المالكي يحشد عشائر وبرلمانيين لوأد إقليم صلاح الدين.. والحكومة تفرض حظرا للمظاهرات

قيادي في «دولة القانون» لـ «الشرق الأوسط»: : الوقت غير مناسب والخلفيات طائفية

TT

في الوقت الذي صعد فيه رئيس مجلس الوزراء العراقي نوري المالكي من موقفه الرافض لإقامة إقليم فيدرالي في محافظة صلاح الدين (180 كم شمال غربي بغداد)، استمر الجدل السياسي والجماهيري حيال هذه الخطوة بين مؤيد ومعارض ومتحفظ. وبينما يسعى مجلس محافظة صلاح الدين إلى ترويج طلبه الخاص بإقامة إقليم مستقل إداريا واقتصاديا، فإنه، وطبقا لما أبلغ به المستشار الإعلامي في مجلس محافظة صلاح الدين «الشرق الأوسط»، بأن «الحكومة المحلية في تكريت قررت فرض حظر على المظاهرات الجماهيرية سواء كانت المؤيدة لقرار مجلس المحافظة أو المعارضة له»، مضيفا أن «هذا القرار جاء لغرض توفير جو هادئ للتعامل مع الموضوع بعيدا عن توتير الأجواء وشحنها بين أبناء المحافظة».

وكانت قد انطلقت الجمعة الماضية مظاهرة في ناحية العلم بتكريت، نددت بإعلان رئيس الوزراء نوري المالكي رفضه المسبق لقرار مجلس المحافظة بتحويلها إلى إقليم ضمن العراق الموحد.

وفي الوقت الذي كرر فيه المالكي رفضه إقامة إقليم فيدرالي في محافظة صلاح الدين، وذلك خلال حوار تلفازي نقلته القناة الحكومية الرسمية قناة «العراقية»، واصفا الأمر بأنه عملية توفير ملاذ آمن للبعثيين العائدين من سوريا واليمن وليبيا إثر تدهور الأوضاع هناك - فإنه بدا بحشد شيوخ ووجهاء ومجالس إسناد تكريت بمساعدة عدد من أعضاء البرلمان العراقي عن محافظة صلاح الدين الرافضين للمشروع، وفي المقدمة منهم قتيبة الجبوري رئيس قائمة «العراقية البيضاء» المنشقة عن القائمة العراقية، وعلي الصجري الذي ينتمي إلى تحالف الوسط، وذلك للحيلولة دون إتمام الإجراءات الخاصة بتقديم الطلب إلى مجلس الوزراء، لكي يأخذ طريقه إلى البرلمان، ومن ثم الاستفتاء الجماهيري.

وقال المالكي خلال استقباله حشدا من الشيوخ والوجهاء بحضور الجبوري والصجري، وطبقا لبيان صدر عن مكتبه وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «وحدة العراق ليست ثمنا للحصول على مقعد في مجلس النواب أو مجلس المحافظة، لأن العراق أكبر من الوزير ومن رئيس الوزراء»، مشيرا إلى أن «جميع محافظات العراق ترفض فكرة التقسيم، وهذا ما لمسناه خلال لقائنا بالجماهير خلال الانتخابات»، لافتا إلى أن «تنفيذ الفيدرالية في هذا الوقت قد يفتح أبوابا للتفرقة والاقتتال الداخلي». على الصعيد نفسه، أكد عضو البرلمان العراقي عن «دولة القانون» إحسان العوادي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، وذلك ردا على سؤال بشأن نوع المخالفة التي أقدم عليها مجلس محافظة صلاح الدين عند إعلانه رغبته في تحويل المحافظة إلى إقليم، في ظل نصوص دستورية تجيز ذلك - أن «الدستور بالفعل يجيز ذلك، ولكنه رهنها بنوع من التوقيتات، التي من أبرز مقوماتها الاستقرار، فضلا عن تشريع قانون خاص بذلك». وأضاف أن «الفيدرالية في الدستور العراقي ليست بدعة، وهذا صحيح، ولكنها لا يمكن أن تقوم من دون دراسة وتوافق وطني بعيدا عن الانفعالات أولا والأجندات ثانيا»، مشيرا إلى أن «العراق يمر اليوم في ظل ظرف استثنائي، يتطلب منا جميعا مواجهة الحقيقة، وهي أن الانسحاب الأميركي من العراق ليس عملية هينة، وبالتالي فإن توقيت إعلان فيدرالية هنا أو هناك مع ظرف الانسحاب الأميركي أمر ينطوي على ريبة وشكوك تجعل من الصعب معه التعامل في إطار الدستور». وأوضح العوادي أن «العراق سيمر بعد الانسحاب بمرحلة من التحدي، ولذلك فإن الوقت هنا يتطلب الوحدة لا التقسيم تحت هذه الذريعة أو تلك»، مشيرا إلى أن «الأهم في الأمر أيضا أن الدعوة لإقامة هذا الإقليم ليست نزيهة تماما، بل هي محاولة لتوفير غطاء آمن للبعثيين العائدين من سوريا واليمن وليبيا، وهي مرتبطة بشكل أو بآخر بمحاولات الانقلاب على العملية السياسية، وهو ما يتطلب أن ينتبه إليه الجميع»، معتبرا أن «أهالي صلاح الدين بدأوا يفهمون حقيقة ما يجري، ولذلك بدا الرفض يتصاعد من قبل الأهالي والمسؤولين هناك، لا سيما أن الخلفيات التي تقف خلف هذا المخطط الذي تورط مجلس محافظة صلاح الدين في تنفيذه - إنما هي خلفيات طائفية». وكان النائب في البرلمان العراقي عن محافظة صلاح الدين علي الصجري، قد أكد في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» أن «أي مسعى لتحويل محافظة صلاح الدين إلى إقليم فيدرالي لن يكتب لها النجاح»، معتبرا أن «الشارع هو الذي سيرفض هذا الأمر، خصوصا أن الخلافات مع الحكومة المركزية لا يمكن أن تحل بهذه الطرق التي تلحق في النهاية الأذى بالبلد كله».