مبعوث الأمم المتحدة محذرا إسرائيل: احتمال استقالة أبو مازن جدي جدا.. وهذا خطير

بعد قرار «اليونيسكو» ورفض الاقتراح بإجراء مفاوضات سرية

طالبتان فلسطينيتان تمران من أمام رسم على جدار يجسد المساعدات الدولية الإنسانية لغزة (أ.ب)
TT

في الوقت الذي اتخذ فيه القرار بقبول فلسطين عضوا كاملا في «اليونيسكو»، ونشر أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، رفض عرضا إسرائيليا بإجراء مفاوضات سرية، خرج نائب رئيس الحكومة ووزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، باقتراح يدعو حكومته إلى مقاطعة السلطة الفلسطينية والكف عن أي تعاون معها. وكان ليبرمان يتكلم في اجتماع لأعضاء كتلته البرلمانية، بعد ظهر أمس، بعيد الإعلان عن قرار «اليونيسكو» ضم فلسطين إلى عضويتها، وبدا غاضبا جدا من القرار. وقال إن «أبو مازن ورفاقه يقودون معركة لفرض الدولة الفلسطينية على الأمم المتحدة ومؤسساتها، ويديرون حملات عدائية رهيبة ضد إسرائيل في الخارج، ويرفضون في الوقت نفسه العودة إلى أي مفاوضات سلام مع الحكومة الإسرائيلية، ثم يتظاهرون بأنهم معتدلون أكثر من حماس. يجعلون منا مسخرة، يحولوننا إلى (أهبل الحارة) في الشرق الأوسط. يبصقون في وجوهنا المرة تلو الأخرى. ولا يعقل أن نظل صامتين. هم لا يريدوننا، فلماذا نريدهم؟ يجب وضع حد لهذه المهزلة. إننا ملزمون بقطع أي صلة بهم».

وخوفا من أن تفسر أقواله بأنه يفضل حماس على السلطة الفلسطينية، قال ليبرمان: «لدينا اتفاق ائتلافي مع الليكود، وضعنا فيه نصا صريحا بأن نسقط حكم حماس في قطاع غزة. نحن لم نتخل عن هذا الهدف ونصر على تحقيقه».

وكانت أوساط سياسية من مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قد كشفت، أمس، أن إسرائيل عرضت مؤخرا، اقتراحا على السلطة الفلسطينية، أن تبدأ في مفاوضات سرية بينهما بشأن التسوية الدائمة، ولكن الرئيس عباس رفض ذلك بشكل قاطع. وحسب صحيفة «معاريف»، فإن الكشف عن الاقتراح تم خلال جلسة مطولة من الأبحاث في مكتب رئاسة الحكومة الإسرائيلية، جرت مؤخرا، بحضور كبار المسؤولين في ديوان رئيس الوزراء ووزارة الخارجية والجهات الأمنية ذات الصلة، وخصصت لتقييم الموقف الفلسطيني. والاقتراح يتحدث عن محادثات سرية بمستوى رئيسي الوفدين المفاوضين، يتسحاق مولخو (إسرائيل) وصائب عريقات. وقد نقل الاقتراح إلى عريقات، خلال الأسبوع الماضي، وهو الذي نقل رد عباس بعد التباحث فيه معه. وقال فيه إن منظمة التحرير تفضل استمرار المحادثات غير المباشرة بواسطة الرباعية الدولية، علما بأن الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، وافقا على طلب الرباعية تقديم اقتراحاتهما في مسألتي حدود الدولة الفلسطينية والترتيبات الأمنية معها، حتى شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.

وقد رد نتنياهو على الرفض الفلسطيني في تلك الجلسة قائلا: «هذا الرجل - يقصد الرئيس عباس - هو رافض مزمن للسلام. يدير ظهره إلى إسرائيل وإلى الولايات المتحدة ويحسب أن هذا سيحقق له المكاسب». وقال مصدر سياسي مقرب من نتنياهو، إن عدم التوجه إلى مفاوضات مباشرة، سرية أو علنية، يجعل المفاوضات صعبة ومعقدة وغير قابلة للنجاح. فقد سبق وجرت بينهما محادثات غير مباشرة خلال السنتين الأخيرتين لم تسفر عن أي نتيجة. ولذلك فإن إسرائيل مقتنعة بأن خارطة الطريق التي رسمتها الرباعية الدولية للمفاوضات ستفشل، وما سيحصل في يناير (كانون الثاني) هو مجرد عرض اقتراحات أولية، تحتاج إلى مفاوضات ناجعة.

ونقل على لسان نائب المدير العام لشؤون المجتمع الدولي في وزارة الخارجية الإسرائيلية، أبيتار منور، أن الحكومة الإسرائيلية مقتنعة بأن الفلسطينيين لم يعودوا معنيين في المفاوضات الثنائية. وقد قرروا سلوك طريق الفرض على إسرائيل من المجتمع الدولي. وقال إن معلومات توفرت لدى الخارجية الإسرائيلية تقول إن السلطة الفلسطينية، وبعد قبولها في «اليونيسكو»، تنوي التوجه إلى منظمات دولية أخرى لقبولها عضوا كاملا، مثل: منظمة الاختراعات الدولية (WIPO)، ومنظمة التطوير الصناعي في الأمم المتحدة (UNIDO) وغيرهما من المنظمات التي لا تحتاج العضوية فيها إلى تصويت، بل يتم قبولها بعد سلسلة إجراءات بيروقراطية.

وقال منور إن القيادة الفلسطينية ترتكب خطأ فادحا في تقديراتها حول التطورات العالمية، إذ إنها تستخف بأضرار الصدام الذي تديره مع الولايات المتحدة. وأضاف: «هذا تبجح غير مسبوق من الطرف الفلسطيني وسيدفعون ثمنه باهظا». تجدر الإشارة إلى أن مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، روبرت ساري، الذي برز مؤخرا في نقده للسلطة الفلسطينية على توجهها إلى «اليونيسكو»، صرح في مقابلة خاصة مع صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، بأنه يجب على إسرائيل أن تنظر بجدية بالغة إلى خطر استقالة الرئيس محمود عباس وتفكك وانهيار السلطة الفلسطينية. فهذا الخطر قائم بجد وليس بغرض المناورة، ومن شأنه أن يدهور المنطقة إلى دائرة جديدة من العنف. واتهم ساري الحكومة والرأي العام في إسرائيل على السواء أنهما لا يعرفان كيف يصغيان لصرخات اليأس الفلسطيني الصادرة عن رام الله. وقال: «أنتم تحسبون أنكم في وضع مريح بسبب الجمود في المفاوضات وغياب العنف. ولكن هذا الهدوء ناجم عن التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية. ولكن هذا التنسيق لا يمكن أن يدوم في غياب الأفق السياسي».