيس للإقليم الكردي، قائلا «إنه على إيران والعراق العمل معا من أجل تحقيق التطور وإقرار الأمن».

وكان صالحي وصل إلى بغداد مساء أول من أمس في وقت كانت قد راجت فيه أنباء عن وصول مسؤول أميركي رفيع المستوى إلى بغداد، مما أدى، طبقا للتسريبات الإعلامية، إلى تأجيل زيارة ذلك المسؤول عقب وصول صالحي.

وتأتي زيارة صالحي في وقت يعيش فيه العراق أزمة سياسية خانقة تتمثل في المساعي التي تبذلها السلطات العراقية للحيلولة دون انهيار الوضع الأمني بعد الانسحاب الأميركي وهو ما تمثل في سلسلة إجراءات تجلت في حملة اعتقالات لمئات من البعثيين وضباط الجيش العراقي السابق بدعوى التخطيط لانقلاب عسكري. غير أن هذه الحملة من الاعتقالات التي كانت قد سبقتها إجراءات لاجتثاث عشرات الأساتذة من جامعتي الموصل وتكريت قد ولدت رد فعل غير مسبوقة تمثل في إعلان مجلس محافظة صلاح الدين إقليما فيدراليا.

وكان صالحي قد أجرى مباحثات في بغداد مع الرئيس العراقي جلال طالباني الذي دعا، طبقا لبيان صدر عن مكتبه وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى «أهمية تفعيل العمل المشترك من أجل تطوير العلاقات الثنائية وتوسيع آفاق التعاون المستقبلي في الميادين السياسية والاقتصادية والتجارية ومجالات أخرى، لا سيما في هذه الظروف الحساسة التي تمر بها المنطقة» فضلا عن أن «قضايا أمن الحدود والاستقرار الضروري في المناطق الحدودية قضية مشتركة بين الطرفين».

وفي حين بحث صالحي قضايا عامة مع الرئيس طالباني، فإنه بحث وبشكل تفصيلي مع رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي ملف منظمة «مجاهدين خلق» الإيرانية. وفي هذا السياق، أبلغ مستشار في الحكومة العراقية «الشرق الأوسط» أن «من بين أهم الملفات التي بحثها صالحي مع المالكي قضية حزب الحياة الكردي الإيراني (بيجاك)، وملف منظمة (مجاهدين خلق) الإيرانية، مع التأكيد على أن هذا الملف لا بد أن يحسم نهاية العام الحالي».

وأضاف المستشار، الذي فضل عدم الإشارة إلى اسمه، أن «الزيارة التي قام بها صالحي إلى بغداد تأتي استكمالا لزيارات متبادلة بين البلدين كان آخرها الزيارة التي قام بها مؤخرا رئيس البرلمان أسامة النجيفي إلى طهران والتي تم الاتفاق خلالها على إعادة فتح الملفات العالقة بين البلدين وبحثها بكل شفافية ووضوح، لا سيما أن الأجواء العامة بين البلدين إيجابية الآن بالكامل مما يسمح بمناقشة كل الملفات»، موضحا أن «لدينا قضايا كثيرة مع الجانب الإيراني منها ملفات إنسانية تتعلق بالأسرى والمحتجزين العراقيين في السجون الإيرانية ليس منذ سنوات بل بعضهم منذ عقود، بالإضافة إلى قضية ترسيم الحدود، والمياه، والموضوع الاقتصادي، حيث إن إيران تملك قدرات كبيرة، وهو ما يحتاجه العراق»، معتبرا أن «جهود تنظيم العلاقة مع إيران تجيء في ظل توجه عراقي لبناء علاقات جيدة مع كل الدول المجاورة بلا استثناء».

وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري قد أكد من جانبه أن «إيران التزمت بشكل صريح وواضح مع الجانب العراق ببحث موضوع الأنهر وضمان حقوق العراق من المياه»، مشيرا خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني علي أكبر صالحي في بغداد إلى أن «الجانب الإيراني أبلغنا أيضا أن هناك خطا للطاقة الكهربائية بين الكرخة والعمارة سيزود العراق بـ500 ميغاواط إضافية من الكهرباء»، معلنا أن «هذا الخط سيرفع كمية المستورد إلى ألف وثلاثمائة ميغاواط من الجمهورية الإسلامية». وأضاف زيباري أن «هناك أيضا تعاونا لاستيراد المشتقات النفطية من النفط الأبيض والكاز (الكيروسين)». من جانبه، أكد وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي أن «العراق سيعود إلى مكانته المرموقة كما كان سابقا»، مشيرا إلى أن «إيران على يقين بأن العراق سوف يستعيد تلك المكانة ليكون المصدر للديمقراطية والحرية والرفاهة الاجتماعية في العالم».